العبادة...حدّها ومقوّمها

العبادة...حدّها ومقوّمها

 

 

العبادة...حدّها ومقوّمها

 

جعفر السبحاني

 

بسم الله الرحمن الرحيم

إنّ  المسلم في شرق العالم وغربه يخص العبادة والاستعانة بالله سبحانه في كلّ يوم في صلواته الخمس فيقول:]إياك نعبد وإياك نستعين[ ([1]) ولا اختلاف بين المسلمين في هذه الضابطة الكلية، وأن العبادة مختصة بالله سبحانه، ولا يصح إصدار هوية إسلامية لشخص إلا بعد الاعتراف بهذه الكبرى، وإنّما  الخلاف بينهم في بعض الأمور والأحوال الخارجية، فهل هو عبادة أولا ؟ فلو صحت كونها عبادة فلا يجوز الآتيان بها لغيره سبحانه، وإن أتى بها لغيره يعدّ مشركا. مثلا تقبيل الضرائح هل هو عبادة لصاحب القبر أو تكريم وتعظيم له ؟ وهكذا الصلاة في المشاهد وعند قبور الأنبياء، فهل هي عبادة لصاحب القبر (وان كانت الصلاة لله) أو هي عبادة لله ولكن تتضمن التبرك بصاحب القبر؟

وعلى ضوء ذلك مسألة الاستعانة في نفس الآية، فمع الاعتراف بحصر الاستعانة في الله سبحانه، فلا شك عند العقلاء عامة انه تجوز الاستعانة بالأحياء في الأمور

(12)

الدنيوية، ولكن إذا استعان بإنسان حي فيما يرجع إلى الأمور الغيبية، كرد ضالته وبرء مرضه فهل هو استعانة تخالف الحصر المذكور في الآية أولاً ؟

وهناك صورة ثالثة أبهم من الصورة الثانية وهي إذا استعان بميت بنحو من الأنحاء كما إذا طلب منه الدعاء والاستغفار في حقه فهل هي استعانة تخالف الحصر أولا ؟ وقس على ذلك بعض ما يرد عليك من الصورة المرددة بين العبادة والتكريم أو بين الاستعانة الجائزة والمحرمة.

ولا جل القضاء الصحيح في الموضعين نبحث في المقامين.

1 ـ تحديد العبادة حتّى تتميز عن التكريم والتبجيل.

2 ـ تحديد الاستعانة المحرمة وفصلها عن الاستعانة الجائزة. كلّ ذلك في ضوء القرآن الكريم.

تحديد العبادة تحديداً منطقياً:

بالرغم من عناية اللغويين بتفسير لفظ العبادة وتبيينها لم يأتوا بشيء يشفي الغليل وذلك لأنهم فسروه بأعم المعاني وأوسعها مما ليس مرادفاً للعبادة طرداً وعكساً:

1 ـ قال الراغب في المفردات، العبودية:إظهار التذلل، والعبادة ابلغ منها لأنها غاية التذلل ولا يستحقها إلاّ من له غاية الافضال وهو الله تعالى ولهذا قال:العبادة آن لا تعبدوا إلاّ إياه...

2 ـ قال ابن منظور في لسان العرب:أصل العبودية:الخضوع والتذلل.

3 ـ قال الفيروز آبادي في القاموس المحيط العبادة:الطاعة.

4 ـ قال ابن فارس في المقاييس:العبد الذي هو أصل العبادة له أصلان متضادان والأول من ذينك الاصلين يدل على لين وذلك والآخر على شدة وغلظ.

(13)

وأنت إذا تفحصت سائر المعاجم تراها تفسر بمثل ذلك ومن المعلوم أن العبادة بمعنى الخضوع والتذلل حتّى إظهار نهاية التذلل ليست على وجه الإطلاق عبادة إذ لا يعد خضوع الولد أمام والده ولا التلميذ أمام أستاذه والجندي أمام قائدة عبادة وان بالغوا في الخضوع والتذلل حتّى ولو قبل الولد قدم الوالدين فلا يعدّ عمله عبادة كيف وهو سبحانه يقول ]وأخفض لهما جناح الذل من الرحمة...[([2]).

وأوضح دليل على أن الخضوع المطلق وان بلغ النهاية لا يعدّ عبادة هو أنّه  سبحانه أمر الملائكة بالسجود لآدم وقال:]وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم..[([3]) وآدم كان مسجوداً له ككونه سبحانه مسجوداً له، مع أن الأول لم يكن عبادة وإلا لم يأمر بها سبحانه إذ كيف يأمر بعبادة غيره وفي الوقت نفسه ينهى عنها بتاتاً وفي جميع الشرائع من لدن آدم إلى الخاتم ولكن الثاني أي الخضوع لله، عبادة.

والله سبحانه يصرح في غير واحدة من آياته بأن الدعوة إلى عبادة الله سبحانه والنهي عن عبادة غيره كانت أصلا مشتركاً بين جميع الأنبياء، قال سبحانه:]ولقد بعثنا في كلّ أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت..[ ([4]) وقال سبحانه:]وما أرسلنا من قبلك من رسول إلاّ نوحي إليه أنّه  لا اله إلاّ أنا فاعبدون[([5]) وفي موضع آخر من الكتاب يعد التوحيد في العبادة الأصل المشترك بين جميع الشرائع السماوية إذ يقول:]قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلاّ الله ولا نشرك به شيئاً...[([6]).

