الوحدة الإسلامية بين الإطار النظري والتطبيقي

الوحدة الإسلامية بين الإطار النظري والتطبيقي


الوحدة الإسلامية
بين الإطار النظري والتطبيقي

  

الدكتور أحمد عبد الرحيم السايح
أستاذ العقيدة والفلسفة في جامعة الأزهر - مصر

 

الإسلام الحنيف جاء ليربط المسلمين جميعا برباط هو أوثق الروابط، وهو رابط الأخوة التي تزول معها جميع الفوارق من نسب عريق، ومال وفير، وجاه عريض، إلى غير ذلك مما درج الناس على اعتباره من المميزات والفوارق بين الناس.
فأي إنسان مهما كان عريق النسب، أو كثير المال، أو كان له شأن في بيئته. فهو أخ لمن دونه نسبا، وشقيق لمن هو أقل منه مالا، وأحط شأنا في المنزلة الاجتماعية([1]).
ولقد كانت دعوة محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) دعوة إلى الناس كافة، مهما تختلف أرضهم وأجناسهم، وألوانهم، وأوائل من أجابوا الدعوة تتلاقى فيهم عناصر مختلفة([2]).
روى الإمام أحمد: أن أول من أظهر الإسلام سبعة : رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وخديجة، وأبو بكر، وبلال، وعمار، وأمه سمية، والمقداد بن الأسود([3]).
وليست رواية الإمام أحمد في بيان أول الناس إسلاما، وإنما في بيان من أظهروا الإسلام([4]). يقول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : "أنا سابق العرب إلى الجنة، وصهيب سابق الروم إلى الجنة، وبلال سابق الحبشة إلى الجنة، وسلمان سابق الفرس إلى الجنة"([5]).
المجتمع الإسلامي الأول كان يكون وحدة مؤتلفة، متنوعة، ففي هذا المجتمع ذو النسب، وفيه الضعيف، وفيه من اختبرهم الله بالرق، وإن لم ينل نفوسهم ذلة، وفيهم الرجال والنساء، وفيهم العربي والحبشي([6]). وقد بين الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) نظام المؤاخاة في الإسلام، وجعل لهذه المؤاخاة قوة أخوة النسب، وقد بدأ هذا الاتجاه في مكة قبل الهجرة، فلما هاجر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى المدينة اتسع نطاق المؤاخاة بين المسلمين([7]).
قدم عبد الرحمن بن عوف المدينة، فآخى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بينه وبين سعد بن الربيع الأنصاري، فقال سعد : أخي : أنا أكثر أهل المدينة مالا. فانظر شطر مالي فخذه. وتحتي امرأتان، فانظر أيتهما أعجب إليك حتى أطلقها لك، فإذا حلت تزوجتها..
فقال عبد الرحمن بن عوف : بارك الله لك في أهلك ومالك، دلوني على السوق، فدلوه على السوق، فاشترى وباع، فربح([8]).
فها هو سعد بن الربيع (رضي الله عنه) لا يرضى أن يعيش شبعانا، وأخوه في الإسلام جائع، بل لا يكفيه أن يشبعه ويؤويه، بل يدعوه إلى مشاطرته في ماله، ومشاركته فيه.
ولا يقبل أن يبيت وله زوجتان، وأن يبيت أخوه في الإسلام أعزب ليس له زوجة، فيعرض عليه أن يختار إحداهما ليطلقها فيتزوجها، فأي شعور أنبل من هذا الشعور، وأي أخوة أعظم وأصدق من هذه الأخوة؟([9])
ومؤمنو مكة على اختلاف قبائلهم ما عرفنا لهم اسما في التاريخ إلا المهاجرين، ومؤمنو المدينة على اختلاف قبائلهم ما عرفنا لهم اسما في التاريخ إلا الأنصار([10]). 
والإسلام لم يكتف بإطلاق اسم المهاجرين على المؤمنين من أهل مكة الذين هاجروا إلى المدينة، ولم يكتف أيضا بإطلاق اسم الأنصار على قبيلتي الأوس والخزرج.
مع أن إطلاق اسم الأنصار والمهاجرين كان كافيا لإعطاء المعنى الإسلامي الدال على الأخوة([11]).
لم يكتف الإسلام بهذا، وإنما عمل على كل ما من شأنه أن يدعم مسيرة المسلمين ويأخذ بهم إلى مراقي الفلاح والتقدم، ولذا نجد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يبدأ في البناء الأخوي الكامل، ليقيم وحدة المسلمين على أساس أصيل.
قال ابن إسحاق : آخى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بين أصحابه من المهاجرين والأنصار، فقال – فيما بلغنا : "تآخوا في الله أخوين أخوين"([12]).
لقد بلغ المسلمون الأوائل درجة عليا، ومكانة عظمى، في حبهم لبعضهم، وتكامل أخوتهم، حتى كانوا يؤثرون إخوانهم على أنفسهم، قال تعالى : (وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [سورة الحشر : 9].
ولا يخفى أن قوة الإيمان بالله والتصديق برسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) تجعل النفس الإنسانية تشرق بالكثير من صفات الخير، وتتخلق بالآداب والفضائل العظيمة.
لقد صنع الإيمان وهذا التصديق جماعة اصطبغ سلوكهم بالشمائل الجليلة، فكانوا يؤثرون إخوانهم بأموالهم وديارهم على أنفسهم، ويقدمون حاجة إخوانهم على حاجتهم، حبا لهم، ورغبة في أخوتهم([13]).
والذين سكنوا المدينة، وأشربت قلوبهم حب الإيمان قبل هجرة أولئك المهاجرين، لهم صفات كريمة، وشيم جليلة، تدل على كرم النفس، ونبل الطباع([14])، ولذا كانوا يقدمون المحاويج على حاجة أنفسهم، ويبدأون بالناس قبلهم في حال احتياجهم إلى ذلك، وهؤلاء تصدقوا وهم يحبون ما تصدقوا به، وهؤلاء آثروا على أنفسهم مع خصاصتهم وحاجتهم إلى ما أنفقوه([15]).
وجاء أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قسم أموال بني النضير على المهاجرين ولم يعط الأنصار إلا ثلاثة نفر : أبا دجانة سماك بن خرشة، وسهل بن حنيف والحارث بن الصمة، وقال لهم : "إن شئتم قسمتم للمهاجرين من أموالكم ودياركم وشاركتموهم في هذه الغنيمة، وإن شئتم كانت لكم دياركم وأموالكم، ولم يقسم لكم شيء من الغنيمة".
فقالت الأنصار : بل نقسم لهم من أموالنا وديارنا، ونؤثرهم بالغنيمة، ولا نشاركهم فيها.
وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) للأنصار : "إن إخوانكم قد تركوا الأموال والأولاد وخرجوا إليكم".
فقالوا : أموالنا بيننا قطائع، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : "أو غير ذلك؟".
فقالوا : وما ذاك يا رسول الله؟
قال : "هم قوم لا يعرفون العمل فتكفونهم وتقاسمونهم التمر" فقالوا : نعم يا رسول الله([16]).
نعم : إن الإيمان الصادق إذا صادف قلوبا هيئت له، تمكن فيها، ونما وترعرع، وأشرقت آثاره على من حولها، وسعى أصحاب هذه القلوب المؤمنة في بذل ما يرضي من حولهم من المؤمنين، وكان أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من خيرة من تمسك بفضيلة الإيثار، حرصا على أخوة الإسلام، والتوادد في ظلال الإيمان([17])، قال تعالى : (مُحَمَّدٌ رَّسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ) [سورة الفتح : 29].
لقد كان من فضل الله سبحانه وتعالى على الأمة الإسلامية، أن يسر لها طريق الوحدة الكاملة، والرابطة القوية، والتجمع الهائل، بما أرسل لها من رسول رحيم، وبما أعطاها من كتاب كريم، وبما كلفها من عقيدة.
فكانت أخوة المسلمين فوق كل الحواجز الجنسية، والعرقية، والقومية، والحزبية والسياسية.
هذه الأخوة ربطت بين المسلمين، ووحدت صفوفهم، وجعلتهم أمة واحدة، لها شأنها واعتبارها، وإن الباحث في وحدة الأمة الإسلامية يجد أن الإسلام أقام هذه الوحدة على أسس ثابتة، ودعائم قوية، وأصول لا تبلى.. وأهم هذه الأصول :
أولا : وحدة الأصل الإنساني :
فإن الناس جميعا على اختلاف أجناسهم، وتمايز ألوانهم، وتباعد أقطارهم، إنما يرجعون إلى أب واحد، وأصل واحد، فأبوهم آدم، وأمهم حواء.
ولطالما ذكر القرآن الكريم للمسلمين هذه الحقيقة، وبينها لهم في أساليب شتى، وآيات متعددة، لكي يضعوها دائما في اعتبارهم، ويرعوها حق رعايتها، ومن ذلك أن يعيشوا متآخين متحدين، وكأنهم أعضاء لجسد واحد، أو لبنات في بناء واحد، يشد بعضه بعضا.
قال تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [سورة النساء : 1].
فالله سبحانه وتعالى خلق الناس من نفس واحدة، أي : من أصل واحد، وجعله سبحانه وتعالى إياهم صنوفا مفرعة من أرومة واحدة، من موجبات الاحتراز عن الإخلال بمراعاة ما بينهم من حقوق الأخوة([18]).
وقال تعالى : (وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ) [سورة الأنعام : 98].
فالله سبحانه وتعالى هو الذي أنشأكم من نفس واحدة، هي : الإنسان الأول، الذي تسلسل منه سائر الناس بالتوالد، وهو آدم عليه السلام، وفي إنشاء جميع البشر من نفس واحدة آيات بينات على قدرة الله وعلمه وحكمته ووحدانيته، وفي التذكير بذلك إيماء إلى ما يجب من شكر نعمته، وإرشاد إلى ما يجب من التعرف والتعاون بين البشر، وأن يكون هذا التفرق إلى شعوب وقبائل مدعاة إلى التآلف، لا إلى التعادي والتقاتل، وبث روح العداوة والبغضاء بين الناس([19]).
وقال تعالى : (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا) [سورة الأعراف : 189]. فهي نفس واحدة في طبيعة تكوينها، وإن اختلفت وظيفتها في الذكر والأنثى([20]).
وقال تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) [سورة الحجرات : 13].
فهذه الآية العظيمة – كما ترى - : تقرر أصلا من أصول الإسلام، وهو المساواة بين الناس، وكان العالم قبل انبثاق نور الإسلام يموج في الظلم ويضطرب في الفساد، وتسوده الهمجية، والعصبية الجاهلية، وتخيم عليه ضلالات العصور القديمة، وقد نشر الرعب أجنحته على الدنيا وزاد الفساد والتفاخر في الأنساب.
في هذه الظلمة الداكنة : ينبثق فجر الإسلام، فتبدد أنواره تلك الغيوم السوداء، وتنزل هذه الآية الكريمة، لتقرر مبدأ إنسانيا عظيما، وهو إعلان المساواة بين البشر، كل البشر([21]).
فالناس جميعا من أب واحد، وأم واحدة، وما جعلهم شعوبا وقبائل مختلفة إلا ليحصل بينهم التعارف والتعاون في مصالحهم المختلفة، ولا فضل لواحد على آخر إلا بالتقوى، والصلاح، وكمال النفس([22]).
وإذا كان هذا شأن القرآن الكريم في تأكيد هذه الحقيقة التي تقرر أن الناس جميعا، من أب واحد، وأم واحدة، فإن السنة النبوية جاءت كذلك مذكرة الناس بحقيقة رجوعهم إلى أب واحد، وأصل واحد، توضيحا لتعاليم القرآن الكريم، وتقريرا لمبادئه.
ومن ذلك ماروي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه خطب الناس بمنى([23]) في وسط أيام التشريق، وهو على بعير، فقال : "أيها الناس : ألا إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربي على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأسود على أحمر، ولا لأحمر على أسود، إلا بالتقوى، ألا هل بلغت؟ قالوا : نعم. قال : فليبلغ الشاهد الغائب"([24]).
وعن أبي مالك الأشعري، قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : "إن الله لا ينظر إلى أحسابكم، ولا إلى أنسابكم، ولا إلى أجسامكم، ولا إلى أموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم، فمن كان له قلب صالح تحنن الله عليه، وإنما أنتم بنو آدم، وأحبكم إليه أتقاكم"([25]).
