رسول الله (ص) في الكتاب المقدس

رسول الله (ص) في الكتاب المقدس

 

رسول الله (ص) في الكتاب المقدس

(الكتاب المقدس .. يتحدث عن عودة البشرية إلى الإسلام)
 
 
 
العلامة السيد صدر الدين القبانجي

امام جمعة النجف الاشرف

 

 
في عدد من الايات الكريمة اشار القرآن الكريم إلى وجود البشارة بالنبي الاكرم محمد (ص) في الكتاب المقدس (التوراة والانجيل ) وكان القرآن واضحا وصريحا في ذلك ، وفي تحدٍ كبير لأهل الكتاب وعلمائهم وهم يقرؤون مابين ايديهم من الكتاب المقدس (التوراة والانجيل))
تعالوا نقرأ بعض هذه الايات :-
قال الله تعالى : Pالَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنْ الْمُنكَرِO الاعراف /157 [1]
وقال تعالى : Pوَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَابَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌO[2]
وقال تعالى (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ)) [3]
ومن اللافت للنظر ان التاريخ لا يحدثنا ولا مرة واحدة عن تكذيب اليهود والنصارى لهذا التصريح الذي يتحداهم في عقر دارهم ، ولا حتى محاولة التخلص منه بطريقة تاويلية وبحمل نصوص التوارة والانجيل على معانٍ ومقاصد أخرى . أو اشخاص أخرى وحينئذ يبقى السؤال المهم هل طالتها يد التحريف والحذف ؟ 
أين اذن هي نصوص التوراة والانجيل المتحدثة عن نبينا الاكرم (ص) ؟
ربما ذلك حيث من الثابت تاريخيا ان نصوص التوراة والانجيل لم تجمع على عهد موسى ولا على عهد عيسى ، كما انها ليست نصاً واحداً متطابقا ، وانما هي نصوص رواها الرواة عنهم بعد مئات السنين ، أو تشهد اختلافا كبيراً مع بعضها، كما تشهد حذفاً هنا وهناك لمقاطع يتم الرمز اليها بنقاط فراغ .
ومع ذلك ، ومع الاعتراف بمسألة التحريف ، الا ان القرآن الكريم يؤكد وجود الاشارة إلى النبي (ص) بالاسم والاوصاف وبشكل دقيق وواضح لا يقبل اللبس والتشابه (يعرفونه كما يعرفون أبناءهم ) هذه الاشارة موجودة في نص الكتاب المقدس الموجود عندهم وفي زمن النبي الاكرم (ص) بالذات ورغم التحريفات المفترضة .
اذن اين هذه الاشارات في الكتاب المقدس ؟
هذا هو ما أردت ان اعرضه في مقالي هذا معتمداً على (انجيل ) برنابا وهو أحد حواريي عيسى المسيح (عليه السلام) والذي جاء ذكر اسمه في الانجيل نفسه [4] . ولعل هذا الانجيل – والذي لم تعترف به الكنيسة – هو الاصح من كل الاناجيل الاربعة الاخرى التي تمّ الاعتراف بها رغم كل ما فيها مما لا يمكن قبوله مما ينسب إلى الله أو إلى انبيائه .
ومهما يكن الحال ، فإننا نقرأ في هذا الانجيل صورة مقاربة جداً لما جاء في التراث الإسلامي (قرآنا وسنة) عن شخصية رسول الله (ص) ودوره وعظمته .
وفيما يلي نعرض عدداً من هذه الصور ، والتي تحدثت بالاسم عن نبينا محمد (ص) وبدون أي لبس :-
الصورة الاولى :- محمد (ص) أول مخلوق لله تعالى . وقد خلقه الله قبل السماوات والارض.
الصورة الثانية :- محمد (ص) هو الإنسان الذي من أجله خلق الله السماوات والارض
الصورة الثالثة :- محمد (ص) هو الذي يحمل النور للعالم .
الصورة الرابعة :- محمد (ص) هو الذي لا سلطة للشيطان على اتباعه .
الصورة الخامسة :- محمد (ص) والشهادة برسالته مكتوب على باب الجنة .