ولم يكن آدم فحسب هو المسجود له بأمره سبحانه بل الصديق كان نظيره، فقد

(14)

سجد له أبوه واخوته، وتحقق تأويل رؤياه بنفس ذلك العمل قال سبحانه حاكيا عن لسان يوسف ]... إني رأيت أحد عشر كوكباً والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين[([7]).

كما يحكي تحققه بقوله سبحانه ]ورفع أبويه على العرش وخروا له سجداً وقال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا...[ ([8]).

انه سبحانه أمر جميع المسلمين بالطواف بالبيت الذي ليس إلاّ حجراً وطينا كما أمر بالسعي بين الصفا والمروة، قال سبحانه:].. وليطوفوا بالبيت العتيق[([9]) وقال سبحانه:]إنّ  الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو أعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما...[ ([10]).

فهل ترى أن الطواف بالتراب والجبال والحجر عبادة لهذه الأشياء بحجة انه خضوع لها أن شعار المسلم الواقعي هو التذلل للمؤمن والتعزز على الكافر، قال سبحانه ].. فسوف يأتي الله  بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين...[ ([11])

فمجموع هذه الآيات وجميع مناسك الحج، يدلان بوضوح على أن مطلق الخضوع والتذلل ليس عبادة ولو فسرها أئمة اللغة بالخضوع والتذلل، فقد فسروها بالمعنى الأوسع فلا محيص عن القول بأن العبادة ليست إلاّ نوعا خاصا من الخضوع، ولو سمي في بعض الموارد مطلق الخضوع عبادة فإنما من باب المبالغة والمجاز، يقول سبحانه ]أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلاً[ ([12])فكما أن إطلاق اسم أطلاله على الهوى مجاز فكذا تسمية متابعة الهوى عبادة لها ضرب من المجاز.

ومن ذلك يعلم مفاد قوله سبحانه ]ألم أعد إليكم  يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم[([13]).

(15)

فان من يتبع قول الشيطان فيتساهل في الصلاة والصيام، فإنما هو يترك الفرائض، أو يشرب الخمر ويرتكب الزنا، فإنما يقترف المعاصي لأنه يعبده كعبادة المشركين للأصنام ولاجل ذلك، لا يكون مشركا محكوما بأحكام الشرك، خارجا عن عداد المسلمين، مع أنّه  من عبدة الشيطان لكن بالمعنى الوسيع.

وربما يتوسع في إطلاق العبادة فتطلق على مطلق الإصغاء لكلام الآخرين وفي الحديث:من أصغى إلى ناطق فقد عبده، فإن كان ينطق عن الله فقد عبدالله، وأن كان ينطق عن غير الله فقد عبد غير الله.

 

توجيه غير سديد:

أن بعض من يفسر العبادة بالخضوع والتذلل عندما يقف أمام هذه الدلائل الوافرة يحاول أن يجيب ويقول:أن سجود الملائكة لآدم أو سجود يعقوب وأبنائه ليوسف لم يكن عابدة لآدم لوا ليوسف، وذلك لأجل أنّه  كان بأمر الله سبحانه ولولا أمره لا نقلب عملهم عبادة لهما.

وهذا التوجيه بمعزل على التحقيق، وذلك لأن معناه أن أمر الله يغير الموضوع ما هو عليه ويحوله عن واقعة إلى غير ما كان عليه مع أن الحكم لا يغر الموضوع.

نفترض انه سبحانه أمر بسب المشرك والمنافق فأمره سبحانه لا يخرج السب عن كونه سباً، فلو كان مطلق الخضوع المتجلي في صورة السجود لآدم أو ليوسف عبادة كان معناه انه سبحانه أمر بعبادة غيره مع أنها فحشاء بتصريح الذكر الحكيم لا يأمر بها سبحانه قال تعالى:].. إنّ الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون[ ([14]).

(16)

وهناك تعاريف لجملة من المحققين نأتي بها واحدا بعد الآخر.

1 ـ نظرية صاحب المنار في تفسير العبادة:

أن صاحب المنار لما وقف على بعض ما ذكرناه حاول أن يفسر العبادة على وجه يخرج عنه بعض ما ذكرنا، فأخذ في التعريف قيوداً ثلاثة:

1 ـ العبادة ضرب من الخضوع بالغ حدّ النهاية.

2 ـ ناشئ عن استشعار القلب عظمة المعبود، لا يعرف منشؤها.

3 ـ واعتقاد بسلطة لا يدرك كنهها وماهيتها.

يلاحظ عليه:

أولا:التعريف غير جامع، وذلك لأنه إذا كان مقوم العبادة الخضوع البالغ حد النهاية فلا يشمل العبادة الفاقدة للخشوع والخضوع التي يؤديها أكثر المتساهلين في أمر الصلاة وربما يكون خضوع الجندي لقائده اشد من هؤلاء المتساهلين الّذين يتصورون الصلاة عبادة وجهدا.

