الابتلاء باتجاهات التعصب المذهبي والجمود والتخلف الفكري

الابتلاء باتجاهات التعصب المذهبي والجمود والتخلف الفكري

 

 

الابتلاء باتجاهات التعصب المذهبي والجمود والتخلف الفكري

 

الدكتور الشيخ إحسان بعدراني([1])

باحث ومفكر وكاتب إسلامي- سورية

 

بسم الله الرحمن الرحيم 

اتّسم النصف الثاني من القرن الخامس الهجري بالتصارع المذهبي الذي استنفد جهود الأمة في جوانب لا طائل لها، في الحياة الاجتماعية والثقافية والسياسية والعملية، وأصابها بالجمود والتخلف الفكري، وقسمها إلى فرق متنافرة متناحرة، وأبعدها عن قضاياها الجوهرية في وحدتها إلى اهتمامات هامشية مذهبية.

 

لقد أضحت كل فرقة تعتبرُ نفسها أنها صاحبة الحق في الوجود على مسرح الحياة، فالحنابلة على سبيل المثال يَرَوْنَ أنفسهم أوصياء على غيرهم من المسلمين في المجتمع الإسلامي، وأنهم أصحاب الفهم الصحيح للإسلام دون غيرهم وأنهم حرَّاس هذا الدين، حتى إذا حاول الآخرون الخروج عن فهمهم، أثاروا الناس ضدّهم في الشوارع والجوامع والمجامع، في الوقت الذي كان الأشاعرة يرمون الحنابلة بضيق الأفق وسطحية الفكر وحرفيّة السطر.

 

يقول ابن عساكر في كتابه (تَبْيين كذب المفتري فيما نُسِبَ للإمام أبي الحسن الأشعري) ([2]).

 

(... وعلى الجملة فلم يزل في الحنابلة طائفة تغلو في السنة وتدخل فيها ما لا يعنيها حُبَّاً للخوض في الفتنة، ولا عار على أحمد (رحمه الله) من صنيعهم، وليس يتّفق على ذلك رأي جميعهم) إلى أن قال: (... رجلان صالحان بُليا بأصحاب سوء، جعفر بن محمد، وأحمد بن حنبل) ثم قال: (فمن ذمّ بعد وقوفه على كتابي هذا حزب الأشعري، فهو مفترٍ كذاب، عليه ما على المفتري) ([3]).

 

يقول محمد حسين الذهبي في كتابه (التفسير والمفسرون) عن سبب التعصب للمذهب، ونشوء الاختلاف بين أتباع المذاهب: (إن أصحاب المذاهب قد نظروا إلى أقوال أئمتهم نظرة يقينية، فسخَّرُوا جهدهم لنصرتها والدفاع عنها وترويجها، وبالمقابل بذلوا ما في وسعهم لإبطال مذهب مَنْ خالفهم، ثم راحوا إلى آيات الأحكام فأولوها حسب ما يشهد لمذهبهم).

 

هذا التعصّب المذهبي أنتج إرهاباً فكرياً ضد الذين يخرجون على ما جاء في المذهب أو ينفتحون على المذاهب الأخرى، وأخذ يصمهم بعدم الالتزام وربما بالنّفاق، حتى صار الالتزام للمذهب هو الأصل والالتزام بالكتاب والسنّة هو الفرع، وما حصل لابن عقيل الحنبلي شاهد على ذلك حين تردّد على ابن علي بن الوليد المعتزلي ليحيط علماً بمذهب الاعتزال فدعاه أصحابه إلى هجرهم وترك مجالسهم([4]).

 

يقول أبو الوفا علي بن عقيل: (وكان أصحابنا الحنابلة يريدون مني هجران جماعة العلماء...) وحدثت بينه وبين الحنابلة - وهو منهم - فتنةٌ امتدّت بين عامي 461 - 465 هـ، وهذا مصداق قوله تعالى: (... وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ...) [آل عمران: 19].

 

وهكذا انقطع المسلمون عن الاتصال المباشر بالقرآن والسنة، وعكفوا على ما أُلِّفَ في المذهب، واعتقد أصحابه أن ما كتبه المؤلفون هو الفهم الصحيح المطلق للقرآن والسنة، وأسبغ بعضهم على المؤلفين ألقاباً كشيخ الإسلام وسلطان العلماء وإمام الأئمّة وحجّة الأمّة والحبر العلّامة... وأطروا وأشادوا بهم حتى ظهرت كتبُ الطبقات، كطبقات الحنابلة وطبقات الشافعية و...