وإذا كان الخطاب في الآيات الكريمة، والأحاديث الشريفة عاما لكل الناس – كما نرى – فإن المسلمين هم أحق وأجدر باتباع هدي كتاب ربهم، والاستمساك بتعاليم نبيهم.
ثانيا : وحدة العقيدة :
ومن الأصول الأساسية التي جاء بها الإسلام، وتعد من أهم الركائز لوحدة المسلمين، مهما اختلفت بهم الأقطار، ومهما تباينت جنسياتهم، وتمايزت ألوانهم : وحدة العقيدة، فعقيدة المسلمين واحدة، لا تختلف باختلاف جنس من الأجناس، أو لون من الألوان، أو مصر من الأمصار...
كلا بل هي واحدة دائما عند كل المسلمين، تقوم على الإيمان بالله، وبرسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) وبكل ما في القرآن الكريم، وأن الإسلام هو الإسلام، والقرآن هو القرآن([26]). "وأساس العقيدة : هو الإيمان بوجود الله تعالى، بل إن ذلك هو أساس الدين كله، لأن الإيمان بالله يدفع الإنسان إلى التصديق بكل ما أخبر به، وتنفيذ كل ما أرشد إليه من أمر ونهي"([27]).
وقد عبر القرآن الكريم عن العقيدة : بالإيمان، والعقيدة في الوضع الإسلامي هي الأصل([28])، وعناصر هذه العقيدة : مبثوثة في آيات كثيرة من القرآن الكريم، ومن أجمعها على سبيل التمثيل :
(1) قوله تعالى : (لَيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) [سورة البقرة : 177]
قال ابن كثير : اشتملت هذه الآية على جمل عظيمة وقواعد عميمة، وعقيدة مستقيمة([29]).
(2) وقال تعالى : (آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) [سورة البقرة : 284]
إن هذه الآية الكريمة صورة للمؤمنين، وللجماعة المختارة، التي تمثلت فيها حقيقة الإيمان فعلا، ولكل جماعة تتمثل فيها هذه الحقيقة الضخمة الهائلة، ومن ثم كرمها الله سبحانه وتعالى وهو يجمعها في حقيقة الإيمان الرفيعة من الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو تكريم تدرك حقيقته الجماعة المؤمنة، لأنها تدرك حقيقة الرسول العظيمة، وتعرف أي مرتقى رفعها الله إليه عنده، وهو يجمع بينها، وبين الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) في صفة واحدة في آية واحدة، من كلامه الجليل([30]) :
(آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ) [سورة البقرة : 284]
إنه الإيمان الكامل الشامل، الذي جاء به هذا الدين، الإيمان الذي يليق بهذه الأمة الوارثة لدين الله، القائمة على دعوته في الأرض إلى يوم القيامة، السائرة في موكب الدعوة، وموكب الرسول، وموكب الإيمان الممتد في شعاب التاريخ البشري.. الإيمان الذي يتمثل البشرية كلها، منذ نشأتها إلى نهايتها([31]).
(3) وقال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِن قَبْلُ وَمَن يَكْفُرْ بِاللهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيدًا) [سورة النساء : 136]
قال ابن كثير : يأمر الله تعالى عباده المؤمنين بالدخول في جميع شرائع الإيمان، وشعبه وأركانه، ودعائمه، وليس هذا من باب تحصيل الحاصل، بل من باب تكميل الكامل، وتقريره وتثبيته والاستمرار عليه([32]).
ومن أجمع ما ورد من حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في عقيدة المسلمين، ما جاء عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : "بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، والحج"([33]).
وعن العباس بن عبد المطلب (رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : "ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا"([34]). إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة الواردة في عقيدة المسلمين، وهي في حقيقتها مبينة لما جاء به القرآن الكريم، وموضحة له.
وعقيدة المسلمين واحدة لدى كل المسلمين، في شرق الأرض وغربها، وشمالها، وجنوبها، تجتمع عليها قلوبهم، وتحفظها عقولهم وتستيقنها نفوسهم.
ووحدة العقيدة جددت بين المسلمين ما مضى من قرابة الدم القائمة بينهم، وإذا كانت أبوة آدم عليه السلام أبوة مادية، تجمع بين الأمة الإسلامية، وتوحد بينها في الأصل، فإن العقيدة الإسلامية هي أبوة روحية ترجع إليه فروع المؤمنين، والحق أن المؤمن حينما يستشعر جلال هذا الأصل الروحي، الذي يجمعه وإخوانه المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، إلى جانب الأصل المادي الذي يرجعه معهم إلى أبوة واحدة، فإنه حينئذ يشعر أنه إنما يحيا بإخوانه، ويحيا لهم كأنه غصن من أغصان شجرة عظيمة، يحيا بحياتها، ويموت بموتها.
وإن رابطة العقيدة في الإسلام أعلى وأقوى من رابطة الدم والنسب، والمساكنة في الوطن، والمشاركة في القومية.
وهذا الأساس : هو المنطلق الوحيد للخروج من قوقعة الأنانيات الفردية والقبلية والقومية، إلى صعيد اللقاء الإنساني، على أساس المبادئ، المتينة الراسخة، مبادئ الحق والعدل والخير، وفي هذا الإطار التربوي النفسي ذاته، عالج الإسلام النفس الإنسانية إعدادا لها لتحقيق التعارف والتعاون.
وانطلاقا من مفاهيم العقيدة التي جاء بها الإسلام أعد الإسلام النفوس للتعارف والتعاون الإنساني، ذلك أنه جعل العصبيات بأنواعها فسوقا، وخروجا عن العقيدة، وانحرافا عن حياتها.
والعقيدة التي كانت أصلا من أصول وحدة المسلمين مأخوذة من العقد، والعقد هو الجمع بين أطراف الشئ، ويستعمل ذلك في الأجسام الصلبة، كعقد الحبل، وعقد البناء، وتوسع في العقد فاستعمل في المعاني كعقد البيع، وعقد النكاح([35])، كأنه ربط بين أجزاء، ويقال : عاقدته، عقدته، وتعاقدنا، وعقدت يمينه([36]).
والعقيدة تعني الارتباط بين القلب البشري وفكرة أو رأي أو منهج معين، وإن هذا الارتباط يتميز بالوثاقة والقوة والإحكام، كما يتسم بالثبات، والاستمرار والاستقرار([37]).
والعقيدة هي الأمر الذي تثق به النفس، ويطمئن إليه القلب، ويكون يقينا عند صاحبه ولا يمازجه شك، ولا يخالطه ريب. فالعقيدة مجموعة من قضايا الحق المسلم بها بالسمع والعقل والفطرة، يعقد عليها الإنسان قلبه، ويثني عليها صدره، جازما بصحتها، قاطعا بوجودها وثبوتها([38]).
ويذكر العقاد: أننا نعني بالعقيدة الدينية طريقة حياة، لا طريقة فكر، ولا طريقة دراسة، إنما نعني بها حاجة النفس، كما يحس بها من أحاط بتلك الدراسات،ومن فرغ من العلم والمراجعة، ليترقب مكان العقيدة من قرارة ضميره، إنما نعني بها ما يملأ النفس، لا ما يملأ الرؤوس، أو يملأ الصفحات([39]).
إن العقيدة التي يصح أن توصف بالعقيدة الدينية هي التي لا يستغنى عنها من وجدها، ولا يطيق الفراغ منها من فقدها، ولا يرفضها من اعتصم منها بمعتصم، واستقر فيها على قرار([40]).
وإذا كان القرآن الكريم لم يذكر كلمة "عقيدة" وذكر مادتها اللغوية، فإن القرآن الكريم ذكر حقائق أساسية كبرى هي في مجموعها موضوع ما يسمى العقيدة أو العقائد.
وفي مجال العقيدة أو العقائد جاء القرآن الكريم بكلمة "الإيمان" وللقرآن الكريم طريقته الخاصة في عرض الحقائق وهي طريقة تصلح في آن واحد للخاصة من الناس والعامة منهم([41]).
ثم إنه إذا كانت كلمة العقيدة تعني الربط والتوثيق، فإن كلمة الإيمان "تعني الربط والتوثيق مضافا إليها ما يطمئن إليه القلب، ويقتنع به اقتناعا ذاتيا ونفسيا".
وهذه الحقائق الأساسية عرضها القرآن على الناس، وأيدها بالأدلة والشواهد، ودعا إلى تصديقها والإيمان بها، وكرر ذكرها بأساليب شتى، وطرق متعددة، وهي التي تؤلف جو القرآن العام، والأساس الذي تتفرع منه قواعده الخلقية، وأحكامه التشريعية، لا تنفصل عنه أبدا.
وهي القاعدة الفكرية التي أراد الله أن يقيم عليها بناء الإنسان وتكوينه([42]). ولقد دعا القرآن بإلحاح إلى الإيمان بهذه الحقائق الكبرى، دعا إلى الإيمان بالله خالق الكون، وبالحياة الآخرة، التي تتجلى فيها مسئولية الإنسان، ويتحدد مصيره الأبدي، وبالنبوة والوحي طريقا إلى معرفة الحقائق التي يريد الله أن يلقيها إلى الإنسان، سواء أكان موضوعها عالم الغيب أم حقائق ما وراء المادة، أم كان توجيه الإنسان وتنظيم شئونه في هذه الحياة([43]).
ومما لا يخفى على الإنسان : أن هناك نوعا آخر من الحقائق اشتمل عليها القرآن الكريم، ووردت فيه على أنها طريق إلى الحقائق الأساسية – من الإيمان بالله والحياة الآخرة وبالنبوة والوحي – ووسيلة للوصول إليها، ولكنها تتكرر في سور القرآن في صور وأشكال شتى مرافقة للحقائق الأساسية، لتأييدها ودعمها.
ويشتمل هذا النوع على مشاهد الكون في القرآن الكريم بآفاقه الواسعة، وأنواع مخلوقاته المختلفة، وحوادثه المتبدلة، وسننه المطهرة، ويشتمل بوجه خاص على حياة الإنسان في خلقه وتكوينه وميوله وغرائزه في أجياله المتعاقبة، ومن عرف الحقائق الأساسية الكبرى والحقائق الأخرى التي جاءت شواهد على الحقائق الأساسية استطاع أن يخرج بفكرة شاملة عن:
- نظرة الإسلام إلى الوجود : وجود الخالق، ووجود العالم المخلوق : الكون والإنسان.
- نظرة الإسلام إلى الصلة بين الله والكون، وبين الله والإنسان، وبين الكون والإنسان.
ويتكون من مجموع ذلك عقيدة كاملة، ونظرة شاملة، وهذه العقيدة لا تتطلب تجربة كبيرة للإيمان، ولا تثير في العادة مصاعب عقلية خاصة([44]).
فالتصور الإسلامي يقوم على أساس أن هناك ألوهية وعبودية : ألوهية ينفرد بها الله سبحانه، وعبودية يشترك فيها كل من عداه وكل ما عداه، وكما ينفرد الله سبحانه بالألوهية كذلك ينفرد – تبعا لهذا – بكل خصائص الألوهية.. وكما يشترك كل حي، وكل شئ بعد ذلك في العبودية كذلك يتجرد كل حي، وكل شئ من خصائص الألوهية، فهناك – إذن – وجودان متميزان، وجود الله، ووجود ما عداه من عبيد الله، والعلاقة بين الوجودين هي علاقة الخالق بالمخلوق، والإله بالعبيد([45]).
وإذا كان الأمر – كما عرفنا – فما مكان الإنسان من الكون كله؟ وما مكانه من هذه السيارة الأرضية بين خلائقها الأحياء؟
ما مكانه بين أبناء نوعه البشري؟ وما مكانه بين كل جماعة من هذا النوع الواحد، أو هذا النوع الذي يتألف من جملة أنواع يضمها عنوان "الإنسان"؟ وهي أسئلة لا جواب لها في غير "عقيدة دينية" تجمع للإنسان صفوة عرفانه بدنياه، وصفوة إيمانه بغيبها المجهول، تجمع له زبدة الثقة بعقله، وزبدة الثقة بالحياة : حياته وحياة سائر الأحياء والأكوان([46]).
وأنت تجد أن القرآن الكريم يخص من هذا الكون مخلوقا هو الإنسان، فيتحدث عنه مرات كثيرة، بل يخصه بالمخاطبة، لأنه هو المقصود، ولكنه في الوقت نفسه يشعره بموقفه من هذا الكون.
