التقريب ما بين المذاهب ما بين الحلم والواقع

التقريب ما بين المذاهب ما بين الحلم والواقع

 

التقريب ما بين المذاهب
ما بين الحلم والواقع
 

  

أحمد مصطفى
عضو المجلس الأفريقي لدراسات بحوث التنمية - مصر
علاء حسن مصطفى
خبير واستشاري اقتصادي في مجال الخدمات والترفيه
ونشط سياسي - مصر
  
 

 

خلاصة:-

لا يمكن أن ينكر أحد منا دور التقريب ما بين المذاهب في إزالة الكثير من المشاكل ما بين طوائف المجتمع الواحد وخصوصا في عالمنا الإسلامي وهو في حد ذاته عملية قيمة ومحترمة تخلق نوع من المساواة عندما يكون هناك طرفين متعادلين في القوة أو أطراف متعددة متجانسة تتحاور بشكل علمي تحترم وتقبل كل منها الأخرى، تهدف إلى الخير العام في كل مجتمع إسلامي على حده وتطوره وترفع من شأنه، الأمر الذي يؤدى بنا في آخر الأمر لرفعة كل دول العالم الإسلامي مع صلاح كل دولة على حده، وسيخلق هذا جو من الحوار البناء والتعاون والتآلف ما بين كل دول العالم الإسلامي الأمر الذي سيتولد عنه فيما بعد نوع من التكامل على المستويات السياسية والاقتصادية والثقافية ما بين هذه الدول وتشكل نوع من القوى والتكتل في حد ذاته يهابه الجميع – إلا أن الواقع العملي يثبت ما هو عكس ذلك لأن كل طرف من أطراف الحوار أو القوى، وليس بين الدول الإسلامية نفسها إنما داخلها، لا يتحلى بأسس التقارب والحوار التي أشرنا إليها عاليه ويحاول كل طرف فرض سيطرته على الآخر وهذا في الداخل – إما ان يتدخل في شئون الغير في الخارج واصبح العالم الإسلامي كما نرى شيعا متشرذمة وعليه فإن هذا البحث يهدف إلى إيجاد سبيل للتقريب كي يقوم بدوره الحقيقي في العالم الإسلامي وذلك من خلال البحث في جدوى دعوات التقريب، وحالات مقارنة تثبت عدم نجاح التقريب في الوصول لأهدافه إلى الآن عند التطبيق في الواقع حتى داخل المذهب الواحد، المقترحات والحلول حتى تصبح حوارات التقريب أكثر جدوى وواقعية.
 
أولا: تعريف التقريب ما بين المذاهب:
·فمن وجهة نظرى وكما ذكرت عاليه أن التقريب هو محاولة إيجاد حوار متزن عقلانى قائم على أسس علمية وموضوعية ما بين طرفين أوأكثر (المذاهب الإسلامية القائمة: سنة، شيعة، دروز، أباضية.........) حيث تكون متفقة ضمنيا فيما بينهم على الجلوس سويا في جو يسوده الإحترام المتبادل والقبول لكل منهم للآخر للتوصل فيما بينهم لمواطن الإتفاق والعمل عليها وتقليل مواطن الخلاف إلى أقل قدر ممكن دون إلغاؤه، لأن الخلاف والإختلاف مطلوب ويحترم وبه رحمة للناس لوجود اكثر من وجهة نظر واحدة، والتحدث فيما هو ممكن وكائن ويمكن تحقيقه على أرض الواقع مع وجود في ضوء ما هو متاح من إمكانيات مادية وبشرية.