وثانياُ:ماذا يريد من قوله عن استشعار القلب عظمة المعبود لا يعرف منشؤها.

فهل يرى أن الأنبياء كانوا يستشعرون عظمة المعبود ولكن لا يعرفون منشأها. كيف والأفراد النازلة يستشعرون عظمة المعبود ويعرفون منشأها، وهو أنّه  سبحانه الخالق البارئ المصور، أو أنّه  سبحانه هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر؟

وثالثاً:ماذا يريد من قوله: واعتقاده بسلطة لا يدرك كنهها وماهيتها ؟ فإن أراد شرطية هذا الاعتقاد في تحقق العبادة فلا زم ذلك عدم صدقها على عبادة الأصنام والأوثان فإن عباد الأوثان يعبدونها وكانوا معتقدين بكونهم شفعاء عند الله سبحانه فقط لا أن لهم سلطة لا يدرك كنهها وماهيتها.

(17)

2 ـ نظرية الشيخ شلتوت زعيم الأزهر:

وقد عرفها شيخ الأزهر بنفس ما عرفها به صاحب المنار ولكنه يختلف عن لفظا ويتحد معه معنى فقال:

العبادة خضوع لا يحد لعظمة لا تحد.

وهذا التعريف يشترك مع سابقه نقدا وإشكالا وذلك أن العبادة ليس منحصرة في خضوع لا يحد بل الخضوع المحدد أيضاً ربما يعد عبادة، كما إذا كان الخضوع بأقل مراتبه، كما لا يشترط كون الخضوع لعظمة لا تحد، إذ ربما تكون عظمة المعبود محدودة في زعم العابد كما هو الحال في عبادة الأصنام التي كان الدافع إلى عبادتها كونها شفيعة عند الله.

3 ـ تعريف ابن تيمية:

وأكثر التعاريف عرضة للإشكال هو تعريف ابن تيمية إذ قال:

(العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنية والظاهرية كالصلاة والزكاة والصيام والحج وصدق الحديث وأداء الأمانة وبر الوالدين وصلة الأرحام).

وهذا الكاتب لم يفرق ت في الحقيقة ـ بين العبادة والتقرب، وتصور أن كلّ عمل يوجب القربى إلى الله، فهو عبادة له تعالى أيضاً في حين أن الأمر ليس كذلك فهناك أمور توجب رضا الله، وتستوجب ثوابه لكن قد تكون عبادة كالصوم والصلاة والحد، وقد تكون موجبة للقرب إليه دون أن تعد عبادة كالإحسان إلى الوالدين وإعطاء الزكاة والخمس فكل هذه الأمور (الأخيرة) توجب القربى إلى الله في حين لا تكون عبادة وأن سميت في مصطلح أهل الحديث عبادة فيراد منها كونها نظير العبادة في ترتب الثواب عليها.

(18)

وبعبارة أخرى:إنّ  الآتيان بهذه الأعمال يعد طاعة لله ولكن ليس طاعة عبادة.

وان شئت قلت:أن هناك أموراً عبادية وأموراً قربية، وكل عبادة مقرب، وليس كلّ مقرب عبادة، فدعوة الفقير إلى الطعام والعطف على اليتيم ـ مثلا ـ يوجبان القرب ولكنهما ليسا عبادة بمعنى أن يكون الآتي بهما عابدا بعمله لله تعالى.

 

العبادة هي الخضوع الناشئ عن اعتقاد خاص:

أن لفظ العبادة من المفاهيم الواضحة، ولكن ربما يمنع ظهور معناها عن التحديد الدقيق غير انه يمكن تحديدها بالإمعان في موارد تستعمل فيها تلك اللفظة، فقد استعملها القرآن في مورد الموحدين والمشركين وقال سبحانه في الدعوة إلى عبادة نفسه ]... ولكن أعبد الله الذي يتوفاكم...[([15]) وقال سبحانه ]قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصا له الدين[([16]).

وقال في النهي عن عبادة غيره:]إنّما  تعبدون من دون الله أوثاناً وتخلقون إفكاً..[ ([17]) وقال:]... أتعبدون ما تنحتون[ ([18]) فعلى الباحث أن يقتنص معنى العبادة بالدقة في أفعال العبادة، وعقائدهم من غير فرق بين عبادة الموحدين، وعبادة المشركين فيجعله حداً منطقياً للعبادة.

أن الإمعان في ذلك المجال يدفعنا إلى القول بأن العبادة عندهم عبارة عن الفعل الدال على الخضوع المقارن مع عقيدة خاصة في حق المخضوع له، فالعنصر المقوم للعبادة أمران:

1 ـ الفعل.

2 ـ العقيدة الخاصة التي تدفعه إلى عبادة الموجود.

أما الفعل، فلا يتجاوز عن قول أو عمل دال على الخضوع والتذلل بأي مرتبة من مراتبهما كالتكلم بكلام يؤدي خضوعه له أو بعمل جار حسي كالركوع والسجود بل الانحناء بالرأس، أو غير ذلك مما يدل على ذلته وخضوعه أمام موجود.