فالإنسان أولا : نوع من أنواع أخرى في هذا الكون، يشترك معها في أمور، ثم يتميز عنها، فهو مخلوق من تراب في الأصل، قال تعالى : (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ) [سورة آل عمران : 59]، وقوله تعالى : (أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ) [سورة الكهف : 37]، وقوله تعالى : (فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ) [سورة الحج : 5]، وقوله تعالى : (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ) [سورة الروم : 20].
ويقول بهذه المناسبة "ألكسيس كاريل" في كتابه "الإنسان ذلك المجهول" بعد أن بين المقابلة بين المواد الكيماوية التي يتركب منها الجسم البشري، والتي يتكون منها التراب بمختلف أنواعه يقول : إن الإنسان مخلوق من تراب بالمعنى الحقيقي الحرفي لهذه الكلمة([47]) وقد جاء في الآية قوله تعالى : (وَاللهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الأَرْضِ نَبَاتًا) [سورة نوح : 17].
والإنسان ثانيا : نوع من أنواع الحيوانات يدخل في تصنيفها ويشترك معها في أمور، قال تعالى : (وَاللهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِّن مَّاءٍ فَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى بَطْنِهِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُم مَّن يَمْشِي عَلَى أَرْبَعٍ) [سورة النور : 45]، وقال تعالى : (ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلاَلَةٍ مِّن مَّاءٍ مَّهِينٍ) [سورة السجدة : 8]، وقال تعالى : (وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم) [سورة الأنعام : 38].
والإنسان ثالثا : نوع متميز عن الحيوان كما يبدو من قوله تعالى : (ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ) [سورة المؤمنون : 14]،  وذلك من جهة خلقه وتكوينه الجسمي، كما تشير الآيات أكثر من مرة إلى تسويته : (ثُمَّ سَوَّاهُ) [سورة السجدة : 9]، (فَإِذَا سَوَّيْتُهُ) [سورة الحجر : 29]، (فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ) [سورة الانفطار : 7]، وإلى جعله : (فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) [سورة التين : 4] وتميزه كذلك من جهة العقل والعلم الناميين بسبب الحواس كما تشير إلى ذلك الآية : (وَاللهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [سورة النحل : 78] وكما تشير الآية الأخرى (عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) [سورة العلق : 5] وهو علم يستطيع أن يعبر عنه ( خَلَقَ الإِنْسَانَ عَلَّمَهُ البَيَانَ ) [سورة الرحمن : 3-4]، بل هو علم قابل دائما للنمو والزيادة (وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا) [سورة طه : 114]، (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ) [سورة فصلت: 53].
والإنسان رابعا : يتميز بجانب روحي، أشارت إليه آيات كثيرة، كقوله تعالى: (فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ) [سورة الحجر : 29]، وقوله تعالى: (ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ) [سورة السجدة : 9]
وهو الجانب الذي رفع مرتبة الإنسان وجعله في مقام  من التكريم، فأسجد الله له الملائكة: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً) [سورة الإسراء: 70].
وعلى تنمية هذا العنصر من الإنسان بنى الحافظ والمحدث الحكيم الترمذي([48])، وغيره من علماء السلوك نظريتهم في ترقية الإنسان في مدارج الرقي الروحي نحو الله([49]).
وفي القرآن بعد هذا آيات كثيرة، في ذكر نفسية الإنسان وما يميل إليه من زينة الدنيا وشهواتها، وما يضطرب فيها، من مختلف المشاعر والعواطف وما فيه من الصراع الدائم الذي ابتدأ منذ قصة آدم ولا ينتهي إلا بانتهاء قصة الإنسان كلها على هذه الأرض، وفيه آيات أخرى لتوجيه الإنسان في هذه الميول والمشاعر، وفي ذلك الصراع المحتم([50]).
وقد كانت العقيدة الإسلامية إيذانا بمولد مجتمع يخالف المجتمعات التي جعلت أساس مجتمعاتها الجنس أو القبيلة أو السلالة أو الإقليم أو اللغة، بخلاف الإسلام الذي جعل أساس مجتمعه العقيدة.
والعقيدة قوة لا تكافئها قوة في ضمان تماسك المجتمع واستقرار نظامه، والتئام أسباب الراحة والطمأنينة فيه، فالإنسان يمتاز عن سائر الكائنات الحية بأن حركاته وتصرفاته الاختيارية يتولى قيادتها شئ لا يقع عليه سمعه ولا بصره، ولا يوضع في يده ولا عنقه، ولا يجري في دمه، ولا يسري في عضلاته وأعضائه، وإنما هو معنى اسمه "العقيدة".
ومن هنا كان الإنسان مقودا أبدا بفكرة صحيحة أو فاسدة، فإذا صلحت عقيدته صلح فيه كل شئ وإن فسدت فسد كل شئ([51]).
فالعقيدة الإسلامية تعبر عن حاجات النفس الإنسانية في مختلف ملكاتها ومظاهرها ومن هنا تنبع حاجة البشر إلى الدين من طبيعة الإنسان نفسه، فقد خلقه الله تعالى، ومنحه طبيعة الكائن المتكيف، وعلى ذلك فحاجة الإنسانية إلى الدين نزعة فطرية وأصيلة ركبت فيه، وفطر عليها([52]).
والعقيدة هي أساس قيام المجتمع، وأساس صلاحه أو فساده بل هي أساس بقائه واستمراره لذا كانت حاجة الإنسانية إلى الإسلام عقيدة وسلوكا... ([53])
ثالثا : وحدة مصدر التشريع :
ووحدة مصدر التشريع أصل أصيل في وحدة المسلمين، وذلك أن مصدر التشريع واحد لدى المسلمين، وهو القرآن الكريم : كتاب الله الذي أنزله ليكون دستور الخالق في إصلاح الخلق، ينظم الحياة، ويعالج النفوس، ويقوم اعوجاج المجتمع([54]).
قال تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُّسْتَقِيمًا) [سورة النساء : 174-175] ويهديهم إليه صراطا مستقيما : طريقا واضحا، قصدا، قواما لا اعوجاج فيه، ولا انحراف.
وهذه صفة المؤمنين في الدنيا والآخرة، فهم في الدنيا على منهاج الاستقامة، وطريق السلام والاطمئنان والأمان في جميع الاعتقادات والعمليات، وفي الآخرة على صراط الله المستقيم، المفضي إلى روضات الجنات([55]).
قال تعالى : ( قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) [سورة المائدة : 15-16] والمراد بالنور هنا – كما في تفسير المنار – ثلاثة أقوال :
أحدها : أنه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
ثانيها : أنه الإسلام.
ثالثها : أنه القرآن الكريم.
والمراد بالكتاب المبين : القرآن الكريم، ولولا عطفه على النور لما فسروا النور إلا به، فإن الأصل أن يكون المعطوف غير المعطوف عليه، ولكن العطف قد يرد للتفسير([56]).
ولما كان العطف قد يرد للتفسير، فإن صاحب تفسير المنار قال : وهو الذي أختاره هنا، لتوافق هذه الآية وما بعدها قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُّبِينًا) [سورة النساء : 174].
هذا إلى جانب أنه بين مزية الكتاب المبين بضمير المفرد، فقال : (يَهْدِي بِهِ اللهُ) [سورة المائدة : 16] ولم يقل بهما، فكان هذا مرجحا لكون المراد بهما واحدا، وهو القرآن الكريم.
وثم شواهد أخر، تؤيد ما اخترناه غير آيتي النساء، في قوله تعالى – في المهتدين من أهل الكتاب - : (فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) [سورة الأعراف : 157].
وكقوله تعالى : (فَآمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) [سورة التغابن : 8] ([57]).
وبعد هذا نجد أنفسنا أمام ما يستفاد من ذكر النور : (قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللهِ نُورٌ) [سورة المائدة : 15]
الفائدة الأولى : أنه يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام، أي : أن من اتبع منهم ما يرضيه تعالى بالإيمان بهذا النور يهديه – هداية دلالة تصحبها العناية والإعانة – الطرق التي يسلم بها في الدنيا والآخرة من كل ما يرديه ويشقيه، فيقوم في الدنيا بحقوق الله تعالى، وحقوق نفسه الروحية والجسدية، وحقوق الناس، فيكون متمتعا بالطيبات، مجتنبا للخبائث، تقيا مخلصا، صالحاك مصلحا، ويكون في الآخرة سعيدا منعما، جامعا بين النعيم الحسي الجسدي، والنعيم الروحي العقلي.
وخلاصة هذه الفائدة : أنه يتبع دينا يجد فيه جميع الطرق الموصلة إلى ما تسلم به النفس من شقاء الدنيا والآخرة، لأنه دين السلام، والإخلاص لله ولعباده، دين المساواة والعدل، والإحسان والفضل.
الفائدة الثانية : الإخراج من ظلمات الوثنية ذات الخرافات والأوهام، التي أفسد بها الرؤساء جميع الأديان، واستعبدوا أهلها، إلى نور التوحيد الخالص الذي يحرر صاحبه من رق رؤساء الدين والدنيا، فيكون بين الخلق حرا كريما، وبين يدي الخالق وحده عبدا خاضعا.
الفائدة الثالثة : الهداية إلى الصراط المستقيم، وهو الطريق المؤدي إلى القصد والغاية من الدين في أقرب وقت، لأنه طريق لا عوج فيه ولا انحراف، فيسلم سالكه ولا يضل في سيره، وهو أن يكون الاعتصام بالقرآن الكريم على الوجه الصحيح، الذي أنزله الله تعالى لأجله، كما كان عليه أهل الصدر الأول قبل ظهور الخلاف والتأويل، بأن تكون عقائده وآدابه وأحكامه مؤثرة في تزكية الأنفس وإصلاح القلوب، وإحسان الأعمال، وثمرة ذلك سعادة الدنيا والآخرة، بحسب سنن الله في خلق الإنسان([58]).
فأنت تدرك من كل ما عرضنا له : أن وحدة التشريع من أعظم العوامل على وحدة المسلمين واجتماعهم.
وأبو شريح الخزاعي، يقول : خرج علينا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال : "أليس تشهدون أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله؟ قالوا : بلى... قال : "إن هذا القرآن طرفه بيد الله، وطرفه بأيديكم، فتمسكوا به، فإنكم لن تضلوا، ولن تهلكوا بعده أبدا"([59]).
وعن أبي الأحوص، عن عبد الله (رضي الله عنه) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : "إن هذا القرآن هو حبل الله المتين، وهو النور المبين، وهو الشفاء النافع، عصمة لمن تمسك به، ونجاة لمن اتبعه"([60]).
ومادام القرآن الكريم على النحو الذي بينه لنا الله تعالى، ورسوله الكريم من عمله الدائب على وحدة صفوف المسلمين، واجتماع كلمتهم، وتآلف قلوبهم، وكونه أصلا في ذلك، فلا غرو أن يأمر الله المسلمين – إن وقع بينهم خلاف، أو دب بينهم نزاع – أن يرجعوا إلى كتاب ربهم بإخلاص، ففي ذلك رفع للخلاف، وقطع للنزاع، قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأمْرِ مِنْكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً)  بسورة النساء : 59].
وذلك بأن يعرض على كتاب الله سبحانه وتعالى وسنة رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) وما فيهما من القواعد العامة، والسيرة المطردة، فما كان موافقا لهما علم أنه صالح لنا، ووجب الأخذ به، وما كان منافرا علم أنه غير صالح، ووجب تركه، وبذلك يزول التنازع، وتجتمع الكلمة([61]).
رابعا : العبادات:
الواقع أن أصول الوحدة الإسلامية لا تقف عند وحدة الأصل الإنساني، ووحدة العقيدة، ووحدة مصدر التشريع، بل نجد من أصول الوحدة الإسلامية : العبادات الهادفة.