·وكذلك وجود هدف مشترك مسبق لمثل هذه الحوارات الخاصة بالتقريب وموضوع محدد سلفا ومنها مثلا محاولة التعاون البناء والمشترك ما بين دول العالم الإسلامي في أحد المجالات وعلى سبيل المثال في مجال التبادل الثقافى من خلال تسهيل المرور والإنتقال ما بين الدول الإسلامية وبعضها لنشر ثقافة كل منها على الأخرى بشكل مدروس وله أجندة يتم تحديدها - أو عقد دورات منتظمة لمنتديات التقريب في كل دولة من دول العالم الإسلامي في مواعيد محددة سنويا والدعوة للتقدم بأوراق وأبحاث بشكل علنى للمهتمين من كل الفئات لمناقشة تطور دور التقريب في وسائل الإعلام - أو إتاحة النشر والإعلام ما بين دول العالم الإسلامي بعضها البعض من خلال معارض كتاب أو وسائط إعلامية دون أي قيد أو شرط وهذا أمر مهم جدا – أو مد محتوى التقريب ليصل لفئات جديدة كالشباب والمرأة – أو أهمية موضوع التقريب في كل من التكامل السياسى أو الإقتصادى أو العلمى أو الإعلامى ما بين دول العالم الإسلامي. 
ثانيا: أهمية التقريب
·لا شك بأن العدو يريد اجتثاث الأمة الإسلامية؛ جذوراً وتاريخاً وثقافة، ومُشَاهَد أن قذائف العدو لا تفرق بين مسلم وآخر، إن الإسلام بعالميته لا يعترف بحدود المكان، وإن شموليته لا تقر بحدود الزمان، فهو يحمل رحمة الله للعالمين، ويعرض نور الله للبشرية الظامئة المتعطشة لمنقذ من ضلالاتها، ومخلص من ترهاتها.
·فالحضارة الإنسانية اليوم على موعد مع الإسلام العظيم الذي يحمل الرحمة والانفتاح والتسامح مع غير المسلمين، وهو من باب أولى يحمل هذه المعاني والقيم مع المسلمين أنفسهم، وهذه القيم هي التي تميز حضارة الإسلام عن غيرها من حضارات حوت مثالب ونقائص؛ من الضيق بالآخر، وعدم الاعتراف به، واليوم وفي ظل المتغيرات الدولية العالمية، وبدافع من إسلامنا العظيم لاستعادة مكانتنا؛ فإنا ـ نحن المسلمين ـ مطالبون وبإلحاح بالعمل الإيجابي مع المسلمين على اختلاف مذاهبهم ومدارسهم الفقهية والفكرية.
·ولما كانت العولمة بسلبياتها تريد إغراق العالم بمجموعة من التناقضات القيمية؛ فإن المسلمين مطالبون باستحضار ما لديهم من رصيد حضاري وتقديمِه من جديد إلى البشرية التي تتطلع شوقاً إلى تكرار هذا النموذج الحضاري الفريد، إن مثل هذه اللقاءات لهي أفضل السبل في مواجهة تنامي الدعوات الداعية إلى الشقاق والنـزاع كما هو مُلاحظ في الفكرة الخبيثة التي يحاول أعداء الإسلام بثها في العراق وسوريا على سبيل المثال القريب.
·لذا كانت لقاءات التقريب، والشفافية العرض، والوضوح في الرؤية هي الخير الأنسب، وهذا مستفاد من تجارب الأمس، وآلام اليوم، وتوقعات المستقبل، وحقائق القرآن الناصعة تدعو إلى الوحدة؛ وحدة المعبود، ووحدة الأصل، ووحدة الأهداف.
 
ثالثا: أسباب قلة جدوى دعوات التقريب
· للأسف وبعد إنعقاد الكثير من ندوات ومنتديات التقريب إلا أنه لا يمكن القول أو إثبات نجاح هذه المنتديات لعدة أسباب أهمها التركيز على الصفوات والمثقفين فقط من الأكاديميين والشيوخ في مجال العلوم الدينيةوالشرعية الإسلامية والدراسات الإسلامية مع استبعاد الطوائف الأخرى من الباحثين والأكاديميين في مجال العلوم الدنيوية وإن كانوا يمثلوا صفوة أيضا الأمر الذي أدى لإصدار فتاوى يختلف عليها وقد لا تتفق مع طبيعة العصر الحالى.