 

وتذكر كتب التاريخ فتقول: في عام 475 هـ استقدم الشافعية أبا القاسم البكري الأشعري إلى المدرسة النظامية فوَعَظَ وأخذ يُعرّض بالحنابلة ويقول: (وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيْاطِينَ كَفَرُواْ) [البقرة: 102] والله ما كفر أحمد ولكن أصحابه كفروا، فقامت الفتنة داخل المدرسة وخارجها وهُوجِمت الدور ونُهِبَت الكتبُ([5]).

 

لقد تعطّل بالتعصب المذهبي الإبداعُ والاجتهاد والإصلاح أولاً، ودخل المتعصبون في نفق الانغلاق ثانياً، وابتعدوا عن الحياة والبيئة الاجتماعية والواقعية ثالثاً، حتى جفّت المفاهيم وتحجرت العقول وتوقّف المذهب عند الحواشي وحواشيها وعند شروح المتون وشروحها، وعند المختصرات ومختصراتها رابعاً، وانفرط عقد وحدة الأمة.

 

يقول الشيخ محمد الغزالي - رحمه الله - في كتابه (كيف نتعامل مع القرآن الكريم وعلى ص 166): (منهج العودة للقرآن يقتضي كمرحلة أولى نزع القدسية عن فهوم البشر، لكن هناك محذوراً في الاغتراف من القرآن مباشرة..) ونفهم أنه يرى خلاص الأمة الإسلامية ووحدتها في منهج عودةٍ للقرآن مقسومٍ إلى مراحل، لكنّه لم يضع أمامنا الخطوط العريضة على الأقل لهذه المراحل ولذلك المنهج، واكتفى بأنه يشير باقتضاب إلى مرحلة أولى منه هي نزع القدسية عن فهوم البشر، لكنه - مرة أخرى- لم يقل لنا كيف؟

 

إلا أننا نرى أن ما ذهب إليه من هذه الدعوة لأنه وجد بعض أصحاب المذاهب يرون مذاهبهم أنها - كالقرآن الكريم - لا يمسها إلا المُطَهَّرُون.

 

ونتساءل: هل القدسية التي يسبغها البعض على التراث وأهل التراث هي كقدسية القرآن الكريم؟ أم أنها ناتج ثقافي وتربوي، انغرست جذوره في الفكر الإسلامي، وتكرست المناهج التربوية عبر قرون وقرون لطمس القدرة على التمييز بين الثوابت والمتغيرات؟ أو بعبارة أخرى بين ما هو قرآن كريم من جانب وبين ما هو من فهوم البشر؟

 

وانطلاقاً من قوله تعالى: (.. كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ) [الطور 21] ، ومن قوله تعالى:

 

(وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَآئِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا * اقْرَأْ كَتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا * مَّنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) [الإسراء 13- 15].

 

نحن مع القائلين في أن نبدأ قراءة القرآن بأنفسنا وأن نفهمه بأنفسنا وأن نطبق تعاليمه كما قرأناها وفهمناها، مستعينين على سبيل الاستئناس بما فهمه الآخرون لا مقدّسين، ومتسلحين بما يجب أن يتسلح به قارئ القرآن من معارف فقهية ولغوية وعلمية وتاريخية، طالما أنّنا في النتيجة سنحاسب على أساس ما فهمناه وما عملناه، وليس على أساس ما فهمه الآخرون. ونحن لسنا مع القائلين بوجود محذور في الاغتراف من القرآن مباشرة.

 

لقد كنا نتوقع من الشيخ، بما عُرِفَ عنه من جرأة في الاجتهاد، وعمق في رؤية الواقع وفهم الشرع، أن يقترح كمرحلة أولى منع القراءة في التفاسير إلا للاستئناس، تمهيداً لإيجاد جيل قادرٍ على القراءة والفهم والاستنتاج، وليس جيلاً متلقياً أشبه بأشرطة التسجيل.

 

ويقول الشيخ الغزالي على ص 164: (الأمة الإسلامية حدث فيها العجب، تركت الكتاب للسنة، ثم تركت السنة لأقوال الأئمة، ثم تركت أقوال الأئمة لمؤلفي المتون، فقد درسنا في الأزهر المالكية من متن الدرديري أو متن العشماوية، ودَرَسْنَا الحنفية من متن نور الإيضاح أو متن القدوري، والشافعية من متن الغاية والتقريب) ا.هـ ووجود مثل هذه الفقرات الرائعة إنما تصلح أن تكتب بماء الذهب لما فيها من إضاءات في غاية الأهمية([6])، لمن يريد الخروج من نفق التعصب المذهبي الأعمى إلى رحاب ساحة وحدة الأمة.