وأما العقيدة التي تدفعه إلى الخضوع والتذلل فهي عبارة عن:

1 ـ الاعتقاد بألوهيته.

2 ـ الاعتقاد بربوبيته.

أما الأول فالألوهية منسوبة إلى الله وهو ليس بمعنى المعبود ـ وإن اشتهر في الألسن ـ بل كونه معبودا من لوازم كونه إلها لا أنّه  نفس معناه، بل الإله ـ كما يشهد عليه الذكر الحكيم ـ مرادف للفظ الجلالة ويختلف معه في الكلية والجزئية، فالإله كلي ولفظ الجلالة علم جزئي ويوضح ذلك أن الموحدين عامة والوثنيين كلهم وعبدة الشمس والكواكب يعتقدون بألوهية معبود يهم إما لكون المعبود إلهاً كبيراً أو إلهاً صغيراً، وإما إلهاً صادقا أو إلهاً كاذباً، فالاعتقاد بألوهية المعبود بهذا المعنى هو المقوم لصدق العبادة.

ولا جل أنّه  لا يستحق العبادة إلاّ من كان إلهاً يؤكد القرآن بأنه لا اله إلاّ الله ومع ذلك فكيف تعبدون غيره.

يقول سبحانه ]الّذين يجعلون مع الله إلهاً آخر فسوف يعلمون[([19]).

]والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر...[ ([20]).

]واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزاً [([21]).

]...إنكم لتشهدون أن مع الله آلهة أخرى...[ ([22]).

(20)

وحاصل الآيات أن غيره سبحانه لا يستحق العبادة لأنها من شؤون الألوهية وهي من خصائص الله سبحانه لا غير، فيتحصل من ذلك أن العبادة عبارة عن الخضوع أمام موجود لأجل الاعتقاد بأنه إله حقيقي أو مجازي ولولا ذلك الاعتقاد فلا يوصف الخضوع بالعبادة والشاهد عليه أن العاشق الولهان إذا خضع لمعشوقته خضوعا بالغا لا يعد عبادة لها لأنه لم يصدر عن الاعتقاد بألوهيتها وأنها إلها وإنّما  صدر عن اعتقاد بأنها جميلة تجذب الإنسان مخائلها ونفسيتها وجمالها.

ويدل على ما ذكرنا من أن دعوة المشركين وخضوعهم ونداءهم وسؤالهم كانت مصحوبة بالاعتقاد بألوهية أصنامهم أنّه  سبحانه يفسر الشرك في بعض الآيات باتخاذ الإله مع الله. ويقول:]... وأعرض عن المشركين إنا كفيناك المستهزئين، الّذين يجعلون مع الله إلهاً آخر فسوف يعلمون[([23]).

وفي بعض الآيات يندد بالمشركين بأنه ليس لهم اله غير الله فكيف يعبدون غيره ويقول:

]أم لهم إله غير الله سبحان الله عما يشركون[([24]).

والإمعان في هذه الآيات ونظائرها يوقفنا على أن اندفاع المشركين إلى عبادة الأصنام أو اندفاع الموحدين إلى عبادة الله كان هو اعتقادهم بكونها إلهة أو كونه إلها، فهذا الاعتقاد كان يجرهم إلى العبادة، ولأجل ذلك كانوا يقدمون لمعبوداتهم النذور والقرابين وغيرهما من التقاليد والسنن. وبما أن كلمة التوحيد تهدم عقيدتهم بألوهية غيره سبحانه كانوا يستكبرون عند سماعه كما قال سبحانه:]إنهم كانوا قيل لهم لا إله إلاّ الله يستكبرون[([25]).

(21)

ثم أن الاعتقاد بألوهية الأصنام لا يلازم الاعتقاد بكون المعبود خالقا للعالم حتّى يقال بأن المشركين في الجاهلية كانوا موحدين في الخالقية كما يدل عليه غير واحدة من الآيات قال سبحانه:

]ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن خلقهن العزيز العليم[([26]).

إذا الألوهية شؤون عندهم يقوم ببعضها الإله الأعلى كخلق السماوات والأرض وبعضها الآخر الإلهة المزعومة المتخيلة عندهم كغفران الذنوب والشفاعة المطلقة المقبولة بلا قيد وشرط ن ولأجل أن هذين الأمرين الأخيرين من شؤون الإله الأعلى أيضاً وليس للآلهة المزعومة فيها حظ ولا نصيب، يركز القرآن على إثباتهما لله سبحانه فقط ويقول:]... ومن يغفر الذنوب إلاّ الله...[ ([27]) ويقول:]قل لله الشفاعة جميعاً...[ ([28]).

وعلى ضوء ذلك فالمشركون كانوا معتقدين بالإله الأعلى الأكبر وفي الوقت نفسه بإلهة شتى ليس لهم من الشؤون ما للإله الأعلى منها، وفي الوقت نفسه كانت الآلهة عندهم مخلوقة لله سبحانه مفوضين إليها بعض الشؤون كما عرفت.