· إعتيادية حضور هذه الصفوة على هذه المنتديات الخاصة بالتقريب، وكأنه أصبح حق مقصور وحكر عليهم وإرتباط جزء من هذه المرجعيات بأجندات مسبقة لكون غالبية أو بعض هذه الصفوات على إرتباط وثيق بالأنظمة الحاكمة في دول العالم الإسلامي، والتأكيد على أن علماء الدين فقط هم من لهم القدرة على التقريب دون غيرهم وحصولهم على كل المزايا الخاصة بهذه المنتديات فالبتالى فهم يرفضون ولو حتى بشكل غير علنى تدخل أى طرف من قريب ومن بعيد خارج هذه الصفوة في حواراتهم أو ينظرو لهم بنظر دونية.
· وعدم التعاطى الجيد مع الإعلام الرسمى والقنوات المحلية في دول العالم الإسلامي في هذا الأمر المتعلق بالتقريب ما بين المذاهب وأهميته كنواة للتقريب ما بين دول العالم الإسلامي وحل النزاع فيما بينها وخصوصا النزاع القائم مثلا ما بين ايران وجزء كبير من دول العالم الإسلامي للتنميط الغربى والوصم الدائم لإيران من الغرب، ومحاولة الغرب التشويه المستمر لإيران والمذهب الشيعى، الذي لا يدركه مثلا أهل السنة في غالبية الدول ذات الغالبية السنية فيتم طوال الوقت تصور أنَّ (المتعة) تباع على أرصفة الشوارع في إيران.
· ومازال هناك أناسٌ يتخيلون أنَّ الحكومة الإيرانية أقامت ضريحاً مقدساً لأبي لؤلؤة المجوسي لعنه الله، مكافأة له على قتله الخليفة الراشدي عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه ومازال هناك أناسٌ يتحدثون عن مصحفٍ غريبٍ عن الإسلام يسمونه (مصحف فاطمة)، (رضي الله عن فاطمة وأرضاها)، ويتحدثون عن الأذان الشاذ في المساجد الإيرانية، والذي يختمه المؤذن بقوله: تاه الأمين.. تاه الأمين، ويعنون بذلك أنَّ جبريل عليه السلام تاه فنزل على محمد صلى الله عليه وسلم، بدل أن ينزل على عليٍ كرم الله وجهه.
· وعلى العكس في إيران أناسٌ مازالوا ينظرون إلى أهل الشام على أنهم أحفاد معاوية وأنصار يزيد، ويحمِّلونهم إثمَ وآصار الاشتراك في سفك الدم الطاهر الذي أهريق في كربلاء، أو ان إيران والشيعة لهم مشروع كبير في العالم الإسلامي من محاولة السيطرة عليه لأنها دولة قوية بنشر المذهب الشيعى وإقامة محاور مضاد لمحور الإعتدال إياه بالمنطقة.
· أين جدوى منتديات التقريب من الواقع وما أعنيه دور الشباب الذي يمثل 70% من إجمالى سكان العالم الإسلامي من هذه المنتديات وإذ لم تنعكس نتائج منتديات التقريب ما بين المذاهب على الشباب فما هى ضرورتها من الأساس لأنه أيضا مع وجود ثورات عربية واحتجاجات تحدث في كل أرجاء المنطقة يقوم بها الشباب مع كافة الطوائف من وقت لآخر فأصبح هو الطرف المؤثر في هذه العملية ولا بد من دعوته كطرف أساسى في أى حوار سواء كباحث أو كمستمع ومتعلم.
· كذلك أين منتديات التقريب من المرأة في التقريب لأن الصفوات لن تخلق أى تقريب طالما كان هناك ضغطا شعبيا في هذا الصدد "وأقرب مثال لنا أن مصر ومع معاهدات السلام التي أبرمت مع إسرائيل منذ 1978 والتطبيع ما بين الحكومات إلا أن الشعب المصرى بكافة أطيافه يرفض هذا التطبيع وبالتالى هذا ينعكس بدوره في العلاقة مع دولة الكيان الصهيونى".