الصورة السادسة :- محمد (ص) هو الذي ينقذ البشرية من الشقاء .
الصورة السابعة :- محمد (ص) هو الشفيع للخلائق يوم القيامة .
لنقرا معا هذه الصور في النصوص التالية :-
(1)                     في الفصل التاسع والثلاثين من الانجيل :- يقول النص :
((فلما انتصب آدم على قدميه رأى في الهواء كتابة تتألق كالشمس نصّها : لا اله الا الله, محمد رسول الله . ففتح حينئد آدم فاه وقال : اشكرك أيها الرب الهي، لأنك تفضلت فخلقتني , ولكن اضرع اليك ان تنبأني ما معنى هذه الكلمات محمد رسول الله؟ فأجاب الله :
مرحباً بك يا عبدي آدم : واني أقول لك : أنك اول إنسان خلقتُ وهذا الذي رأيته انما هو ابنك الذي سيأتي إلى العالم بعد الآن بسنين عديدة، وسيكون رسولي الذي لأجله خلقت كل الاشياء , الذي متى جاء سيعطي نوراً للعالم , الذي كانت نفسه موضوعة في بهاء سماوي ستين الف سنة قبل أن اخلق شيئا))
(2)                   في الفصل الحادي والاربعين نقرأ ما يلي :
((ثم قال الله لآدم وحواء اللذين كانا ينتحبان : اخرجا من الجنة ، وجاهدا ابدانكما ولا يضعف رجاؤكما ، لاني اُرسل ابنكما على كيفية يمكن بها لذريتكما ان ترفع سلطة الشيطان عن الجنس البشري ، لاني سأعطي رسولي الذي سيأتي كل شيء , فأحتجب الله فطردهما الملاك ميخائيل من الفردوس ، فلما التفت آدم راى مكتوبا فوق الباب : لا اله الا الله محمد رسول الله ، فبكى عند ذلك وقال : ايها الابن عسى الله يريد ان تأتي سريعا وتخلصنا من الشقاء.
(3)                  في الفصل الثاني والاربعين نقرأ ما يلي :
 وفي حوار بين عيسى وبين معارضيه من رؤساء الكهنة حين سألوه عن هويته ومن يكون هو ؟ فأجاب قائلا :-
((انا صوت صارخ في اليهودية كلها ، يصرخ : أعدوا طريق رسول الرب كما هو مكتوب في اشعياء ،
قالو : اذا لم تكن المسيح ولا ايليّا أو نبياً ما فلماذا تبشر بتعليم جديد وتجعل نفسك اعظم شأنا من مسيّا ؟ اجاب يسوع : ان الايات الذي يفعلها الله على يدي تظهر اني اتكلم بما يريد الله،ولست احسب نفسي نظير الذي تقولون عنه ، لاني لست اهلا ان احل رباطات جرموق أو سيور حذاء رسول الله الذي تسمونه مسيّا ، الذي خلق قبلي وسيأتي بعدي ، وسيأتي بكلام الحق ولا يكون لدينه نهاية )).
(4)                   في الفصل الثالث والاربعين يتحدث عن ان الرسول المبشّر به هو من أولاد إسماعيل وهو يحمل رسالة ونجاة للبشرية كلها :
يقول النص : حينئذ قال اندراوس : لقد حدثتنا باشياء كثيرة عن فتكرّم بالتصريح لنا بكل شيئ،فأجاب يسوع : الحق اقول لكم ان كل نبي متى جاء فانه انما يحمل لامة واحدة فقط علامة رحمة الله ، ولذلك لم يتجاوز كلامهم الشعب الذي ارسلوا له، ولكن رسول الله متى جاء يعطيه الله ما هو بمثابة خاتم يده ، فيحمل خلاصاً ورحمة لامم الارض الذين يقبلون تعليمه ، وسياتي بقوة على الظالمين ، ويبيد عبادة الاصنام بحيث يخزي الشيطان ، لانه هكذا وعد الله ابراهيم قائلا : فاني ابارك كل  قبائل الارض وكما حطمت يا ابراهيم الاصنام تحطيما سيعمل نسلك
اجاب يعقوب : يا معلم قل لنا بمن صنع هذا العهد ؟
فان اليهود يقولون با اسحاق ، والاسماعيليون يقولون با اسماعيل .