 

ولقد وصف غيرنا كالإمام ابن تيمية هذه الظاهرة في زمانه بأنها نوع من الكهانة التي ينطبق على أهلها قوله تعالى: (اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ...) [التوبة 31].

 

وأضاف أن هذه الفئات لم يكن اتصالها بالقرآن إلا مجرد التلاوة بدون فهـم، ووصم هؤلاء بأميّـة التفكير انطلاقاً من قوله تعالى: (وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاَ يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلاَّ أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَظُنُّونَ) [البقرة 78].

 

وهكذا تحولت المذهبية فيما مضى إلى تحكيم رجال المذاهب لا إلى تحكيم القرآن والسنة، مما أدى إلى ظهور أصحاب المطامع الشخصية لتحقيق أطماعهم، وإلى تنافس رجالها تقرباً من أصحاب الجاه والسلطان والمال فازداد المكر والإيقاع فيما بينهم أكثر فأكثر.

 

تلك آثار سياسية، ثم حَدِّثْ ولا حرج على ما نتج من آثار اجتماعية واقتصادية وتربوية وغير ذلك أثرت على وحدة الأمة.

 

إنّ دعوتنا إلى فقه جديد (أي: إلى فهمٍ جديد) كائنة في العودة إلى الكتاب والسُّنّة، حتى يُدرك أجيالنا أن ما وصل إلينا من التراث الفقهي تكمن في بعضه جذور الانحرافات والاختلافات والتخلّفات في الوقت الذي تكمن فيه أصول الاجتهاد والتجديد والإصلاح، وعلى الأجيال تمحيص هذه الأكداس من التراث العقائدي والاجتماعي الذي اختلطت فيه المذاهب الفقهية والفرق الصوفية والجماعات الباطنية والاتجاهات الفلسفية، واستبعاد الغريب والدخيل الضارّ، واستبقاء الأصيل النافع، وتصفية ما لحِق به من التحريف والتبديل والتحوير والتشويه، وإحياء ما هَانَ أمرُه في نفوس الناس وحياتهم من خلال قراءة مطلوبة شاملة تحريّاً للحقيقة، وسعياً لإصلاح الأمة، وتجديداً لانطلاقها في الحياة، وإعادةً لمشاركتها في بناء الحضارة الإنسانية من خلال وحدتها.

 

ويحملُ هذه المهمة العلماء من هذه الأجيال حين يجعلون الأشخاص والأشياء تدور في خدمة الأفكار (الكتاب والسُّنّة) ويسعون إلى معالجة مشكلات الحياة الواقعية، ومساعدة الإدارات والمؤسسات الوطنية على البناء ومجابهة التحديات وما يتجدد من الأحداث والوقائع.

 

يقول مالك بن نبي: (كُلُّ مجتمعٍ يتكوَّن من ثلاثة عناصر رئيسة هي: عالم الأفكار وعالم الأشخاص وعالم الأشياء).

 

ثم يقول: (ويربط هذه المكونات الثلاثة بعضها ببعض علاقة معينة، تتبدل زماناً ومكاناً، وحسب نوع هذه العلاقة تتكون شبكة العلاقات الاجتماعية وغيرها بين الأفراد والجماعات، ويتشكّل محور الولاءات في المجتمع، ويتحدّد منهج التفكير والفهم فيه، ويترتّب سُلّم القيَم الذي يوجّه أنماط السلوك، ويغدو المجتمع في أعلى درجات الصحة حين يكون الولاء لـ (عالم الأفكار) وحين يكون هو المحور الذي يتمركز حوله سلوك الأفراد وعلاقاتهم ببعضهم وكذلك سياسات المجتمع، في الوقت الذي يدور (عالم الأشخاص والأشياء) في فلك (عالم الأفكار)، وفي هذه الحالة تكون الهيمنة لعالم الأفكار ويتسلم القيادة (أولو النهى)، الذين يحسنون (فقه) التحديات، واتخاذ القرارات في مجال السياسة الشرعية وغيرها ويتسم منهج التفكير والفهم (الفقه) بالرسوخ والإحاطة بـ (فقه الأولويات) و (فقه الموازنات والترجيح) و(وفقه الواقع) و(فقه المستقبل) وتدور اهتمامات الأفراد والجماعات والقيادات، حول القضايا العامة الكبرى الخارجية والداخلية وهو ما نسميه بـ (فقه الأمة)، وما تتطلبه من تعبئة وإعداد وتضحيات.