· فلو حتى الصفوة إرتضت التقريب والتطبيع مع إسرائيل وذلك للحصول على المعونات ومزايا من الغرب، إلا أن الشعب فرض على هذه العلاقة طوقا فولازياً يصعب كسره بأى طريقة كانت، ويتعرض أى شخص مطبع للإستهجان والإستنكار من كافة طبقات المجتمع - وتجلى هذا الرفض في حرق مقر السفارة الإسرائيلية بالقاهرة في سبتمبر 2011 والمظاهرات التي خرجت دعما لغزة عند الإعتداءات عليها في بداية نوفمبر الماضى 2012 وكذلك بالرغم من تبنى الجامعة العربية للأسف لمبادرة سلام مع اسرائيل على أساس الإعتراف بالحقوق الفلسطينية المشروعة والتى تبنتها السعودية إلا أن كل شعوب المنطقة ترفض رفضا تاما هذه المبادرة لأن الكيان الصهيونى هو العدو والخطر الأكبر على كل دول العالم الإسلامي.
· غياب العلم واستخدام المنهج العلمى ومراكز الأبحاث في غالبية دول العالم الإسلامي مع عدم وجود هدف أو أهداف تتوحد عليها الأمة الإسلامية مثلا ولنقل التخلص من الجهل، فكيف أن أمة إقرأ هى الأمة الأكثر جهلا في العالم ولا زالت غالبية دولها تعانى من التخلف الثقافى والفقر والبطالة والمرض، وكذلك هذا يترجم في قلة عدد الكتب والأبحاث العلمية التي تقدم سنويا للعالم مقارنة بالأمم والدول الأخرى ومرت علينا ازمات دولية كبيرة طعنت الإسلام ولم نكن على قدر الإستعداد للرد عليها بالشكل اللائق بداية من "آيات شيطانية لسلمان رشدى" وحتى الفيلم المسىء عن الرسول الأعظم مؤخرا في سبتمبر 2012 - وهذا بدوره ينعكس في إزدياد هوة الخلاف وليس التقريب مع وجود أنظمة غالبيتها يهوى ويدمن التبعية للغرب لمصالح مشتركة بين هذه الأنظمة والغرب وليس لمصلحة الشعوب.


رابعا: حالات مقارنة تدلل على تدنى نسب نجاح التقريب حتى داخل المذهب الواحد أو الدولة الواحدة:-
ففي مصر نحن لسنا ضد تيار الإسلام السياسي، المتمثل في جماعة الإخوان والأحزاب التي قامت عليها، والذي وصل بغالبية للبرلمان المصري المنحل، ثم أتت به القوى الليبرالية التي تنتمي غالبيتها لنفس المذهب السني مع الإسلامية للرئاسة ولكن ممارسات بعض رموز هذه التيارات الغير مدروسة بكل تأكيد تضر به وتقلل من شعبيته في الشارع المصري وأتكلم هنا واقعتين حدثتا على مدار الأشهر الماضية:
الأولى:
·تخص فضيلة الشيخ د/ يوسف القرضاوى عندما انتقد السلطات في دبى إتفقنا أم إختلفنا معها لطردها لبعض السوررين المؤيدين للجيش السورى الحر وإتهامهم بعدم احترام حقوق الإنسان وحرية التعبير – الأمر الذي أدى لتهديد السيد/ ضاحى خلفان رئيس شرطة دبى بتقديم مذكرة إعتقال لفضيلة الشيخ يوسف القرضاوى.
· الأمر الذي أدى بالفعل لوجود رد فعل غير مدروس من المتحدث الارسمى باسم جماعة الإخوان "محمود غزلان" هذا التيار المدعوم من القرضاوى بالفعل وأدى لأزمة مع دولة الإمارات ومع مجلس التعاون الخليجى وعليه فطالبت الإمارات بتوضيح موقف رسمى من الحكومة المصرية في هذا الصدد وكذلك ما صرح به المرشد والشاطر مؤخرا أن هناك مؤامرة تدار من قبل القوى الليبرالية والعلمانية "الفكر" تجاه الرئيس دون دليل ملموس إلى الآن ودون إعطاء فرصة لحوار حقيقى مطروح محدد سلفا اهدافه. 