أجاب يسوع ... صدقوني لاني أقول لكم الحق : ان العهد وضع با اسماعيل لا باسحاق ))
5) في الفصل الرابع والاربعين :-يتحدث النص عن رؤية عيسى وكل الانبياء (ع) نبينا محمد (ص) واحترامهم وتواضعهم له ، اسمع ما يقول يسوع وهو يتحدث عن نبينا الاكرم محمد (ص) قائلا :-
(( صدقوني اني رأيته وقدمت له الاحترام كما رآه كل نبي، لان الله يعطيهم روحه نبوة ، ولما رأيته امتلأت عزاً قائلا:-
ليكن الله معك وليجعلني أهلا ان أحّلَ سير حذائك ، لأني اذا قلت هذا صرت نبيا عظيما وقدوس الله ، ولما قال يسوع هذا شكر الله ))
6) وحول مشهد نبينا الاكرم (ص) وشفاعته للخلائق يوم القيامة يقول الفصل الرابع والخمسين :- 
(( ثم يحيى الله بعد ذلك سائر انبيائه الذين سيأتون جميعهم تابعين لآدم فيقبلّون يد رسول الله واصفين انفسهم في كنف حمايته ، ثم يحيي الله بعد ذلك سائر الاصفياء الذين يعرفون اذكرنا يا محمد فتتحرك الرحمة في رسول الله (ص) ....
ويذهب رسول الله ليجمع كل الانبياء الذين يكلمهم راغبا اليهم ان يذهبوا ليضرعوا إلى الله لاجل المؤمنين ، فيعتذر كل احد خوفاً ، ولعمر الله اني انا أيضا لا اذهب إلى هناك لاني أعرف ما اعرف ، وعندما يرى الله ذلك يذكّر رسوله كيف انه خلقتُ كل الاشياء محبةً له، فيذهب خوفه ويتقدم إلى العرش بمحبة واحترام والملائكة ترنّم تبارك اسمك القدوس ، ومتى صار على مقربةٍ من العرش يفتح الله رسوله كخليل لخليله بعد طول الامد على اللقاء ويبدأ رسول الله بالكلام ..
ثم يقول النص بعد استعراض رائع وجميل لمكالمة رائعة وجميله بين الله وبين نبيه محمد (ص) يقول النص :-
(( وبعد أن يتكلم هكذا يعطي الله رسوله كتاباً مكتوباً فيه أسماء كل فتحاري الله لذلك يسجد كل مخلوقٍ لله قائلا : لك وحدك اللهم المجد والاكرام لانك وهبتنا لرسولك )) 
اسم النبي محمد (ص) في التوراة  
واذا رجعنا إلى التوراة الموجودة بين ايدينا بالفعل فإننا نجد الاشارة بألا سم إلى نبينا الاكرم محمد (ص) عبر كلمة (مئود مئود ) الواردة في سفر التكوين (17) وهي كلمة تتطابق من حيث الاداء اللغوي كما من حيث حساب الارقام مع كلمة (محمد) أو (محمود) وكما يشهد على ذلك السياق الذي وردت فيه وهو كالتالي ((واسماعيل اباركه واثمره واكثره بـ(مئود مئود) وهي كلمة ترجمها المترجمون بـ(جدا جدا) في الوقت الذي استمعنا إلى شارات التوراة التي تتحدث عن رسول الله محمد (ص) بأنه هو الامتداد الباقي لابراهيم وانما هو من ذرية اسماعيل كما تحدث بذلك عيسى (ع) في النص السابق . فالترجمة الصحيحة لـ(مئود مئود) هي محمد أو محمود وبخاصة اذا عرفنا ان التاريخ لم يتحدث لنا عن اثني عشر إماما قد ولدهم اسماعيل , بينما يكون النص اقرب في الدلالة إلى الائمة الاثني عشر الذي خلفوا رسول الله (ص) ، وكلمة (يخلف) هي الترجمة الأدق من كلمة يلد الواردة في ترجمة النص التوراتي , حيث ان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قد استخلف اثني عشر اماما منهم احد عشر من ولده امّا الامام علي ابن ابي طالب فهو ابن عمه.
ومهما يكن الحال في ذلك فان الرائع في هذا المجال هو ما كشف قرص مدمج تحت عنوان (الحقيقة المطلقة عن النبي محمد (ص) في التوراة من انتاج (الحقيقة سوف تسود : 