والأصل في العبادات : أنها تؤدي امتثالا لأمر الله تعالى وأداء لحقه على عباده، وشكرا لنعمائه التي لا تنكر.
وللعبادات ثمراتها الطيبة التي تعود على المسلم قطعا، ولها حكمها الجمة، لكن ليس من اللازم، ولا من الضروري أن يحيط الإنسان بثمراتها وفوائدها، بل لا يستطيع ذلك، كما لا يستطيع عقله المحدود أن يدرك حكمها، وحسبه أن يعلم أن الله تعالى إذا تعبد الإنسان بشئ، فإنما يتعبده بما يصلح نفسه، ويعود عليه بالخير في حياته الروحية والمادية، والاجتماعية، ولكن هذا لايمنع الباحثين من التعرف على آثار العبادة في العمل على وحدة المسلمين، قال تعالى : (وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيْ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ) [سورة هود : 114].
إن إقامة الصلاة هي رأس العبادات العملية، وهي الصلة بين العبد والرب، وهي: مطهرة للنفس، مرضاة للرب، مدعاة لتطهير الروح وتزكية النفس، لذلك لا غرابة في جعل الصلاة خير ما يستعين به المسلم على امتثال الأمر واجتناب النهي([62]).
وقال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [سورة البقرة : 183] فالصوم يعود الإنسان على الخشية من ربه في السر والعلن، ومن كملت لديه هذه الخلة لا يقدم على غش الناس بمخادعتهم، ولا على أكل أموالهم بالباطل، ولا على هدم ركن من أركان الدين، كالزكاة، ولا على اقتراف المنكرات، الموجبة للسيئات، وإذا ألم بشئ منها يكون سريع التذكر، قريب الرجوع بالتوبة الصريحة كما قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ) [سورة الأعراف : 201].
والصوم يعود الشفقة والرحمة الداعيتين إلى البذل والصدقة، فهو عندما يجوع يتذكر من لا يجد قوتا من أولئك البائسين، فيرق قلبه لهم، ويشفق عليهم، وفي ذلك تكافل الأمة، وشعور بالأخوة الدينية([63]).
فالعبادة في الإسلام لها شأن، يبدو جليا واضحا فيما يعكس من آثارها على حنايا النفس عمقا وبعدا، والأخذ بيد الإنسان إلى قصد السبيل، وما أخذت العبادة امتدادها على هذا النحو، في تأكيد الصلة بالله طاعة وقربى، وتوثيقها بالنفس زكاة وطهرا، وربطها بالمجتمع تواضعا وبرا، إلا كان صاحبها مشعل إشعاع، ومركز خير، وموئل عز، وموطن حفظ.
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال : قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): قال الله تعالى : "إنما أتقبل الصلاة ممن تواضع بها لعظمتي، ولم يستطل على خلقي، ولم يبت مصرا على معصيتي، وقطع نهاره في ذكري، ورحم المسكين وابن السبيل والأرملة، ورحم المصاب، ذلك نوره كنور الشمس، أكلؤه بعزتي، وأستحفظه ملائكتي، أجعل له في الظلمة نورا، وفي الجهالة حلما، ومثله في خلقي كمثل الفردوس في الجنة"([64]).
فالصلاة فرضها الله على المسلمين خمس مرات في اليوم والليلة، وهي توحي بالوحدة بين المسلمين إيحاء لا ينقطع، فقد جعل الله تعالى مواقيتها واحدة، وركعاتها واحدة، وهيئتها واحدة، لا تختلف من بلد إلى بلد، أو من جيل إلى جيل بل يتم الإعلام عنها في وقت واحد، فيستجيب المؤمنون للنداء، ويجتمعون خمس مرات كل يوم في المسجد، يناجون ربا واحدا، ويؤدون أعمالا واحدة، ويتجهون إلى قبلة واحدة.
وأي وحدة أبلغ وأعمق من وحدة المصلين في الجماعة، يصلون خلف رجل واحد، هو الإمام، ويناجون ربا واحدا، هو الله، ويتلون كتابا واحدا، هو القرآن، ويتجهون إلى قبلة واحدة، هي الكعبة البيت الحرام، ويؤدون أعمالا واحدة : من قيام وقعود، وركوع وسجود، وحدة نفذت إلى اللباب، ولم تكتف بالقشور، وحدة في النظرة والفكرة، وحدة في الغاية والوجهة، وحدة في المخبر والمظهر([65]).
فالإسلام دعا أبناءه إلى الجماعة، ليتعارفوا فلا يتناكروا، ويتقاربوا فلا يتباعدوا، ويتحابوا فلا يتباغضوا، ويتصافحوا فلا يتشاحنوا([66]).
وعلى هذا : فإن صلاة الجماعة في الإسلام – إلى جانب ما لها من قيمة فكرية – تشير إلى الأمل في تحقيق الوحدة الضرورية للبشر، لأنها حقيقة من حقائق الحياة، ذلك بالقضاء على جميع الفوارق التي ميزت بين إنسان وآخر([67]).
وقد ضعف الإسلام أجر الصلاة بضعا وعشرين مرة أو يزيد، عندما يقف الإنسان مع غيره بين يدي الله سبحانه وتعالى وهذا إغراء شديد بالانضواء إلى الجماعة، ونبذ العزلة، ودفع بالإنسان المسلم إلى الانسلاخ من وحدته، والاندماج في أمته.. إن الإسلام يكره للمسلم أن ينحصر في نطاق نفسه، وأن يستوحش في تفكيره وإحساسه وأن ينأى بمصلحته عن مصلحة الجماعة وحياتها([68]).
فلكل عمل من أعمال الإسلام ثمرة تطبيقية، وقد شرع لنا الإسلام اجتماعات كل يوم، واجتماعا كل أسبوع، واجتماعا سنويا، واجتماعا مفروضا في العمر مرة، والحكم واضحة، هي : دوام التآلف، واستمرار التعارف، وتبادل المعلومات، واستشعار معنى الأخوة، والتزام الطاعة والنظام.
وحكمة مشروعية ما يترتب على الاجتماع لها من جمع الكلمة والتحاب، والتعاطف، والتآلف، والتعلم، وتعود الصبر، والامتثال، ولعل الشريعة أوجبت على الناس أن يجتمعوا في مساجدهم كل يوم خمس مرات، وضلت صلاة الجماعة على صلاة الآحاد، ليحصل لهم هذا الأنس الطبعي الذي هو فيهم بالقوة، حتى يخرج إلى الفعل، ثم يتأكد بالاعتقادات الصحيحة التي تجمعهم، وهذا الاجتماع في كل يوم ليس يتعذر على أهل كل محلة وسكة([69]).
والدليل على أن غرض صاحب الشريعة ما ذكرناه أنه أوجب على أهل المدينة الاجتماع في كل أسبوع يوما بعينه، في مسجد يسعهم، ليجمع – أيضا – شمل أهل المحال والسكك في كل أسبوع، كما اجتمع أهل الدور والمنازل كل يوم، ثم أوجب – أيضا – أن يجتمع أهل المدينة مع أهل القرى المتقاربين في كل سنة مرتين في مصلى بارزين مصحرين، ليسعهم المكان ويتجدد الأنس بين كافتهم، وتشملهم المحبة الناظمة لهم([70]).
وأراد الإسلام من هذه الصلاة أن تكون مؤتمرا جامعا، ومهرجانا كبيرا يجمع أهل البلد قاطبة في مكان واحد في الخلاء، يذهب إليها الرجال والنساء، حتى ذوات العذر منهن([71]).
عن أم عطية رضي الله عنها قالت : أمرنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن نخرجهن في الفطر والأضحى : العواتق والحيض، وذوات الخدور، فأما الحيض فيعتزلن الصلاة، ويشهدن الخير ودعوة المسلمين.
قلت يارسول الله : إحدانا لا يكون لها جلباب؟
قال : "لتلبسها أختها من جلبابها"([72]).
وفي الصيام : نلمح إيحاءه للوحدة بين المسلمين، ظاهرا وقويا فحينما يطل شهر رمضان على المسلمين، يوحد بينهم في مشارق الأرض ومغاربها، على اختلاف ألسنتهم، يوحد بينهم في شعورهم وسرورهم، ويوحد بينهم في استعادة ذكرياتهم المجيدة، ويوحد بينهم في استعادة ليلهم ونهارهم، وفي وقت طعامهم وشرابهم، ويجعل فقراءهم وأغنياءهم، وحكامهم ومحكوميهم، ورجالهم ونساءهم في ذلك كله سواء([73]).
وفي الزكاة وأنواع الصدقات : نجد أنها روافد وبواعث للوحدة الإسلامية الشاملة.
فالإسلام قد أمر بإخراج الزكاة، وسن الصدقات للقادرين على ذلك، رعاية للفقير والمسكين في المجتمع، تبادلا لمشاعر المحبة والألفة والمودة، والعطف، وتقوية للأمة في مجموعها.
ولاشك أن هذه المعاني كلها تعمل عملها، في وحدة المسلمين وتأليف قلوبهم، وتجميع شملهم، وتجعلهم – كما أراد الإسلام – كالجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الأعضاء بالحمى والسهر.
والحج : من أظهر العبادات عملا على وحدة المسلمين، فمناسكه وشعائره كلها توقظ في المسلم مشاعر الأخوة النبيلة بين المسلمين، حيث يتجرد المسلمون من صبغة الدنيا وألوانها، ومظاهر طبقاتها وتفاوتها، ويعودون بأنفسهم إلى وحدة المظهر، يحاكون بها وحدة العقيدة والإيمان([74]).
فالإسلام أوجب على المسلمين أن يجتمعوا في العمر كله مرة واحدة، في الموضع المقدس بمكة، ولم يعين من العمر وقت مخصوص، ليتسع لهم الزمان في الأنس والمحبة، وشمول الخير، والسعادة، كحال المجتمعين في كل سنة، وفي كل أسبوع، وفي كل يوم، فيجتمع بذلك الأنس الطبعي إلى الخيرات المشتركة، وتتجدد بينهم محبة الشريعة، وليكبروا الله على ما هداهم، ويغتبطوا بالدين القويم القيم الذي ألفهم على تقوى الله وطاعته([75]).
خامسا : المبادئ والأخلاق :
الواقع أن الأخلاق السامية، والمبادئ القويمة، التي جاء بها الإسلام، وأمر المسلمين أن يتخلقوا بها، كلها تعمل – من قريب أو من بعيد – على وحدة المسلمين، وتنمية مشاعر الأخوة بينهم.
ونحن نذكر من ذلك بعض الأخلاق والمبادئ الإسلامية التي هي ألصق ما تكون بوحدة المسلمين، والتي تؤدي إلى ذلك أداء مباشرا ومن ذلك :
(1) أن الإسلام قد أمر المسلمين بالتحاب، والتزاور، قال تعالى : ( أَفَمَن يَّعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الألْبَابِ الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَلاَ يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ) [سورة الرعد : 19-21] يصلون ما أمر الله من أرحامهم، وقراباتهم، وإخوانهم المؤمنين بالإحسان إليهم، على حسب الطاقة، ونصرتهم، والذب عنهم، والشفقة عليهم، والنصيحة لهم، وكف الأذى عنهم([76]).
وقال تعالى : (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللهُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [سورة التوبة : 71] بعضهم أولياء بعض : قلوبهم متحدة في التواد والتحاب والتعاطف([77])، وولاية المؤمنين والمؤمنات بعضهم لبعض في هذه الآية نعم الولاية، فهي ولاية النصرة، وولاية الأخوة والمودة([78]).
إن طبيعة المؤمن هي طبيعة الأمة المؤمنة، طبيعة الوحدة، وطبيعة التكافل، وطبيعة التضامن، ولكنه التضامن في تحقيق الخير، ودفع الشر، وتحقيق الخير ودفع الشر : يحتاج إلى الولاية والتضامن والتعاون، من هنا : تقف الأمة المؤمنة صفا واحدا، لا تدخل بينها عوامل الفرقة، وحيثما وجدت الفرقة في الجماعة المؤمنة، فثمة – ولابد – عنصر غريب عن طبيعتها، وعن عقيدتها، هو الذي يدخل بالفرقة، ثمة غرض أو مرض يمنع السمة الأولى ويدفعها، السمة التي يقررها العليم الخبير([79]).
ولا يكون لهم هوى غير أمر الله، وأمر رسوله، ولا يكون لهم دستور إلا شريعة الله ورسوله، ولا يكون لهم منهج إلا دين الله ورسوله، ولا يكون لهم الخيرة إذا قضى الله ورسوله، وبذلك يوحدون نهجهم، ويوحدون هدفهم، ويوحدون طريقتهم، فلا تتفرق بهم السبل، عن الطريق الواحد الواصل المستقيم([80]).
وعن معاذ بن جبل (رضي الله عنه) قال : سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول : قال الله تبارك وتعالى : "وجبت محبتي للمتحابين في، وللمتجالسين في، وللمتزاورين في، وللمتباذلين في"([81]).