 

الإله ولفظ الجلالة مترادفان:

أن الدليل الواضح على أن الإله يرادف لفظ الجلالة ولكن يفترق عنه بالجزئية والكلية الأمور التالية:

ألف ـ وحدة المادة إذ الأصل للفظ الجلالة هو الإله، فحذفت الهمزة وعوض اللام بدلاً منها ولذلك قيل في النداء:«يا الله بالقطع كما يقال يا إله»([29]).

ب ـ الآيات التي استدل فيها على وحدة الإله صريحة في أن المراد من الإله هو

(22)

المتصرف المدبر أو من بيده أزمة الأمور أو ما يقرب من ذلك ولا يصح تفسير الإله بالمعبود و إلا لفسد الاستدلال، واليك الآيات الواردة في ذلك ولا يصح تفسير الإله بالمعبود وإلا لفسد الاستدلال، واليك الآيات الواردة في ذلك المجال.

1 ـ ]لو كان فيهما آلهة إلاّ الله لفسدتا...[ ([30]). فإن البرهان على نفي تعدد الآلهة لا يتم إلاّ إذا جعلنا «الإله» في الآية بمعنى المتصرف المدبر أو من بيده أزمة الأمور أو ما يقرب من هذين. ولو جعلنا الإله بمعنى المعبود لانتقض البرهان لبداهة تعدد المعبودين في هذا العالم، مع عدم الفساد في النظام الكوني وقد كانت الحجاز يوم نزول هذه الآية مزدحم الآلهة ومركزها مع كون العالم منتظما، غير فاسد.

وعندئذ يجب على من يجعل «الإله» بمعنى المعبود أن يقيده بلفظ «بالحق» أي لو كان فيهما معبودات ـ بالحق ـ لفسدتا ولما كان المعبود بالحق مدبراً أو متصرفا لزم من تعدده فساد النظام وهذا كله تكلف لا مبرر له.

2 ـ ]ما اتخذ الله من لود وما كان معه من إله إذا لذهب كلّ إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض...[ ([31]).

ويتم هذا البرهان أيضاً لو فسرنا الإله بما ذكرنا من أنّه  كلّ ما يطلق عليه لفظ الجلالة. وأن شئت قلت:أنّه  كناية عن الخالق أو المدبر المتصرف أو من يقوم بأفعاله وشؤونه. والمناسب في هذا المقام هو الخالق، ويلزم من تعدده ما رتب عليه في الآية من ذهاب كلّ إله بما خلق واعتلاء بعضهم على بعض.

ولو جعلناه بمعنى المعبود لانتقض البرهان، ولا يلزم من تعدده أي اختلال في الكون وأدل دليل على ذلك هو المشاهدة فإن في العالم آلهة متعددة وقد كان في أطراف الكعبة المشرفة ثلاثمائة وستون إلها ولم يقع أي فساد واختلال في الكون.

فيلزم على من يفسر(اله) بالمعبود ارتكاب التكلف بما ذكرناه في الآية المتقدمة.

(23)

 3 ـ ]قل لو كان معه آلهة كما يقولون إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلاً[([32]).فإن ابتغاء السبيل إلى ذي العرش من لوازم تعدد الخالق المدبر المتصرف أو من بيده أزمة أمور الكون أو غير ذلك مما يرسمه في ذهننا معنى الألوهية، وأما تعدد المعبود فلا يلازم ذلك إلاّ بالتكليف الذي أشرنا إليه فيما سبق.

4 ـ ]إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون. لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها..[ ([33]) والآية تستدل من ورود الأصنام والأوثان النار على كونها غير آلهة إذ لو كانت آلهة ما وردت النار.

والاستدلال إنّما  يتم لو فسرنا الآلهة بما أشرنا إليه، فإن خالق العالم أو مدبره والمتصرف فيه أو من فوض فيه أو من فوض إليه أفعال الله أجل من أن يحكم عليه بالنار أو أن يكون حصب جهنم.

وهذا بخلاف ما إذا جعلناه بمعنى المعبود فلا يتم البرهان لأن المفروض أنها كانت معبودات وقد جعلت حصب جهنم. ولو أمعنت في الآيات التي ورد فيها لفظ الإله والآلهة لقدرت على استظهار ما اخترناه.

حصيلة البحث أن العبادة عبارة عن الخضوع الصادر عمن يتخذه الخاضع إلهاً وما ذكرناه على وجه التفصيل هو الذي أفرغه الشيخ جواد البلاغي في قالب التعريف وقال:العبادة ما يرونه مشعراً بالخضوع لمن يتخذه الخاضع إلها ليوفيه بذلك ما يراه له من حق الامتياز بالألوهية([34]).

(24)

التعريف الثاني للعبادة:

وهناك تعريف آخر يعد وجها ثانياً للتعريف الماضي فهما وجهان لعملة واحدة وهو «العبادة عبارة عن الخضوع للشيء على أنّه  رب».