حينما اطلعنا على قراءة اليهود للنص التوراتي وهم يلفظون بكلمة (محمد) وبالشكل نفسه الذي نتلفظه نحن المسلمين . وفي الوقت الذي جاءت الترجمة العربية لكلمة محمد والتي تكتب بالعبرية كالتالي (ميم)(حت)(ميم)(دالت)وهي عبارة عن اربعة حروف اذا حذفنا منها أحرف العلة تكون (محمد) وفقا لقاموس بن يهودا العبري الانكليزي.
يقول النص كما في الاصحاح الخامس من نشيد الانشاد المنسوب إلى سليمان ((جيبي ابيض واحمر ، معلم وبين ربوة ، رأسه ذهب ابريز ، حلقة حلاوة ،وكلمة مشتهيات ، هذا حبيبي وهذا خليلي يا بنات ارشليم )) هكذا ترجمت كلمة (محمد) بـ(كلمة مشتهيات) وهي ترجمة سيئة للغاية وواضحة الاستهداف , فأن كلمة (محمد) تعني ايضاً (كله محامد) وهو يؤدي بالنتيجة إلى معنى (كلمة محمود) و(كله محبوب) و (كلّه مرغوب) لكن الانتقال من ذلك إلى جملة (كله مشتهيات) انما كان لأبعاد ذهن القارئ المسلم تماماً عن كلمة محمد (ص) وأضفاء مسحة مادية شهوانية على هذا الاسم .
مداليل ومعطيات
هذا الاستعراض لنصوص الكتاب المقدس والنصوص القرأنية الكريمة حول النبي الاكرم (ص) ورسالته يضعنا امام مداليل ومعطيات :
المدلول الاول :- ان رسالة النبي الاكرم (ص)وهي الإسلام هي الرسالة العالمية والتي ستظهر على كل الاديان الاخرى . ويضئ نورها كل البشرية , وستكون نجاة البشرية من الشقاء والعناء من خلال انتصار هذه الرسالة كما جاء في القرأن الكريم ((ليظهره على الدين كله )) بما يعني نجاح النبي (ص) في تكوين الامة الإنسانية الواحدة والعالمية , هو غاية طموح الاشياء كلهم وهدفهم , بل هو غاية الخلق والهدف منه .
المدلول الثاني :- ان رسول الله (ص) هو الإنسان الاكمل الذي يتواضع ويخضع له جميع الانبياء . وقد عرفوه وامنوا برسالته قبل ان يبعث لانه كان مخلوقا قبلهم , قد كانوا بأنتظار انبعاثه وانتصار الحق على يديه .
بل ان رسول الله (ص) هو اشرف المخلوقات وما خلق السماوات والارض الا في حبه ومن اجله .
وفي هذا السياق تأتي عشرات الروايات الشريفة التي تؤكد عنه (ص) قوله ((أول ما خلق الله نوري قبل ان يخلق ادم )) وان الاسماء التي علمها الله تعالى ادم هي اسماء النبي واله الاطهار (ع), وان الكلمات التي توسل بها ابراهيم الخليل إلى الله تعالى هي اسماء النبي (ص) والأئمة الاطهار Pوَإِذْ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَO[5]
المدلول الثالث: يتأكد من خلال هذه النصوص ان الدين، والعبودية الله تعالى، والارتباط بشريعته وابنيائه هي عناصر تكوين الامة الواحدة، و من دون العودة إلى الله تعالى و رسالاته ستبقى الامة الإنسانية تعاني من الشقاء الدائم ولا ينفع في معالجة ذلك كل الحلول الاخرى، وكما قال تعالى: Pوَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلام دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَO[6]
المدلول الرابع: ان عظمة شخصية نبينا الاكرم (ص) ستظهر في عالم القيامه اكثر مماهي في عالم الارض، حيث يلجأ اليه كل الخلائق، وسيتغيث ويلجأ لشفاعته حتى الانبياء، و يكون حينئذ هو الشفيع المشفّع، وصاحب الشفاعة الكبرى، وهو ما جاء في تراثنا الإسلامي و كما اشارت اليه نصوص الكتاب المقدّس السالفة .