(2) ومن ذلك : إصلاح ذات البين، فهو الذي يرأب الصدع، ويلم الشمل، ويجمع المتفرقين، ولذلك أمر به الإسلام في محيط الأسرة الصغيرة والكبيرة.
فمما جاء خاصا بمحيط الأسرة الصغيرة، قوله تعالى : (وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُّرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا) [سورة النساء : 35].
فإذا وقع الشقاق بين الزوجين، أسكنهما الحاكم إلى جنب ثقة، لينظر في أمرهما، ويمنع الظالم منهما من الظلم، فإن تفاقم أمرهما وطالت خصومتهما، بعث الحاكم ثقة من أهل المرأة، وثقة من قوم الرجل، ليجتمعا فينظرا في أمرهما ويفعلا ما فيه مصلحة، مما يريانه من التفريق أو التوفيق، وتشوف الشارع إلى التوفيق([82]).
وقال تعالى : (وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ) [سورة النساء : 128].
فالصلح خير : لفظ عام مطلق، يقتضي أن الصلح الحقيقي الذي تسكن إليه النفوس، ويزول به الخلاف، خير على الإطلاق، ويدخل في هذا المعنى جميع ما يقع عليه الصلح بين الرجل وامرأته في مال أو وطء، أو غير ذلك : خير من الفرقة([83]).
ومما جاء عاما وشاملا لوجوب الإصلاح بين الناس على العموم قوله تعالى : (لاَ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا) [سورة النساء:114].
فالإصلاح عام في الدماء والأموال والأعراض، وفي كل شئ يقع التداعي فيه، والاختلاف بين الناس، وفي كل كلام يراد به وجه الله تعالى([84]).
وقال تعالى : (فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ) [سورة الأنفال : 1] أي : اتقوا الله في أموركم وأصلحوا فيما بينكم، ولا تظالموا، ولا تخاصموا، ولا تشاجروا([85]).
واتقوا الله في الاختلاف والتخاصم، وكونوا متحدين، متآخين في الله، وأصلحوا أحوالكم، حتى تكون أحوال ألفة، ومحبة واتفاق([86]). وهي الحال والصلة التي تربط بعضكم ببعض، وهي رابطة الإسلام، وإصلاحها يكون بالوفاق والتعاون والمواساة وترك الأثرة والتفرق([87]). وقد أمر الله المسلمين في الكتاب والسنة بإصلاح ذات البين، فهو واجب شرعا تتوقف عليه قوة الأمة وعزتها ومنعتها، وتحفظ به وحدتها([88]).
وقال تعالى : (وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللهِ فَإِن فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) [سورة الحجرات : 9].
فهذه الآية : قد أوجبت اجتماع المسلمين على بذل الجهد في سبيل الإصلاح بين الفريقين المتنازعين والمتقاتلين([89]).
وهذه قاعدة تشريعية عملية، لصيانة المجتمع المؤمن من الخصام والتفكك، تحت النزوات والاندفاعات، تأتي تعقيبا على تبين خبر الفاسق([90])، وعدم العجلة والاندفاع وراء الحمية والحماسة، قبل التثبت والاستيقان، وسواء أكان نزول هذه الآية بسبب حادث معين – كما ذكرت الروايات – أم كان تشريعا لتلافي مثل هذه الحالة، فهو يمثل قاعدة عامة محكمة لصيانة الجماعة الإسلامية، من التفكك والتفرق، ثم لإقرار الحق والعدل والصلاح([91]).
وإذا كان هذا شأن القرآن الكريم في الدعوة إلى الإصلاح بين المسلمين، حفاظا على الوحدة الإسلامية، فإن السنة النبوية جاءت كذلك ترغب الناس في إصلاح ذات البين، وفي قبول الصلح، وفي إقالة العثرات، وقبول الاعتذارات.
عن أبي الدرداء (رضي الله عنه) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : "ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟" قالوا : بلى. قال : "إصلاح ذات البين، فإن فساد ذات البين هي الحالقة"([92]).
تحذير الإسلام من الفرقة وأسبابها :
بينا – فيما سبق – أن الإسلام الحنيف قد جاء بالأصول والتعاليم الإيجابية، التي تعمل على وحدة المسلمين، وتجميع شملهم، وتوحيد صفوفهم، ليعيشوا أعزاء أقوياء، وينشروا الإسلام في الأرض، وهو في هذا السبيل – أيضا – يحرم التنازع والتفرق والاختلاف، ويحذر من كل سبب يؤدي إليها، ويبين العواقب الوخيمة التي تترتب عليها.
وقد جاء الإسلام بأساليب كثيرة، نبين أهمها فيما يلى :
(1) ينهى الإسلام نهيا صريحا قاطعا عن التنازع والتفرق، بل وعن التشبه بالمتفرقين، مبينا أن الفشل الذريع لكل مناحي الحياة هو النتيجة الحتمية للمتنازعين المتفرقين.
قال تعالى : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا) [سورة آل عمران : 103]. أي : لاتتفرقوا عن الحق بوقوع الاختلاف بينكم، كما اختلف اليهود والنصارى، أو كما كنتم متفرقين في الجاهلية متدابرين، يعادي بعضكم بعضا ويحاربه، أو : لا تحدثوا ما يكون عنه التفرق، ويزول معه الاجتماع والألفة التي أنتم عليها، مما يأباه جامعكم والمؤلف بينكم، وهو : اتباع الحق، والتمسك بالإسلام([93]).
فالإسلام ينهى عن التفرق والانقسام، لما في التفرق من زوال الوحدة التي هي تفيد العزوة والقوة، وبالعزة يعتز الحق، فيعلو في العالمين، وبالقوة يحفظ هو أهله من هجمات الواثبين، المتربصين وكيد الكائدين([94]).
وقال تعالى : (وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) [سورة الأنفال:46].
ولا تنازعوا باختلاف الآراء، أو فيما أمرتم به، فتفشلوا، وتجبنوا، أو لا يتقو بعضكم ببعض([95]).
وقال تعالى : (وَلاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) [سورة آل عمران : 105].
فالله ينهي هذه الأمة أن يكونوا كالأمم الماضية في افتراقهم واختلافهم، وتركهم الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، مع قيام الحجة عليهم([96]).
وقال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تُطِيعُوا فَرِيقًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَن يَعْتَصِم بِاللهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) [سورة آل عمران : 100-101].
عن زيد بن أسلم، قال : مر شاس بن قيس – وكان شيخا قد عتا في الجاهلية، عظيم الكفر، شديد الضغن للمسلمين، شديد الحسد لهم – على نفر من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من الأوس والخزرج في مجلس قد جمعهم، يتحدثون فيه، فغاظه ما رأى من اجتماعهم وألفتهم، وصلاح ذات بينهم على الإسلام، بعد الذي كان منهم من العداوة في الجاهلية.
فقال : قد اجتمع ملأ بني قيلة بهذه البلاد، واله ما لنا معهم، إذا اجتمع ملؤهم بها من قرار.
فأمر فتى شابا من اليهود – وكان معه – فقال : اعمد إليهم فاجلس معهم، وذكرهم يوم بعاث([97])، وما كان قبله، وأنشدهم بعض ما كانوا تقاولوا فيه من الأشعار، ففعل.. فتكلم القوم عند ذلك.. فتنازعوا وتفاخروا حتى تواثب رجلان من الجثى على الركب : أوس بن قيظي أحد بني حارثة، من الأوس، وجبار بن صخر أحد بني سلمة، من الخزرج، فتقاتلا، ثم قال أحدهما لصاحبه : إن شئتم – والله – رددناها الآن جذعة.
وغضب الفريقان، وقالوا : قد فعلنا، السلاح السلاح، موعدكم الظاهرة. فخرجوا إليها، وتحاور الناس، فانضمت الأوس بعضها إلى بعض على دعواهم التي كانوا عليها في الجاهلية. فبلغ ذلك رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فخرج إليهم فيمن معه من المهاجرين من أصحابه، حتى جاءهم، فقال : "يامعشر المسلمين : الله. الله. أتدعون بدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم بعد أن هداكم الله إلى الإسلام، وأكرمكم به، وقطع به عنكم أمر الجاهلية، واستنقذكم به من الكفر، وألف بينكم، ترجعون إلى ماكنتم عليه كفارا؟!"([98]).
فعرف القوم أنها نزعة من الشيطان، وكيد من عدوهم.. فألقوا السلاح من أيديهم، وبكوا، وعانق الرجال من الأوس والخزرج بعضهم بعضا.
ثم انصرفوا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سامعين، مطيعين، قد أطفأ الله عنهم كيد عدو الله "شاس بن قيس" وما صنع([99]).
وكذلك جاءت السنة المطهرة بهذا النهي الصريح عن التنازع والتفرق والاختلاف، ومن ذلك قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : "لا تختلفوا فإن من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا"([100]).
فالإسلام – كما ترى – حينما يبني الوحدة ويقويها : يناديهم مرة، ويحذرهم من الجانب المقابل مرة أخرى، الذي تفصم فيه عرا الوحدة، ويذهبون فيه شيعا وأحزابا([101]).
(2) ومن الأساليب التي جاء بها الإسلام لإبعاد المسلمين عن التنازع : أن بين في وضوح أن الشقاق والتنازع والتفرق والبعد عن الحق، وأمثال هذه الصفات، هي في الواقع صفات الظالمين والضالين، والكافرين والمشركين، وبالتالي فلا ينبغي ولا يجوز بحال من الأحوال أن تكون صفات للمؤمنين، لأن مقتضى الإيمان هو اتباع الحق، والاتحاد بين المسلمين والوحدة.
قال تعالى : (تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى) [سورة الحشر : 14] أي : إنك أيها الرسول، إذا رأيت اليهود مجتمعين خلتهم متفقين، وهم مختلفون غاية الاختلاف، لما بينهم من إحن، وعداوات، فهم لا يتعاضدون، ولا يتساندون، ولا يرمون عن قوس واحدة([102]).
وقال تعالى : (وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ) [سورة الحج : 53] أي : خلاف للحق، بعيدا عن موافقته جدا، بسبب ظلمهم وشركهم([103]).
وقال تعالى : (وَلاَ تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) [سورة الروم:31-32].
وجاءت السنة المطهرة – أيضا – مبينة لهذا الموضوع، مؤكدة له، ومما جاء في ذلك قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : "من فارق الجماعة شبرا فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه"([104]).
وقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : "لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض"([105]).
وهكذا تتضافر آيات القرآن الكريم، وأحاديث السنة المطهرة، على أن الشقاق والتفرق والتنازع وأمثالها، إنما هي : صفات للكافرين والضالين، فلا يجوز أن تكون صفات للمؤمنين بحال، لأن مقتضى الإيمان الحق : هو الوحدة الجامعة.
فإذا حدث واتصف المسلمون بهذه الصفات، فليعلموا أنهم قد حادوا عن طريق الإيمان، وجانبوا تعاليم الإسلام، وأن عليهم أن يسارعوا بالرجوع إلى مقتضيات إيمانهم، وتعاليم دينهم.
(3) ومن الأساليب التي اتخذها الإسلام في تحذير المؤمنين من التفرق، بيان وعيد الله لمن انشق عن الجماعة المؤمنة، وعمل على تمزق الأمة.
قال تعالى : (وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا) [سورة النساء : 115] فمن سلك غير طريق الشريعة التي جاء بها الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) فصار في شق، والشرع في شق، وذلك عن عمد منه بعد ما ظهر له الحق، وتبين له، واتضح له([106]).
والآية : دلت على أن متبع غير سبيل المؤمنين مستحق للوعيد، كما أن مشاق الرسول من بعد ماتبين له الهدى مستحق للوعيد([107]).