· الأمر الثانى هناك العديد من الإنتقادات التي وجهت للشيخ القرضاوى كمرجعية سنية محترمة كان يجب ألا تخرج منه هذه الأمور التي توضح انحيازه الشديد لفصيل دون آخر وكذلك ولاءه لنظام سياسى معين "وهذا ما أشرت إليه في جدوى التقريب أن بالفعل غالبية من يحضر هذه المنتديات من المرجعيات الدينية الكبيرة بالفعل يتبنى أجندة سياسية معينة وغير محايد" وفى هذا الصدد لأنه لم يقم مثلا في يوم من الأيام بإنتقاد مواقف دولة قطر مثلا في كلا من ليبيا وكذلك سوريا.
· والتصرفات الغير مدروسة التي تفعلها كلا من قطر والسعودية في الجامعة العربية والضغط على الجامعة العربية الأمر الذي أدى لإستصدار قرارات عربية ضد سوريا غير سليمة من الجهة القانونية وتتعارض مع النظام الأساسى للجامعة وخصوصا مع الدعوى لإنشاء قوات عربية لتحرير سوريا وخلافه – كذلك ما فعلته السعودية في كل من البحرين واليمن بالتدخل السافر في شأنيهما الداخلى بدعوى أنهما امتداد طبيعى لهما فتسمح بتدخل عسكرى أمريكى في اليمن من خلال طائرات دون طيار تقذف فصيل معين يطالب بالعدالة والمساواة على أساس مذهبى أنهم من شيعة وهذا أمر غير سليم أما البحرين فتسمح بدرع الجزيرة بالدخول وإقتحام البحرين وضرب ثورتها السلمية والتى لم تستعن فيها باى فصيل من الخارج وكانت سلمية طوال الوقت وذلك بناءا على تقارير بسيونى موفد المجلس الدولى لحقوق الإنسان.
· وكان الأجدر أن نناقش مثلا مشروع الجيش العربى المشترك الذي يقدر على صد أى إعتداء خارجى على العالم العربى وإقامة حوار مع القوى الجديدة في العالم وتمكين الشباب من حقوقه الأساسية في كل العالم العربى وإشراكهم كطرف مقابل ومواز في إجتماعات القمم العربية والتى غالبا ما تبوء بالفشل وأين الوحدة الإقتصادية العربية وجواز السفر العربى الموحد – أين البرامج العربية المسئولة عن رفاهة المواطن المسلم وعلاج مشاكل الفقر والتعليم والصحة والثقافة والهوية؟ ودائما ما من مجيب.
الثانية:
· فى الإسكندرية عندما قام إمام مسجد الثورة في الإسكندرية - القائد إبراهيم "الشيخ المحلاوى" بسب وقذف التيارات السياسية الأخرى المحترمة في المجتمع من الليبراليين واليسار والعلمانيين وإتهامهم بما ليس فيهم بالكفر والإلحاد ودون الحوار معهم وعندما قام أحد من الحضور من المصلين وراءه ممن ينتمى لهذه التيارات الفكرية بالرد على الشيخ – قام الأخير بطرده من المسجد بيت الله – والأمر الذي تكرر أكثر من مرة وسبب غضبا ما بين أهالى الإسكندرية من المصلين وراء هذا الشيخ وأدى إلى محاصرة المسجد وإنقسام أهل السنة فيما بينهم إلى مؤيدين لجماعة الإخوان ومعارضين لها.
· الأمر المنهى عنه في الإسلام لأن هذا الأمر أدى إلى فتنة في المجتمع وإنعكس ذلك في أوضح صوره من خلال الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس مرسى ثم تلاه بالتسرع في وضع الدستور والدعوة للتصويت عليه دون توافق وضرب دولة القضاء في مقتل بما يتنافى حتى مع قواعد الدين الأساسية - وهذا الأمر يوضح أمور أضمرها هذا التيار وذلك منذ وصوله للسلطة أنه تيار أنوى جداً وإستبدادى بالرغم أنه من المفترض أن يكون على العكس – من هذا الشخص الذي يقوم بطرد أى مواطن من بيت الله حتى ولو كان بدون دين وهذا بسبب غياب الحوار المتمدن المتحضر الراق البعيد عن التحيز.