واللغويون وإن ذكروا للرب معاني مختلفة من الخالق والمالك والصاحب والمصلح، ولكن الظاهر أن أكثر هذه المعاني من لوازم المعنى الواحد، ويمكن تصويره بأنه من فوض إليه أمر الشيء من حيث الإصلاح والتدبير والتربية، فلو أطلق الرب على الخالق فلأنه يقوم بإصلاح مخلوقه وتدبيره وتربيته، ولو أطلق على صاحب المزرعة أنّه  رب الضيعة، أو على سائس القوم أنّه  ربهم فلان الأول يقوم بتصليح أمور المزرعة والثاني بتدبير أمور القوم وشؤونهم وقس على ذلك سائر الأمور، فالله سبحانه رب العالمين، و]رب السماوات والأرض...[ ([35]).

]... هو رب الشعرى[([36]) فلأجل أنّه  سبحانه مدبر ومدير ومتصرف في شؤونها والقائم عليها، فلو أطلق الرب على مالك الدابة فلأجل أنّه  فوض إليه إصلاح المملوك.

هذا من جانب ومن جانب آخر أنّه  سبحانه يعلل في لفيف من الآيات حصر العبادة في الله سبحانه بكونه هو الرب دون غيره فتدل بصراحة على أن العبادة من شؤون الربوبية واليك بعض الآيات.

]وقال المسيح يا بني إسرائيل أعبدوا الله ربي وربكم...[ ([37]).

]إنّ  هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فأعبدون[([38]).

(25)

]إنّ  الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم[([39]).

إذا عرفت هذين الأمرين:

1 ـ الرب من فوض إليه تدبير الشيء وإصلاحه وتربيته.

2 ـ أن الآيات تعلل حصر العبادة في الله بكونه ربا.

تقف على أن اتسام الخضوع والسؤال والدعاء بالعبادة من شؤون الاعتقاد بكون المخضوع له رباً، بيده مسير الخاضع ومصيره وأن شئت قلت بيده شأن أو شؤون من حياته الدنيوية أو الأخروية فالخضوع المقرون بهذا الاعتقاد يضفي عليه عنوان العبادة.

وليعلم المراد من كون المربوب مالكاً لشأن من شؤون حياته ليس هو المالكية القانونية والوضعية التي تعطى للإنسان في حين وتسلب عنه في حين آخر، بل المراد المالكية التكوينية المستمدة من الخالقية كما في الإله الأعلى أو من تفويض الإله إلاّ على لها كما هو الحال عند آلهة المشركين ـ على زعمهم ـ فكانوا يعتقدون بأنه سبحانه فوض إليهم بعض شؤون يحاتهم كأفران الذنوب والشفاعة بل يظهر مما نقله ابن هشام في سيرته أن الشرك دخل مكة في صورة الشرك في الربوبية فيما يرجع إلى الاستمطار، يقول ابن هشام:«كان عمرو بن لحي أول من أدخل الوثنية إلى مكة ونواحيها فقد رأى في سفره إلى البلقاء من أراضي الشام أناساً يعبدون الأوثان وعندما سألهم عما يفعلون قائلا:ما هذه الأصنام التي أراكم تعبدونها ؟ قالوا:هذه أصنام نعبدها فنستمطرها فتمطرنا ونستنصرها فتنصرنا فقال لهم:أفلا تعطوني منها فأسير به إلى أرض العرب فيعبدوه ؟ وهكذا استحسن طريقتهم واستصحب معه إلى مكة صنماً كبيراً باسم «هبل» ووضعه على سطح الكعبة المشرفة ودعا الناس إلى عبادته»([40]).

أذن فاستمطار المطر من هذه الأوثان والاستعانة بها يكشف عن أن بعض

(26)

المشركين كانوا يعتقدون بأن لهذه الأوثان دخلا في تدبير شؤون الكون وحياة الإنسان.

 

نتيجة البحث:

إذا وقفنا على أن مقوم العبادة عبارة عن اعتقاد السائل والخاضع والداعي أو المنادي بأن المسؤول والمخضوع له «إله» و«رب» يملك شيئا مما يرجع إليه في عاجله أو آجله، في مسيره ومصيره، وأنه يقوم بذلك لكونه خالقا أو مفوضا إليه من جانب الخالق فيقوم على وجه الاستقلال والأصالة، نستطيع أن نقضي في الأعمال التي يقوم بها أشياع الأنبياء ومحبوهم بأنها ليست عبادة أبداً وإنّما  هي من مصاديق التكريم والاحترام وأن بلغت نهاية التذلل. أنها لا تنطلق عن اعتقاد الخاضع بألوهية النبي لا ربوبيتة بل تنطلق عن الاعتقاد بكرونهم عباد الله الصالحين وعباده المكرمين الّذين لا يعصون الله وهم بأمره يعملون، نظير:

1 ـ تقبيل الأضرحة وأبواب المشاهد التي تضم أجساد الأنبياء والأولياء، فإن ذلك ليس عبادة لصاحب القبر والمشهد لفقدان عنصر العبادة فيما يفعله الإنسان من التقبيل واللمس وما شابه ذلك.

2 ـ إقامة الصلاة عند المشاهد تبركا بالموضع الذي تضمن جسد النبي أو الإمام كما تبرك بالصلاة عند مقام إبراهيم ابتاعا لقوله تعالى:]..واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى..[([41]).