وقال تعالى : (وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِّمَنْ حَارَبَ اللهَ وَرَسُولَهُ مِن قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلاَّ الْحُسْنَى وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ لاَ تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُّحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُوا وَاللهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَم مَّنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ لاَ يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلاَّ أَن تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) [سورة التوبة: 107-110].
هذه الآيات الكريمات تحكي قصة في صورة مسجد، اتخذها أعداء الإسلام في زمن الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) لينالوا بها من الإسلام وأهله، وكان من أهم أهدافهم الخبيثة التي بنوا هذا المسجد من أجلها : التفريق بين المؤمنين، لكي يفشلوا وتذهب ريحهم، ولكن الله عز وجل أبطل كيدهم، فخاب أملهم، وطاش سهمهم، وكان نصيب مؤسستهم هذه – التي اتخذوها في صورة مسجد مبالغة في التخفي الخبيث – أن أمر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بحرقها وهدمها.
ولقد نبه القرآن الكريم الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وأمته من بعده، إلى خطورة الفرقة، وخطر المفرقين، الذين فروقا دينهم مللا ومذاهب، فتمزقوا شيعا وأحزابا، يضرب بعضهم رقاب بعض، فضلوا عن سواء السبيل، مما أفسدوا به دين الله تعالى ودنيا الناس. ويعد انفصالا عن الدين وكفرا به، الأمر الذي يبرأ منه الرسول الكريم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وتبرأ عنه أمة التوحيد والوحدة، حتى تلقى الله بوجه مشرق، وصفحة نقية، على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها، لا يزيغ عنها إلا هالك.
قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) [سورة الأنعام : 159].
ذكر الله تعالى هذه الأمة بما هي عرضة له، بحسب سنن الاجتماع، من إضاعة الدين، بعد الاهتداء به، بمثل ما أضاعه به من قبلهم، وهو الاختلاف والتفرق فيه لمذهب من المذاهب، وإمام من الأئمة، فيضيع العلم، وتنفصم عروة الوحدة، وتصبح الأمة بعد أخوة الإيمان أمما متعادية، ليس لها مرجع متفق عليه، يجمع كلمتها([108]).
وأنت ترى - من هذا الذي عرضنا له - : أن الإسلام جاء ليجمع القلب إلى القلب، ويضم الصف إلى الصف، مستهدفا إقامة كيان موحد، ومتقيا عوامل الفرقة والضعف، وأسباب الفشل والهزيمة، ليكون لهذا الكيان الموحد القدرة على تحقيق الغايات السامية، والمقاصد النبيلة، والأهداف الصالحة من عبادة الله، وإعلاء كلمته، وإقامة الحق، وفعل الخير ([109]).
الأخوة الإيمانية :
لقد كان من مستلزمات إلغاء الفوارق العرقية، والعنصرية، والإقليمية، والطبقية، التي نادى بها الإسلام، أن أعلن الأخوة الإيمانية، بين جميع المؤمنين.
قال تعالى : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) [سورة الحجرات : 10] وبذلك غدا المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها، من كل عرق ولون ولغة : أسرة إسلامية واحدة، تربط ما بين أعضائها العقيدة الواحدة، والتشريع الواحد، والسلوك المتماثل([110]).
ولا أحد يجهل قيمة الوحدة، ودورها في النمو والتقدم والازدهار، وكلنا نعرف الآثار السلبية للتمزق والتناحر الداخلي، والصراع فيما بين الأمة الواحدة، والشعب الواحد([111]).
والوحدة الإسلامية كما تقوم على أسس وطيدة – عرضنا لها – فإنها كذلك تتكون من عناصر أصيلة :
أولها : وحدة الشعور بالأخوة العامة، التي يشعر بها المسلم بأنه أخو المسلم، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : "مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم، كمثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعي له سائر الجسد بالسهر والحمى".
وهذا العنصر قائم إلى حد كبير في الشعور([112]).
ثانيها : وحدة الثقافة، بحيث يجمع المسلمين ثقافة دينية واجتماعية واحدة، ليحمي الشعور بالأخوة.
وثالثها : التعاون التام بين المسلمين في الحرب والاقتصاد.
هذه العناصر تكون وحدة الأمة، ولو تفرقت الأماكن([113]).
والمجتمع الإسلامي مجتمع مترابط الأجزاء، يعيش أفراده كالجسد الواحد، ومن مظاهر الأخوة في الله : المساندة، والمساعدة، والتكافل، والتواصل، والتراحم، والتناصح، والتناصر، والإجلال والإكرام، وتفريج الكروب، وستر العيوب، ونبذ التحاسد، والتباغض([114]).
ومن منطلق الوحدة الإسلامية والأخوة في الله. كانت الأمة الإسلامية، ولا زالت، تملك رصيدا ضخما، يمكن استثماره لتحقيق الإخاء الإسلامي العظيم، والذي يجعلنا نحس بإخواننا المسلمين في كل مكان.
والذي يجعلنا أيضا نعتز بالانتماء الإسلامي لكل بلد من بلاد المسلمين.
ولا شك أن الدعوة إلى الوحدة الإسلامية والإخاء الإسلامي سمة من سمات المجتمع الإسلامي الأصيل الذي يخطو على مجد الأسلاف لينير الطريق، ويضع العلامات المضيئة للسائرين.
وبجانب ما للأمة الإسلامية، من مبادئ، وأصول، وقواعد، وتعاليم، تعمل على وحدة المجتمعات الإسلامية، فإن هذه المجتمعات لها منطقة جغرافية، تمتد من المحيط الباسفيكي شرقا إلى المحيط الأطلسي غربا. مجتازة جاليات ودولا إسلامية ذوات طاقات بشرية، واقتصادية، وعقلية، وحضارية لا حدود لها. ومنطقة المجتمعات الإسلامية تتميز بأنها :
* تقع من العالم موقع الحزام من جسم الإنسان، بعيدة عن القطبين، وسالمة من الأعاصير، والطوفانات، والثلوج، والبراكين، ولها دفء معين يساعد على تنوع الحاصلات الزراعية، وتكاثر الحيوانات البرية.
* تمتلك من شواطئ البحار الكبيرة والصغيرة، ما يمكنها من الإشراف على عدد كبير من أعظم موانئ العالم، كما بها من الأنهار والمنابع ما يجعلها من أخصب المناطق، وأكثرها ازدهارا ونماء. وإن فيها من موارد الحضارة كالماء، والنفط، والمعادن، والحاصلات الزراعية والحيوانية. ما يمكنها من إغناء الحضارة الإنسانية واستتباب الأمن، وزيادة الرخاء.
وتلك أمور تجعل دول وشعوب الأمة الإسلامية قوة مرهوبة الجانب، مخطوبة الود، يتهيب العدو بأسها، ويخشى سلطانها.
ولكن هذا لا يتم إلا في ظل "وحدة دول وشعوب الأمة الإسلامية".
وإذا كانت الدول الواعية تعمل على وحدة شعوبها اقتصاديا وسياسيا، فإن الدول الإسلامية أولى الناس بالوحدة، لأنها تملك الأصول الراسخة التي تقوم الوحدة على أساسها.
وإذا كانت مجموعة الدول الأوربية سعت لأن تكون لها وحدتها المتميزة، اقتصاديا وسياسيا ونقديا. أفلا يجدر بدول الأمة الإسلامية، أن تقيم وحدتها الاقتصادية، والسياسية، والفكرية، بجانب ما لها من وحدة العقيدة، والشريعة، والعبادات، والأخلاق والمبادئ.
إن قيام الوحدة الإسلامية بين دول وشعوب الأمة الإسلامية يجعل الأمة لا ترضى أن تكون مقودة بغير قيادة الإيمان، ويجعل الأمة في "وحدتها الإسلامية العملية" لا تعترف بتسليم قيادة البشرية لأيدي جاهلية، لا تعرف معنى الإصلاح، ولا تفكر بالخير..
وإذا كانت الشعوب والدول الإسلامية تتطلع إلى وحدة إسلامية – بعد أن ذاقت مرارة التمزق، والتفرق، وبعد أن عاش بعضها في تبعية قاتلة للشخصية، وبعد أن قادتها أحزاب إلى الهاوية – فإن هذا التطلع من شعوب ودول الأمة الإسلامية يضع أمام العلماء والمصلحين مسئوليات كبيرة. تجعلهم يسهرون ليل نهار، لوضع المبادئ، والقواعد، والأسس التي تتوافر لقيام "وحدة إسلامية" تجمع دول وشعوب الأمة الإسلامية في سياسة واحدة، واقتصاد واحد، يوفر للأمة ما يؤهلها للانطلاق نحو التطلع الواعي..
وقد لا يكون المرء بعيدا عن الصواب إذا أدرك أن قيام العلماء والمصلحين بمسئولياتهم، في ترتيب الأمور، ووضع القواعد والمبادئ سوف يمكن قادة الدول والشعوب الإسلامية من العمل على قيام "الوحدة الإسلامية" السياسية والاقتصادية.
ولا شك أن هذا طريق يحتاج إلى جهود المخلصين، من الحريصين على مصالح الأمة الإسلامية، الذين يعملون على أن تكون الوحدة الإسلامية تطبيقا عمليا، وسلوكا حيا، ملموسا في الحياة.
وفي ختام بحثي أقدم لتحقيق "الوحدة بين المسلمين عمليا" المقترحات التالية :
(1) أن يقوم العلماء، ورجال الفكر، بوضع القواعد الأساسية، والمبادئ السليمة، التي تمكن من قيام وحدة : سياسية، واقتصادية، لشعوب ودول الأمة الإسلامية.
(2) أن تقوم مبادئ "الوحدة الإسلامية" المقترحة، على أساس من المبادئ الإسلامية، لتنسحب هذه المبادئ بصبغتها الإسلامية على الوحدة الإسلامية، فتحدد كل مساراتها، واتجاهاتها.
(3) أن تتاح الفرصة لتهيئة المجتمعات الإسلامية، نفسيا وفكريا لهذه الوحدة. حتى يتوفر المناخ الملائم، فتصبح الوحدة مطلبا عاما تعمل الشعوب الإسلامية على تحقيقه.
(4) يصاحب ذلك قيام الإعلام (صحافة، إذاعة، تلفزيون) وما جرى مجرى هذا... في الإعداد لهذه الوحدة الإسلامية.
(5) ألا تمس هذه الوحدة الإسلامية النظم القائمة في مجتمعات الأمة الإسلامية، من (ملكية، وجمهورية، وسلطانية، وأميرية) وغير ذلك، من نظم قامت في المجتمعات الإسلامية.
(6) أن يكون لهذه الوحدة (جامعة) أو مؤسسة أو ما شابه ذلك يلتقي تحت اسمها المسئولون عن مجتمعات الأمة الإسلامية في موسم الحج من كل عام، ليكون مشهد الحجاج في منى، وفي عرفات، وحول البيت دافعا لانطلاق وسعي المسئولين إلى ما فيه الصلاح، والإصلاح وخير المجتمعات الإسلامية.
(7) أن تكون هذه الوحدة "سياسية واقتصادية" لتحقق آمال الشعوب الإسلامية التي التقت في وحدتها العقدية والتشريعية، والخلقية، والفكرية.
(8) أن تقوم سوق إسلامية مشتركة، على غرار السوق الأوروبية، خاصة أن عوامل قيام هذه السوق الإسلامية متوفرة، وإمكاناتها متاحة.
(9) آن أن تكون هناك مؤسسات إسلامية مختلفة تنشأ هنا وهناك، تعمل على التخطيط الدقيق، لتحقيق التكامل بين المجتمعات الإسلامية.
(10) لابد من أن يكون هناك إخلاص كامل لهذه الوحدة الإسلامية التي تتخطى وتتجاوز الإقليمية، والعنصرية، والأحزاب السياسية، والأواصر اللغوية، والقومية، والإخلاص عنصر أساسي وضروري، وبدون إخلاص لن يتم شئ.
(11) أن تبذل الجهود المخلصة لإزالة المعوقات التي تقف أمام وحدة المسلمين، وتجعل خطوات الوحدة تتعثر.
(12) أن تكون هناك قرارات سياسية ممن يملكون القرار لتنطلق المؤسسات الإسلامية، تعمل على ترسيخ مبادئ الوحدة الإسلامية، وقيامها..
وإن تحقيق مبادئ الإسلام، تحقيقا عمليا وسليما سوف يفرز وحدة سلوكية، وفكرية، وعاطفية، متماسكة متكاملة، دونما تناقض أو انحراف..