· وليتذكر هذا الشيخ لو كان يعلم أن الله قد لام سيدنا إبراهيم ابو الأنبياء في شخص كافر عندما رفض إعطاؤه الطعام – كذلك كان رسولنا الكريم يتعامل مع اليهودى الذي كان يضع على بابه القاذورات بكل حلم ودماسة خلق وكان مختلف معه في الديانة وليس في مذهب سياسى – ولماذا يتناسى هذا التيار أنهم أثناء فترات اعتقالاتهم بالسجون أن من قام بتثقيفهم سياسيا هم هذه التيارات بشهاداتهم وكذلك من كان من يتصدر لقضايا إعتقال أفراد التيار الإسلامي الغير مبرر في التسعينات وبداية هذا القرن منذ عام 2000 هم هذه التيارات الليبرالية واليسارية والعلمانية من حقوقيين وناشطين بدعوى أن حرية التعبير مكفولة للجميع والحرية حق من حقوق الإسلام.
· هل يختزل الإسلام في جماعة أو شخص أو حزب أو جهة ما فإذا مثلا إنتصرت هذه الفئة إنتصر الإسلام وإذا خسرت هذه الفئة خسر الإسلام – هذا فهم مغلوط لروح وفلسفة الدين – لأن لو شاء الله لخلق الناس جميعا مسلمين وعلى نفس الطريقة في التفكير – وكان يمكن أن يقوم الله بذلك في لمح البصر ودون مشورة من أحد.
· وهذه التصرفات عندما تظهر للغرب في تؤكد على كل إدعائتهم الخاطئة أن الإسلام أنتشر بالإرهاب وليس بالفعل والموعظة الحسنة – والذين لا يعلمون إنتشر الإسلام في مصر بعد اكثر من 200 عام من دخوله مصر من خلال أفعال وتصرفات المسلمين الذين لم يكونوا ليسعوا لمنصب أو سلطان أو جاه أو سلطة مع ترك حرية الإعتقاد مكفولة للجميع – وعلينا تدبر امر ان الرسول عندما عاد لفتح مكة كان أسهل ما عليه أن ينصب مشانق أو أن يصلب كل من عادى الإسلام قبل أن يأتى فاتحاً – إلا انه قال لهم إذهبوا فأنتم الطلقاء – فالأصل في الإسلام هو الحرية والسماح للجميع وليس المنع وربط الحرية حتى بتطبيق بعض الحدود كما ورد في القرآن الكريم بـ "إعتاق رقبة".
(أما عربياً)
الثالثة:
· عربيا يتجلى الشقاق الطائفى في عدد من الدول الإسلامية والذى يدلل على عدم نجاح التقريب بداية من العراق والذى يعانى من رواسب التفتت الطائفى والعرقى ما بين الطوائف يتوزع ما بين سنة وشيعة وأكراد وتركمان التي تسببت فيه قوى الإحتلال الغربية متمثلة في الولايات المتحدة وإسرائيل ومشروعها الصهيونى في دولة من النيل للفرات، والتى أنفقت على حرب العراق التي أدعى بها زوراً أنها الحرب ضد الإرهاب حوالى 10 تريلليون دولار ووصلت تكلفة دقيقة الحرب الواحدة إلى 300 ألف دولار ومقتل مليون ونصف عراقى والتى خلفت الخراب والدمار والكراهية ما بين المواطنين وبعضهم الذين لا يزالوا يعانون من اثارها السلبية إلى الآن وفى صمت إسلامي كبير.
· ما يحدث حاليا في سوريا ويحاك لها من مؤامرة دولية لتقويد وضرب الدول الإسلامية الكبيرة والتى بدأت بالعراق وإقحام تركيا في المستنقع السورى مع استفاذ الثروات العربية في حرب عصابات وجماعات إرهابية ضد جيش نظامى مع إعتراف دولى بمجلس انتقالى وطنى لقيط الهدف منه تدمير سوريا وازاحتها عن سكة اسرائيل حيث أن سوريا تدعم بشكل مباشر وغير مباشر القوى الإسلامية في كل من فلسطين المحتلة وجنوب لبنان حيث قدر ما أنفقته قدر فقط في هذا المستنفع بما يقارب 12 مليار دولار منذ 20 شهرا ومحاولة ابراز النزاع على أساس أنه طائفى بين السنة والشيعة بالرغم أن كلمة سوريا تعنى الشعب السريانى باللغة السريانية وسوريا عبارة عن فسيفساء تتكون من 20 طائفة مسلمة ومسيحية وعرقية.