3 ـ التوسل بالنبي سواء كان توسلا بذاته وشخصه، أو بمقامه وشخصيته أو بدعائه في حال حياته ومماته فإن ذلك كله لا يكون عبادة لعدم الاعتقاد بألوهية النبي ولا ربوبيته ويعد من التوسل بالأسباب سواء كان المدعو قادرا على إنجاز العمل أو عاجزا.

(27)

غاية الأمر يكون التوسل في صورة العجز غير مفيد لا يتسم بالشرك بالشرك، فلو افترضنا أن الأنبياء والأئمة في حال الممات غير قادرين على شيء فدعاؤهم والتوسل بهم مع كونهم عاجزين لا يجعل العمل شركا بل يجعله لغواً، مع أن أصل المبنى باطل أي أنهم غير قادرين في حال الممات.

4 ـ طلب الشفاعة من الأنبياء أو النبي الأكرم ليس شركا لأنه يطلبها منه بقيد أنّه  عبد مأذون له لا أنّه  مفوض إليه أمرها، وفي الواقع أما أن يكون مأذونا له فيشفع وأما أن يكون الطلب لغوا.

الاستغاثة بالأرواح المقدسة ليست إلاّ كالاستغاثة بهم في حال حياتهم، فهي على وجه يتسم بالشرك من غير فرق بين حالي الحياة والممات ولا يتسم به على وجه آخر كذلك، فلو استغاثة بما أنّه  عبد أقدره الله تعالى على الإجابة حيا وميتا يكون من قبيل التوسل بالأسباب، وأن استغاثة بما أنّه  اله أو رب يقوم بالاستغاثة أصالة واستقلالاً وأنه فوض إليه حياة المستغيث عاجلا وآجلا فهو شرك من غير فوق بين الحالتين.

هذا خلاصة البحث حول حصر العبادة بالله سبحانه وإذا أمعنت النظر فيما ذكرنا تقدر على القضاء على ما آثاره بعض المناهج الفكرية في الأوساط الإسلاميّة  حول هذه الأمور ونسب جل المسلمين إلى الشرك في العبادة مع أنهم عن الشرك بمنأى.

 

حصر الاستعانة في الله:

هذه هي المسألة الثانية التي طرحت في صدر المقال وقلنا أن المسلمين في أقطار العالم يحصرون الاستعانة في الله سبحانه ومع ذلك أنهم يستعينون بالأسباب العادية جريا على القاعدة السائدة بين العقلاء ولا يرونه مخالفا للحصر كما أن المتوسلين بأرواح الأنبياء يستعينون بهم في مشاهدهم ومزاراتهم. أفهذا يضاد حصر الاستعانة في الله أو أن 

(28)

الحقيقة وراء ذلك ؟

أن الاستعانة بغير الله يمكن أن تتحقق بصورتين:

1 ـ أن نستعين بعامل ـ سواء كان طبيعياً أو غير طبيعي ـ مع الاعتقاد بأن عمله مستند إلى الله بمعنى أنّه  قادر على أن يعين العباد ويزيل مشاكلهم بقدرته المكتسبة من الله وأذنه.

وهذا النوع من الاستعانة ـ في الحقيقة ـ لا ينفك عن الاستعانة بالله ذاته لأنه ينطوي على الاعتراف بأنه هو الذي منح تلك العوامل ذلك الأثر، وأذن به وأن شاء سلبها وجردها منه.

فإذا استعان الزارع بعوامل طبيعية كالشمس والماء وحرث الأرض، فقد استعان بالله ـ في الحقيقة ـ لأنه تعالى هو الذي منح هذه العوامل القدرة على انماء ما أودع في بطن الأرض من بذر ومن ثم إثباته والوصول به إلى حد الكمال.

2 ـ وإذا استعان بإنسان أو عامل طبيعي مع الاعتقاد بأنه مستقل في وجوده، أو في فعله عن الله فلا شك أن ذلك الاعتقاد يصير شركا والاستعانة معه عبادة.

فإذا استعان زارع بالعوامل المذكورة وهو يعتقد بأنها مستقلة في تأثيرها أو انها مستقلة في وجودها ومادتها كما في فعلها وقدرتها فالاعتقاد شرك والطلب عبادة.

وبذلك يظهر أن الاستعانة المنحصرة في الله المنصوص عليها في قوله تعالى ]وإياك نستعين[، هي الاستعانة بالمعونة المستقلة النابعة من ذات المستعان به، غير المتوقفة على شيء فهذه هي المنحصرة في الله تعالى، وأما الاستعانة بالإنسان الذي لا يقوم بشيء إلاّ بحول الله وقوته، وإذنه ومشيئته، فهي غير منحصرة بالله سبحانه، بل أن الحياة قائمة على هذا الأساس فإن الحياة البشرية مليئة بالاستعانة بالأسباب التي تؤثر وتعمل بإذن الله تعالى.