المصادر والمراجع

(1) أبو داود : أبو داود سليمان بن الأشعث بن إسحاق الأزدي ، السنن ، ط/الحلبي 1371هـ .
(2) أبو زهرة : الشيخ محمد أبو زهرة : الوحدة الإسلامية ، من بحوث المؤتمر السادس لمجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف 1391هـ .
(3) ابن القيم : زاد المعاد في هدى خير العباد ، ط/المطبعة العصرية ، 1979م .
(4) ابن كثير : البداية والنهاية ، ط/البابي الحلبي .
(5) ابن كثير : أبو الفداء إسماعيل بن عمر الدمشقي : تفسير القرآن العظيم ، ط/كتاب الشعب ، مصر .
(6) ابن عطية : أبو محمد عبد الحق بن عطية الأندلسي ، المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز، ط/إدارة المحاكم الشرعية بقطر 1398هـ .
(7) ابن ماجه : الحافظ أبو عبد الله محمد بن يزيد القزويني ، السنن ، ط/الحلبي بمصر 1953م .
(8) ابن منظور : أبو الفضل محمد بن جلال الدين : لسان العرب ، ط/دار المعارف بمصر .
(9) ابن هشام : سيرة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ط/كتاب التحرير بمصر .
(10) البخاري : أبو عبد الله محمد بن إسماعيل
– صحيح البخاري ، ط/كتاب الشعب .
– والأدب المفرد ،ط/محب الدين  1379هـ .
(11) بركة : الدكتور عبد الفتاح بركة : الرسول خاتم النبيين ، ط/مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر .
(12) حجازي : الدكتور سامي عفيفي حجازي : العلاقة بين العقيدة والأخلاق ، والإسلام ، رسالة دكتوراه ، بمكتبة كلية أصول الدين ، جامعة الأزهر .
(13) حسن : محمد أمين حسن : خصائص الدعوة الإسلامية ، ط/مكتبة المنار ، الأردن.
(14) الحكيم الترمذي : أبو عبد الله محمد بن علي : نوادر الصول في معرفة أحاديث الرسول ، ط/دار الريان للتراث ، بمصر .
(15) الجندي : أنور الجندي : منهج الإسلام في بناء العقيدة والشخصية ،ط/دار الاعتصام .
(16) دراز : الدكتور محمد عبد الله دراز : الدين : بحوث ممهدة في تاريخ الأديان ، ط/دار القلم، 1400هـ .
(17) دروزة : محمد عزة دروزة : الدستور القرآني ، ط/دار الفكر العربي ، بيروت .
(18) دويدار : أمين دويدار : صور من حياة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) ، الطبعة الأولى ، القاهرة .
(19) سابق : الشيخ سيد سابق : عناصر القوة في الإسلام ، ط/دار الكتاب العربي ، بيروت ، 1403هـ .
(20) السايح : الدكتور أحمد عبد الرحيم السايح :هذا هو الإسلام ، ط/دار الثقافة بالدوحة ، 1989م .
(21) السايح :
الدكتور أحمد عبد الرحيم السايح : الهجرة انطلاقة وبناء ، ط/المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بالقاهرة ، 1978م .
(22) السايح : الدكتور أحمد عبد الرحيم السايح : فلسفة الحضارة الإسلامية ، ط/المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بالقاهرة ، 1989م .
(23) شريدة : عبد الله شريدة : جولة مع الرعيل الأول من أمة الإسلام ، ط/الدار السلفية 1406هـ، القاهرة .
(24) شلبي : الدكتور أحمد شلبي : موسوعة التاريخ الإسلامية ، الجزء الأول ، ط/النهضة المصرية بالقاهرة ، 1983م .
(25) شلتوت : الشيخ محمود شلتوت : من توجهات الإسلام ، ط/مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، 1959م – الإسلام عقيدة وشريعة ، ط/دار الشروق 1407هـ .
(26) الصالحي الشامي : محمد الصالحي الشامي : سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد ، ط/المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بالقاهرة ، 1978م .
(27) الصواف : الشيخ محمد محمود الصواف : نظرات في سورة الحجرات ، ط/مؤسسة الرسالة ، بيروت .
(28) الطويل : الدكتور السيد رزق الطويل : العقيدة في الإسلام منهج حياة ، ط/المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ، 1982م .
(29) عبد العظيم : الدكتور علي عبد العظيم : إن الدين عند الله الإسلام ، ط/مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، 1402هـ .
(30) العويشق : عبد الله أحمد العويشق : الأدب في خدمة الحياة والعقيدة ، ط/كلية اللغة، الرياض .
(31) غلوش : الدكتور أحمد غلوش : الدعوة الإسلامية ، ط/دار الكتاب اللبناني بمصر، 1975م .
(32) قطب : الشهيد سيد قطب : خصائص التصور الإسلامي ، ط/دار الشروق ، 1400هـ .
(33) القرطبي : الجامع لأحكام القرآن ، ط/دار الكتاب العربي ، بيروت .
(34) العقاد : محمود عباس العقاد : العقائد والمذاهب ، المجلد رقم 7 ، 11 ، ط/دار الكتاب اللبناني بمصر ، 1978م .
(35) قطب : الشهيد سيد قطب : في ظلال القرآن ، ط/دار الشروق ، بمصر .
(36) كاريل : الكسيس كاريل : الإنسان ذلك المجهول ، ط/دار المعارف بمصر .
(37) المبارك : محمد المبارك : العقيدة في القرآن الكريم ، ط/دار الفكر ببيروت .
(38) محمود : الدكتور جمال الدين محمود : أصول المجتمع الإسلامي ، ط/المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بالقاهرة .
(39) مسلم : أبو الحسن مسلم بن الحجاج القشيري : صحيح مسلم ، ط/دار إحياء الكتب العربية ، مصر .
(40) موسى : الدكتور محمد يوسف : الإسلام وحاجة الإنسانية إليه ، ط/الشركة العربية للطباعة ، القاهرة ، 1961م .
(41) الميداني : عبد الرحمن حبنكة الميداني : أسس الحضارة الإسلامية ووسالها ، ط/دار المعرفة بمصر .
(42) النجار : د/محمد مصطفى النجار : عرب الجزيرة بين الجاهلية والإسلام ، ط/دار الطباعة المحمدية ، 1963م مصر .
(43) النسائي : الحافظ أبو عبد الرحمن بن شعيب النسائي ،ط/الحلبي بمصر 1383هـ.
(44) نصير : الدكتورة آمنة محمد نصير : مباحث في علوم العقيدة ، ط/مكتبة الكليات الأزهرية ، 1404هـ ، بمصر .
الأوقاف : المكتب الفني : جوانب من حياة الرسول ، سلسلة مكتبة الإمام رقم 52، ط/وزارة الأوقاف المصرية ، ربيع الأول 1389هـ.


-----------------------------------------

([1]) انظر الشيخ سيد سابق : عناصر القوة في الإسلام ، ص181 ، ط/دار الكتاب العربي ، 1403هـ/1983م.

([2]) انظر الشيخ محمد أبو زهرة : الوحدة الإسلامية ، من بحوث المؤتمر السادس لمجمع البحوث الإسلامية ، ص49 ، ط/مجمع البحوث بالأزهر 1391هـ .

([3]) رواه أحمد في كتابه "المسند" الجزء الأول ص404 .

([4]) الشيخ محمد أبو زهرة ، الوحدة الإسلامية ، ص49 .

([5]) رواه الهيثمي في مجمع الزوائد ، باب فضل صهيب وغيره ، الجزء التاسع ، ص305.

([6]) الشيخ محمد أبو زهرة ، الوحدة الإسلامية ، ص50 .

([7]) راجع : الدكتور أحمد شلبي ، موسوعة التاريخ الإسلامي ، الجزء الأول ، ص269 .

([8]) البخاري مع فتح الباري ، كتاب مناقب الأنصار ، باب إخاء النبي صلى الله عليه وسلم، ج7 ، ص112 .

([9]) راجع : شريدة بعد الله ، جولة مع الرعيل الأول من أمة الإسلام ، ص36 ، ط/الدار السلفية 1406هـ .

([10]) انظر: مجلة البحوث الإسلامية ، العدد الأول ، ص16 ، الرئاسة العامة للبحوث والإفتاء بالرياض .

([11]) د. أحمد السايح ، فلسفة الحضارة الإسلامية ، ص31 ، ط/المجلس الأعلى للشئون الإسلامية ، 1410هـ/ 1989م ، القاهرة .

([12]) ابن هشام ، السيرة النبوية ، ج2 ، ص505 ، وابن سيد الناس ، عيون الأثر ، ج1 ، ص242 .

([13]) انظر : الدين والحياة ، عدد رقم 19 ، ص6 ، وزارة الأوقاف ، مصر .

([14]) انظر : تفسير الإمام المراغي ، ج28 ، ص43 .

([15]) ابن كثير : تفسير القرآن العظيم ، ج4 ، ص338 .

([16]) ابن كثير : تفسير القرآن العظيم ، ج4 ، ص338 ، وانظر الزمخشري ، الكشاف ، ج4، ص84 .

([17]) ابن كثير : تفسير القرآن العظيم ، ج4 ، ص337 ، والحديث رواه البخاري .

([18]) القاسمي : محاسن التأويل ، ج5 ، ص1094 ، بتصرف .

([19]) مصطفى المراغي : تفسير القرآن ، ج7 ، ص201 .

([20]) سيد قطب : في ظلال القرآن ، ج3 ، ص1411 .

([21]) محمد محمود الصواف : نظرات في سورة الحجرات ، ص147 ، ط/ مؤسسة الرسالة، بيروت .