· كذلك لبنان والتى خسرت في حربها الطائفية منذ 1976 وحتى 1991 مبلغ 15 مليار دولار كان يمكن لو أستغلت أن تجعلها إحدى الدول الكبرى في العالم وإلى الآن تنخر الطائفية في ظهر الدولة اللبنانية وتماسكها إلى الآن وكل ذلك بسبب التدخلات الغربية متمثلة في الولايات المتحدة وحلفها وبكل تأكيد إسرائيل ولو بشكل غير مباشر بالوكالة من خلال دول أخرى ووجود موالاة ومعارضة - وكذلك الوضع في البحرين الذي يصدر على أساس انه صراع طائفى وتدخل ايرانى في الشان الداخلى البحرينى بما يتنافى مع الواقع وعدم ذكر التدخل السعودى السافر والعدوان الذي تم ويتم على المواطنين العزل في البحرين - مع تشابه الأوضاع في تونس لما يحدث في مصر وذلك لتشابه النظام الحاكم في تونس مع النظام الحاكم في مصر والإقتتال على السلطة دون الحوار الوطنى البناء العادل المنصف بين كل أطياف الشعب
· وتتشابه كل الحالات السابقة في الخلط بين ما هو دينى وما هو فكرى وإذا كانت الليبرالية أو العلمانية أو القومية لما قام الرسول عليه وعلى آله وصحبه وسلم بها في أحاديث صحيحة له تؤسس لهذا الفكر من خلال أحاديث صحيحة تدعو إلى العلم "أطلبوا العلم ولو بالصين" – "أهل مكة أدرى بشعابها" وكذلك "أنتم أدرى بشئون دنياكم" وفى هذه الأحاديث تصريح صريح من رسولنا الكريم بالتعاطى مع ما هو دنيوى كما يتراءى لنا وكما إتفق الناس عليه وبأفضل وسيلة وكذلك احاديث تحث على المساواة "لا فضل لأبيض عن أسود ولا عربى على أعجمى إلا بالتقوى" وكذلك بالنص القرآنى "وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا" وكذلك "وادعو لسبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة" وكذلك "لو كنت فظا غليظ القلب لأنفضوا من حولك" وكل هذا يؤسس للحوار حتى مع المخالفين معك ليس فقط في الرأى بل في المذهب والدين ولكن الجهل وعدم إعمال العقل يبجعل الكثير من الناس لا يدركون ذلك الأمر الذي يؤدى لضآلة نجاح محاولات التقريب والحوار ما بين المذاهب الإسلامية وبالتالى فشل الحوار مع الأديان الأخرى وفشل حوار الثقافات تأسيسا على ذلك وخسائر متتالية أمام الغرب وأمام أنفسنا وهذا ما يعنينا أكثر.
خامسا: ما تم التوصل إليه والاقتراحات والحلول:-
·ضرورة تبنى منتديات التقريب ما بين المذاهب حضور علماء العلوم الدنيوية أيضا لتقريب وجهات النظر ما بين علماء الدين والدنيا وحتى تصدر فتاوى لا تبلبل المواطن المسلم في أى من الدول الإسلامية ويكون عليها تكامل في الآراء تتفق ومعطيات العصر الحالى الكثير التعقيد.
· ضرورة وصول منتديات التقريب للفئات المهمشة في مثل منتديات الصفوة الدينية هذه كالشباب والمرأة كلاعب أساسى في هذه المنتديات وتخصيص نسبة لهم معقولة تتناسب وحجمهم وربطها بمجريات الأمور السياسية والإقتصادية والإجتماعية ومشاكل الأمة من جهل فقر وبطالة ومرض.