الصحوة الإسلامية وبشائر النجاة العالمية
واذ نقف اليوم عند صحوة الشعوب نستطيع ان نلاحظ في المشهد السياسي والثقافي الامور التالية :-
أولاً : ظاهره العودة إلى الله تعالى، والى دينية الله تعالى، فالبديل الحضاري المطروح اليوم للشعوب ليس هو الاشتراكيه، ولاهي الديمقراطية، وانما البديل الحضاري هو الاديان الالهية القادرة على ملأ الفراغ المعنوي والاخلاقي الذي تعيشه البشرية ، وتطلب من يروي ظمأها في هذا المجال .
ورغم ان القوى الكبرى تعمل على الالتفاف على هذه الظاهرة واحتوائها ومصادرتها الا ان هذه الظاهرة قد فرضت نفسها بقوة ، حتى لم يعد بالامكان تجاوزها والتعامي عنها ، وهي ظاهرة لم تقف عند حدود العالم الإسلامي بل قد ضربت المجتمع الغربي نفسه وهزت شباكة.
ان الالتفاف على هذه الظاهرة هو ما نلاحظه في مخطط الغرب لاحتواء الصحوة الإسلامية في العالم العربي خصوصا والإسلامي عموما ، سواء في تركيا أو العراق أو مصر أو ليبيا أو سوريا أو سائر الدول العربية الأخرى التي تضع اقدامها على عتبة التحرر أو تحررت بالفعل .
ثانيا :- لقد كان أحد ادوات الالتفاف على هذه الظاهرة والهيمنة عليها هو اشعال فتيل الحرب الطائفية في الوسط الإسلامي وهو مايسيطر بوضوح وقدرة على ماكنة الاعلام الغربي الموجه للعالم الإسلامي .
اننا هنا يجب ان نؤكد مرة أخرى ان رسالة الإسلام ، وشريعة نبينا الاكرم (ص) التي بشر بها الانبياء جميعا ، وكانوا بانتظار مجيئها وعبور البشرية بسفنها إلى شاطئ السلام ، هذه الرسالة هي الرسالة التي ينتمي اليها جميع المسلمين موحدة صفوفهم ، وتلغي جميع الامتيازات القومية و المذهبية بينهم .
ان خطابنا السياسي والإعلامي والثقافي يجب ان يكون خطاباً وحدوياً إسلامياً يحتضن بذراعية كل الطوائف والاتجاهات الإسلامية بل كل الشعوب والامم التي تئن من سطوة الاستعباد والاستحقار وهيمنة الدول الكبرى والصهيونية العالمية .
نعتقد ان هذا الخطاب هو ما بلوره في عصرنا الحديث الامام الخميني الكبير رائد الصحوة الإسلامية الكبرى وداعية التحرر من أسر الاستكبار العالمي . 
اننا اليوم بحاجة إلى استخصار واستندكار أدوات هذا الخطاب و خلفياته الفكرية و الدينية المتجذرة في ثقافتنا الإسلامية .
اننا بذلك نستطيع ان نقطع الطريق على محاولة التحريف ، والهيمنة، والسيطرة الغربية على صحوة الشعوب ونهضتها، وبدون ذلك فإننا سنقع مرة أخرى في فخ التفرق و التمزق والتنازع الذي قال عنه الله تعالى: Pوَلاَ تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ O
والله العاصم وهو الهادي إلى سواء السبيل
 
                                                                                      


[1] - سورة الاعراف آية 157
[2] - سورة الصف 6
[3] - سورة البقرة 146
[4] - جاء في الفصل التاسع عشر من الانجيل المذكور (( فعند ذلك سأل الذي يكتب يسوع سراً به قائلا : ياسيد يخدعني الشيطان ؟ وهل كنت منبوذا ؟ فاجاب يسوع : لا تأسف يابرنابا لأن الذين اختارهم الله قبل خلق العالم لا يهلكون ، لا تهلك لأن اسمك مكتوب في سر الحياة)
[5] - سورة البقرة 124
[6] - سورة آل عمران 85