(29)

ولإيقاف القارئ على هذه الحقيقة نلفت نظره إلى آيات تحصر جملة من الأفعال الكونية في الله تارة مع أنّه  تنسب نفس الأفعال في آيات أخرى إلى غير الله أيضاً، وما هذا إلاّ لأنه لا تنافي بين النسبتين لاختلاف نوعيتهما فهي محصورة في الله سبحانه مع قيد الاستقلال ومع ذلك تنسب إلى غير الله مع قيد التبعية والعرضية.

الآيات الناسبة للظواهر الكونية إلى الله وإلى غيره:

1 ـ يقول سبحانه:]وإذا مرضت فهو يشفين[([42]).

بينما يقول سبحانه فيه (أي في العسل):]...شفاء للناس...[ ([43]).

2 ـ يقول سبحانه:]إنّ  الله هو الرزاق..[ ([44]) بينما يقول:]..وارزقوهم فيها..[ ([45]).

3 ـ يقول سبحانه: ]أنتم تزرعونه أم نحن الزارعون[([46]).

بينما يقول سبحانه:].. يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار..[ ([47]).

4 ـ يقول تعالى:]..والله يكتب ما يبيتون...[ ([48]).

بينما يقول سبحانه ]... بلى ورسلنا لديهم يكتبون[([49]).

5 ـ يقول تعالى:]... ثم استوى على العرش يدبر الأمر..[ ([50]).

بينما يقول سبحانه:]فالمدبرات أمرا[([51]).

6 ـ يقول سبحانه:]الله يتوفى الأنفس حسين موتها..[ ([52]).

(30)

بينما يقول ]الّذين تتوفاهم الملائكة طيبين..[ ([53]).

إلى غير ذلك من الآيات التي تنسب الظواهر الكونية تارة إلى الله، وتارة إلى غيره تعالى.

والحل هو:أن يقال أن المحصور على الله تعالى هو انتساب هذه الأمور على نحو الاستقلال، وأما المنسوب إلى غيره فهو على نحو التبعية، وبإذنه تعالى ولا تعارض بين الانتسابين ولا بين الاعتقاد بكليهما.

فمن اعتقد بأن هذه الظواهر الكونية مستندة إلى غير الله على وجه التبعية لا الاستقلال لم يكن مخطئا ولا مشركا وكذا من استعان بالنبي أو الإمام، على هذا الوجه.

هذا مضافا إلى أنّه  تعالى الذي يعلمنا أن نستعين به فنقول: ]إياك نعبد وإياك نستعين[ ويحثنا في آية أخرى على الاستعانة بالصبر والصلاة فيقول ]واستعينوا بالصبر والصلاة..[ ([54]).

[1]  ـ سورة الفاتحة:5.

[2]  ـ سورة الإسراء:24.

[3]  ـ سورة البقرة:34.

[4]  ـ سورة النحل:36.

[5]  ـ سورة الأنبياء:25.

[6]  ـ سورة آل عمران: 64.

[7]  ـ سورة يوسف:4.

[8]  ـ سورة يوسف:100.

[9]  ـ سورة الحج:29.

[10]  ـ سورة البقرة:158.

[11]  ـ سورة المائدة:54.

[12]  ـ سورة الفرقان:43.

[13]  ـ سورة يس:60 ـ 61.

[14]  ـ سورة الأعراف:28.

[15]  ـ سورة يونس:104.

[16]  ـ سورة الزمر:11.

[17]  ـ سورة العنكبوت:17.

[18]  ـ سورة الصافات:95.

[19]  ـ سورة الحجر:96.

[20]  ـ سورة الفرقان:68.

[21]  ـ سورة مريم:81.

[22]  ـ سورة الأنعام:19.

[23]  ـ سورة الحجر:94 ـ 96.

[24]  ـ سورة الطور:43.

[25]  ـ سورة الصافات:35.

[26]  ـ سورة الزخرف:9.

[27]  ـ سورة آل عمران:135.

[28]  ـ سورة الزمر:44.

[29]  ـ الزمخشري، الكشاف 1:30.

[30]  ـ سورة الأنبياء:22.

[31]  ـ سورة المؤمنون:91.

[32]  ـ سورة الإسراء:42.

[33]  ـ سورة الأنبياء:98 ـ 99.

[34]  ـ البلاغي، آلاء الرحمن: 57 ط صيدا.

[35]  ـ سورة الصافات:5.

[36]  ـ سورة النجم:49.

[37]  ـ سورة المائدة:72.

[38]  ـ سورة الأنبياء:92.

[39]  ـ سورة آل عمران:51.

[40]  ـ سيرة ابن هشام 1:79.

[41]  ـ سورة البقرة:125.

[42]  ـ سورة الشعراء: 80.

[43]  ـ سورة النحل: 69.

[44]  ـ سورة الذاريات: 58.

[45]  ـ سورة النساء: 5.

[46]  ـ سورة الواقعة: 64 .

[47]  ـ سورة الفتح: 29.

[48]  ـ سورة النساء: 81.

[49]  ـ سورة الزخرف: 80.

[50]  ـ سورة يونس: 3.

[51]  ـ سورة النازعات: 5.

[52]  ـ سورة الزمر: 42.

[53]  ـ سورة النحل: 32.

[54]  ـ سورة البقرة: 45.