 

أما حين يكون الولاء لـ(عالم الأشخاص) ويصبح المحور الذي يدور في فلكه (عالم الأفكار والأشياء)، فإنّ السمة الغالبة في المجتمع هي الهيمنة لأصحاب الجاه والسطوة والقوة، يسخّرون (الأفكار والأشياء) لمصالحهم الخاصة، وينحصر التفكير والفهم  في إطار العائلة أو العشيرة أو الإقليم، ويغدو التفكير والفهم متّصفاً بالسطحية والجزئية والانغلاق، وتدور الاهتمامات في أطر القضايا التي تثيرها المنافسة الداخلية، دون أن يكون متسع للقضايا الكبرى (يعني: فقه الأمة) وحين يصبح الولاء لـ (عالم الأشياء) هو المحور، ويدور (عالم الأفكار والأشخاص) في فلك الأشياء، فإن الهيمنة تكون لأرباب المال وأصحاب التجارة، وصانعي الشهوات، وتسود ثقافة الترف والاستهلاك، وتتمزق أواصر العلاقات الاجتماعية، وتصبح الأفكار والقِيَمُ بعضَ سِلَعِ التِّجَارةِ، وبعض مَوادِّ الاسْتِهْلاكِ، ويتوقف التفكير والفهم ويصابان بالشلل، وينشغل أبناء المجتمع بحاجاتهم وأشيائهم اليومية، ويلفظ المجتمع أنفاسه الأخيرة، لأن موت الأفكار هو موت للأسس التي تقوم عليها حضارة الأمة والمجتمع، فتنبعث منه روائح الموت، وتنجذب إليه برابرة الشعوب، كما تنجذب صغار الوحوش إلى جثة الثور الكبير، لتنهش لحمه وتقطع أوصاله، بعد أن كانت في حياته تُملأ رعباً من منظره وحركته وحيويته)([7]). بتصرف.

 

ويتحدّث الإمام الغزالي في كتابه (إحياء علوم الدين) عن نتائج أو آثار فساد رسالة العلماء، حيث ظهرت أمراض فكرية ونفسية عطّلت رسالتهم بين الناس، ألا وهي وحدة الأمة.

 

يقول: فعند فئة من العلماء، صار العلم وسيلة لأغراض فردية، وتباروا في تحصيله دون عناية بالتطبيق العملي، واتخذوا عملهم سلماً للشهرة، وأظهروا العُجبَ وأوّلوه بعزة الدِّين وإظهار شرف العلم، وتذلّلوا للسلاطين طمعاً في مِنَحِهِم، وجاهدوا أنفسهم، ولكن بقي فيها شهوة طلب المديح، وفرحوا بكثرة المؤلفات والتصانيف.

 

وعند فئة أخرى اقتصر هؤلاء على عِلمٍ سَمُّوه (علم الفقه وعلم المذهب) للمباهاة مهملين فقه الأخلاق والعلاقات وفقه النفوس، كما اشتغلوا بعلم الكلام والمجادلة في الأهواء، وآخرون اشتغلوا بالوعظ للتنافس والتحاسد، وغيرهم بعلم الحديث، طلباً للأسانيد الغريبة دون اهتمام بفهم بالمعاني.

وبعضهم بعلوم اللغة حتى جعلوا اللغة غايةً لا وسيلة إلى استخراج ما في القرآن والسنة من المعاني أيضاً). أهـ.

الهوامش:

([1]).Email : [email protected]  

([2]). دمشق : مكتبة القدسي 1347 هـ ، ص 163- 164.  

([3]). ابن عساكر (تبيين كذب المفتري فيما نسب للإمام أبي الحسن الأشعري).

([4]). ابن الجوزي ، المنتظم ج 9 ، ص 212.

([5]). ابن الأثير ، الكامل في التاريخ ، ج 10 ، ص 124.

([6]). للاستزادة يمكن الرجوع إلى كتابنا (الثابت والمتغير في القرآن الكريم) ما قبل صفحة 96 وما بعدها.

([7]). مالك بن نبي (مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي )، ترجمة د. بسام بركة وزميله، ط1، دار الفكر، دمشق ، 1998، ص 25 وما بعدها.