([22]) مصطفى المراغي : تفسير القرآن ،ج6 ، ص142 .

([23]) هي : بلدة قريبة من مكة ، تبعد عنها بنحو ستة كيلو مترات ، وهي إحدى مشاعر الحج، وفيها مرمى الجمار ، ومذبح الهدي ، وبها مسجد الخيف . (محمد شفيق غربال ، الموسوعة العربية الميسرة ، ج2 ، ص1763) .

([24]) رواه أحمد في مسنده ، ج5 ، ص411 .

([25]) رواه مسلم في صحيحه ، كتاب البر والصلة ، باب تحريم ظلم المسلم ، ج4 ، ص1987 .

([26]) د. أحمد السايح ، مجلة الجامعة الإسلامية ، ص134 ، العدد الثاني ، من السنة التاسعة، الصادر في شهر رمضان ، سنة 1396هـ ، الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة .

([27]) د. أحمد غلوش : الدعوة الإسلامية ، ص16 .

([28]) محمود شلتوت : الإسلام عقيدة وشريعة ، ص6 ، بتصرف .

([29]) ابن كثير : تفسير القرآن العظيم ، ج1 ، ص207 .

([30]) سيد قطب : في ظلال القرآن ، ج1 ، ص340 .

([31]) سيد قطب : في ظلال القرآن ، ج1 ، ص340 ، 341 ، بتصرف .

([32]) ابن كثير : تفسير القرآن العظيم ، ج1 ، ص566 .

([33]) رواه البخاري في صحيحه مع فتح الباري ، كتاب الإيمان ، باب دعاؤكم إيمانكم ، ج1، ص49 .

([34]) رواه مسلم في صحيحه ، كتاب الإيمان ، باب الدليل على أن من رضي بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، فهو مؤمن ، ج1 ، ص62 .

([35]) انظر الفيومي (المصباح المنير) مادة عقد ، وانظر : الدكتور منصور رجب (نظام الإسلام) ، ص46 .

([36]) نفس المصدر .

([37]) الدكتور السيد رزق الطويل : العقيدة في الإسلام منهج حياة ، ص15 ، 16 .

([38]) انظر الدكتورة آمنة محمد نصير ، مباحث في علوم العقيدة ، ص10 ، مكتبة الكليات الأزهرية 1404هـ .

([39]) العقاد : العقائد والمذاهب ، مجلد رقم 11 ، ص402 ، ط/دار الكتاب اللبناني .

([40]) المصدر السابق ، ص431 .

([41]) محمد المبارك : العقيدة في القرآن الكريم ، ص9 , 10 ، دار الفكر ، بيروت .

([42]) المرجع السابق ، بتصرف واختصار ، ص9 .

([43]) المرجع السابق ، بتصرف واختصار ، ص10 .

([44]) أرنولد : تاريخ الدعوة ، ص454 .

([45]) سيد قطب : خصائص التصور الإسلامي ، ص83 ، ط/دار الشروق ، 1400هـ .

([46]) العقاد : الإسلاميات ، المجلد السابع ، ص361 ، ط/دار الكتاب اللبناني .

([47]) ألكسيس كاريل : الإنسان ذلك المجهول ، ص200 ، ط/مكتبة المعارف .

([48]) من علماء السنة توفي سنة 320هـ ، وله مصنفات كثيرة منها الرياضة وأدب النفس ، والحكيم الترمذي محمد بن علي هو غير الإمام الترمذي محمد بن عيسى صاحب "السنن" .

([49]) انظر محمد المبارك : العقيدة في القرآن الكريم ، ص19 بتصرف .

([50]) المصدر السابق ، ص19 .

([51]) الدكتور محمد عبد الله دراز : الدين ، ص99 ، ط/دار القلم ، 1400هـ .

([52]) انظر : الدكتور سامي عفيفي حجازي : العلاقة بين العقيدة والأخلاق في الإسلام ، ص58 .

([53]) المصدر السابق ، ص61 باختصار وتصرف .

([54]) د. أحمد السايح : مجلة الجامعة الإسلامية ، العدد الثاني ، ص136 .

([55]) ابن كثير : تفسير القرآن العظيم ، ج2 ، ص434 .

([56]) محمد رشيد رضا : تفسير المنار ، ج6 ، ص251 .

([57]) انظر : محمد رشيد رضا : تفسير المنار ، ج6 ، ص252 .

([58]) محمد رشيد رضا : تفسير المنار ، ج6 ، ص252 ، 253 ، بتصرف .

([59]) رواه الطبراني في المعجم الصغير ، ج2 ، ص98 .

([60]) رواه الدارمي في سننه ، كتاب فضائل القرآن ، ج2 ، ص431 .

([61]) محمد رشيد رضا : تفسير المنار ، ج5 ، ص148 .

([62]) الشيخ حجازي : التفسير الواضح ، ج12 ، ص41 ، ط/القاهرة سنة 1384هـ/ 1964م.

([63]) مصطفى المراغي : تفسير القرآن ، ج2 ، ص68-70 بتصرف .

([64]) رواه البزار ، في الاتحافات السنية ، ص38 ، رقم الحديث 344 ، ط/الثانية ، حيدر آباد ، دائرة المعارف العثمانية ، سنة 1378هـ/1958م .

([65]) د. يوسف القرضاوي : العبادة في الإسلام ، ص191 .

([66]) المصدر السابق ، ص188 .

([67]) المصدر السابق ، ص192 ، 193 .

([68]) محمد الغزالي : خلق المسلم ، ص221 ، ط/الأولى .

([69]) محمد حسن صديق خان : الدين الخالص ، ج4 ، ص182 ، بتصرف ، ط/الأولى .

([70]) السابق ، ص182 ، 183 .

([71]) د. يوسف القرضاوي : العبادة في الإسلام ، ص183 .

([72]) رواه البخاري في صحيحه مع فتح الباري في عدة مواضع : كتاب الحيض ، باب شهود الحائض العيدين ، ج1 ، ص423 .

([73]) محمود شلتوت : من توجيهات الإسلام ، ص346 .

([74]) المصدر السابق ، ص373 .

([75]) محمد حسن صديق : الدين الخالص ، ج4 ، ص183 .

([76]) القاسمي : محاسن التأويل ، ج9 ، ص3673 .

([77]) القرطبي : الجامع لأحكام القرآن ، ج3 ، ص3043 .

([78]) محمد رشيد رضا : تفسير المنار ، ج10 ، ص466 .

([79]) سيد قطب : في ظلال القرآن ، ج3 ، ص1675 .

([80]) المصدر السابق ، نفس الجزء ، ص1675 ، 1676 .

([81]) رواه مالك في الموطأ ، ص680 ، رقم الحديث 1735 . ورواه الحاكم في المستدرك ، ج4 ، ص170 ، وقال : حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ، بلفظ : "حقت محبتي" بدلا من : "وجبت محبتي" .

([82]) ابن كثير : تفسير القرآن العظيم ، ج2 ، ص259 .

([83]) القرطبي : الجامع لأحكام القرآن ، ج2 ، ص1976 .

([84]) القرطبي : الجامع لأحكام القرآن ، ج2 ، ص1954 .

([85]) ابن كثير : تفسير القرآن العظيم ، ج3 ، ص550 .

([86]) القاسمي : محاسن التأويل ، ج8 ، ص2948 .

([87]) محمد رشيد رضا : تفيسر المنار ، ج9 ، ص489 .

([88]) المرجع السابق ، نفس الجزء ، ص542 .

([89]) محمد عزة دروزة : الدستور القرآني ، ص68 ، ط/البابي الحلبي ، بمصر .

([90]) إشارة إلى قوله تعالى : {ياأيها الذين آمنوا إن جاءك فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين} سورة الحجرات : آية 6 .

([91]) سيد قطب : في ظلال القرآن ، ج6 ، ص3343 .

([92]) رواه أحمد في مسنده ، ج6 ، ص444 ، 445 .ورواه أبو داود في سننه ، كتاب الأدب، باب إصلاح ذات البين ، ج5 ، ص218 .

([93]) القاسمي : محاسن التأويل ، ج4 ، ص915 .

([94]) محمد رشيد رضا : تفسير المنار ، ج4 ، ص20 ، بتصرف .

([95]) القاسمي : محاسن التأويل ، ج8 ، ص3011 .

([96]) ابن كثير : تفسير القرآن العظيم ، ج1 ، ص390 .

([97]) هو موضع بالقرب من المدينة المنورة ، اشتهر بالحرب التي نشبت بين الأوس والخزرج قبل الهجرة ببضع سنين ، ذلك أن الأوس سعوا إلى محالفة قريش في حربهم مع الخزرج ، وهم الأكثر عددا ، فأرسلوا وفدا إلى مكة ، فلما علم رسول الله صلى الله عليه وسلم بمقدمهم ، جاءهم وعرض عليهم الإسلام ، وبعد انصرافهم إلى المدينة ، جرت بينهم وبين الخزرج الحرب التي عرفت بيوم "بعاث" وفيها انتصر الأوس ، بعد أن انهزمت أول مرة ، "يوم بعاث" : هو آخر الحروب بين الأوس والخزرج .

     ابن هشام : السيرة النبوية ، ج1 ، ص555 ، ياقوت الحموي : معجم البلدان ، ج1 ، ص451 .

([98]) رواه البخاري في صحيحه مع فتح الباري ، كتاب التفسير ، باب : {يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ...} سورة المنافقون : آية 8 ، ج8 ، ص652 .

([99]) الطبري : جامع البيان في تفسير آي القرآن ، ج7 ، ص55 ، السيوطي : الدر المنثور، ج2 ، ص57 ، 58 ، ابن كثير : تفسير القرآن العظيم ، ج1 ، ص290 .

([100]) رواه البخاري في صحيحه مع فتح الباري ، كتاب الخصومات ، باب ما يذكر في الأشخاص والخصومة بين المسلمين واليهود ، ج5 ، ص70 .

([101]) محمود شلتوت : من توجيهات الإسلام ، ص511 ، د. محمد أمين المصري : سبيل الدعوة الإسلامية ، ص17 ، ط/الثانية ، دار الأرقم بالكويت ، سنة 1403هـ/1983م.

([102]) مصطفى المراغي : تفسير القرآن ، ج28 ، ص50 .

([103]) القاسمي : محاسن التأويل ، ج5 ، ص1552 .

([104]) رواه أحمد في مسنده ، ج5 ، ص180 ، ورواه أبو داود في سننه ، كتاب السنة ، باب قتل الخوارج ، ج5 ، ص118 .

([105]) رواه البخاري في صحيحه مع فتح الباري ، كتاب العلم ، باب الإنصاف للعلماء ، ج1 ، ص117 .

([106]) ابن كثير : تفسير القرآن العظيم ، ج1 ، ص554 .

([107]) القاسمي : محاسن التأويل ، ج5 ، ص1552 .

([108]) محمد رشيد رضا : تفسير المنار ، ج8 ، ص312 بتصرف .

([109]) سيد سابق : عناصر القوة في الإسلام ، ص181 .

([110]) عبد الرحمن حسن حبنكة الميداني : أسس الحضارة الإسلامية ووسائلها ، ص135 ، ط/دار المعرفة .

([111]) رسول الحبيب : نحن بشر أم بقر؟! ، ص38 ، ط/دار الجيل ، بيروت .

([112]) محمد أبو زهرة : الوحدة الإسلامية ، ص98 ، 99 بتصرف .

([113]) السابق ، ص99 .

([114]) أحمد عز الدين البتانوني : الدعوة إلى الإسلام وأركانها ، ص175 ، ط/دار السلام ، بالقاهرة ، سنة 1405هـ/1985م .

الأوقاف : المكتب الفني : جوانب من حياة الرسول ، سلسلة مكتبة الإمام رقم 52، ط/وزارة الأوقاف المصرية ، ربيع الأول 1389هـ .