· محاولة الربط ما بين هيئة التقريب مع الكيانات الأكبر الممثلة للعالم الإسلامي كالأزهر الشريف ومنظمة التعاون الإسلامي والجامعة العربية والمنظمات العربية والإسلامية المتخصصة وعدم الإنحياز ومحاولة توحيد المنابر والقنوات الإعلامية والإفصاح عن هذه المؤتمرات واجنداتها وأهدافها واقتراحاتها لأن المواطن البسيط لا يعلم شىء عن كل ما يدور في مثل هذه الهيئات الدولية والإقليمية وإنعكاسات ذلك على العامة كطرف متلق وهذا لا يليق بالشعوب ما بعد الثورات والصحوات التي حدثت بها وعمل أجندة سنوية لهذه المؤتمرات مع طلب التقدم بابحاث من كل المهتمين في العالم الإسلامي سواء من خلفية دينية أو دنيوية.
· محاولة استخدام المنهج العلمى السليم في طرح قضايا التقريب وتشخيص الفشل أو عدم النجاح في محاولات التقريب من خلال إصدار تقارير متابعة دورية لهذه المنتديات وإنشاء مرصد في دول العالم الإسلامي مهمته رصد تقدم عملية التقريب ما بين المذاهب في دول العالم الإسلامي ومدى تأيرها على مستوى الصفوة وعلى مستوى العامة وتحديد نسب التقدم أو التراجع ومعالجة مواطن الخلل.
· المشاركة في برامج تبادل شبابى وطلابى ونسائى من طوائف مختلفة وادخلهم في برامج تدريبية مشتركة داخل ايران وهذا من اهم النقاط لأنهم سيصبحوا نواة القريب الحقيقى في المستقبل وهذا بدوره سيمحو كافة الصور النمطية المتبادلة وما بين المذاهب.                     
 
المراجع:
·                         الأساليب الفكرية والعملية للتقريب بين المذاهب الإسلامية - الدكتور أنور وردة - باحث ومفكر إسلامي – سوري
·           أمل نجاح التقريب بين المذاهب الإسلامية - الدكتور الشيخ علاء الدين زعتري - بحث مُقَدَّم - للمؤتمر الثامن عشر للوحدة الإسلامية برعاية المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية - طهران 24-26 إبريل (نيسان) 2005م
·                        إيران: السيناريو الأمريكي لوأد "الصحوة" الإسلامية – مقال بموقع السى إن إن - السبت، 12 تشرين الثاني/نوفمبر 2011
·هل هو سوء إستخدام مواقع التواصل الإجتماعى بين و/أو في المجتمعات الدينية أم هو إرث ثقافى وفكر إنتقل إليها – سلبيات استخدام مواقع التواصل الإجتماعى - بحث مقدم من قبلى (أحمد مصطفى) في مؤتمر الدوحة التاسع للأديان في الفترة ما بين 24- 26 تشرين أول/ أكتوبر 2011
· الأسباب الكامنة وراء تأخر إنتصار الثورات في الدول الإسلامية "مصـــر" كحالة للدراسةالباحث/ أحمـــد مصطفــى، الإسكندرية – مصر – مؤتمر الصحوة الإسلامية والشباب – طهران من 29-30 يناير (كانون ثان) 2012.
· الصراعات العرقية واستقرار العالم المعاصر – دراسة في الأقليات والجماعات والحركات العرقية – د/أحمد وهبان قسم العلوم السياسية - كلية التجارة جامعة الإسكندرية – الدار الجامعية 2003/2004 
· النظرية السياسية الحديثة – دراسة للنماذج والنظريات التي قدمت لفهم وتفسير عالم السياسة – د/ عادل ثابت - قسم العلوم السياسية - كلية التجارة جامعة الإسكندرية – مكتبة خوارزم عام 2002- رقم الإيداع الدولى: 8-66-5603-977
· Ethics of Globalization: an Urgency for Dialogue – Ahmad Jalali – included in a book with a title “Hégémonie et Civilization de la Peur” – Published by the Academy of the Latinity, Rio De Janeiro, Brazil in April 2004 – ISBN: 85-7261-031-6
·أحمد مصطفى: حوار الحضارات