نشر تعليمات القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة عامل مهم في إيجاد الوحدة

نشر تعليمات القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة عامل مهم في إيجاد الوحدة

 

نشر تعليمات القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة

عامل مهم في إيجاد الوحدة

 

مياسة مهدي محمد حسن شبع

 

المقدمة:

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبي الرحمة محمد وعلى آله أجمعين الطيبين الطاهرين وعلى صحبه المنتجبين.

أما بعد....

   تتّفق المذاهب الإسلامية جميعاً حول الكثير من المسائل، وما يجمعها أكثر مما يفرِّقها. ولو أرادت الاجتماع حول ما يجمع لوجدت نفسها أقوى الأمم على الإطلاق. إلا أنّ إثارة نقاط الخلاف فيما بينها هو العمل الأكبر الذي تقوم به القوى المستكبرة والمستعمرة، وتسخّر له الكثير من الوسائل الدعائية والإعلامية، والأبواق والأقلام المأجورة.

فلماذا نترك هذا الكمّ الهائل من عناصر الوحدة والاعتصام، ونتلهّى بتفاصيلنا الصغيرة؟ فبدلاً من أن نكون الأمة الأكثر تماسكاً، وإذ بنا نصير بسبب هذا الاختلاف أمماً متفرقة متصارعة فيما بينها.

كل علماء المسلمين المنصفين يؤكدون على ضرورة الوحدة، يقول الإمام الخميني v: إنّ الذين يدّعون الإسلام، ويسعون من أجل زرع الفرقة والتنازع لم يجدوا ذلك الإسلام الذي كتابه القرآن، وقبلته الكعبة، ولم يؤمنوا بالإسلام. إنّ الذين آمنوا بالإسلام إنما هم الذين يقبلون القرآن ومحتوى القرآن الذي يقول ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾([1])، فيلتزمون بكل ما تقتضيه الأخوّة. تقتضي الأخوّة أن يتأثر جميع الإخوان أينما كانوا إذا ألمّت بكم مشكلة، وأن يفرحوا جميعاً لفرحكم([2]).

ويقول محمد أبو زهرة ([3]): إن الوحدة تتحقق في ثلاثة أمور جامعة وهي:

الأمر الأول: أن تتحد مشاعرنا جميعاً في الإحساس بأننا إخوة بحكم الإسلام.

الأمر الثاني: وحدة ثقافية ولغوية واجتماعية، تجمع بين المشاعر والأحاسيس، يتفق فيه على ما فيه رفعة للإسلام وعزة المسلمين.

الأمر الثالث: أن لا يكون من إقليم إسلامي حرب على إقليم آخر، أيا كانت هذه الحرب، سواء أكانت بالاقتصاد أم بالسيف، فهي في كلا شكليها توهن قوى الإسلام وتضعف شأنه.

المبحث الأول: مقومات الوحدة في القرآن الكريم

الفرع الأول: تعريف الوحدة.

أولاً: المعنى اللغوي: الوحدة في لغة العرب: بمعنى التوحد وهو الانفراد، ويراد بها عدم التجزئة والانقسام. قال ابن منظور: حكى سيبويه: الوَحْدَةُ في معنى التَّوَحُّد، وتَوَحَّدَ بِرَأْيِهِ: تَفَرَّدَ به، وأَوْحَدَه النَّاسُ: تَرَكُوه وَحْدَهُ ([4])، والرّجلُ الوحيد: ذو الوَحْدَة، وهو المنفرد لا أنيس معه ([5]) فالوَحْدَةُ: الانفراد. والوحدة تطلق ويراد بها عدم التجزئة والانقسام ([6])

والملاحظ: أن الوَحدَة بفتح الواو وردت بمعان وهي:

1.الوحدة: بمعنى الانفراد، وانقطاع النظير.

2.الوحدة: بمعنى الكل الذي لا يتجزأ ولا يقبل الانقسام.

3.الوحدة: بمعنى نفي التبدل والاختلاف.

ثانياً: المعنى الاصطلاحي: هي اتحاد الدول أو البلاد والأفراد والجماعات في سائر أمور حياتهم ومعاشهم وسيرتهم وغايتهم، وبموجب هذه الوحدة يصبح الجميع شيئا واحدا أو أمة واحدة، يقال: اتحد البلدان، أي صارا بلداً واحداً، واتحدت الأشياء، صارت شيئاً واحداً، ويقال: وحدّ المتعدد: أي صيّره واحداً، واتحد به: أي صار معه شيئاً واحداً ([7])

الفرع الثاني: القرآن الكريم مصدر الوحدة الإسلامية

   إنّ القرآن الكريم هو من أهم مصادر الوحدة الإسلامية، ذلك لأنه:

أولاً: كتاب المسلمين جميعهم.

وثانياً: هو الجذر الأساس وآياته الكثيرة داعية للوحدة وعدم التنازع والاختلاف.

وثالثاً: لم يخاطب مسلماً دون مسلم بل خاطب المسلمين جميعاً على اختلاف مشاربهم ومذاهبهم وقومياتهم وألوانهم.

  من هنا كانت دعوة الإمام الخمينيّ v الدائمة للمسلمين لئلّا يهجر القرآن بين ظهرانيهم وكيف لا وهو الذي يصدح بهم ليل نهار، قال تعالى ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾([8]).

  فمشكلة المسلمين الكبرى هي في هجرهم لهذا الكتاب الإلهي العظيم الذي يتضمّن الهداية للبشر جميعاً، ويقول v : المهم هو أن يعمل المسلمون بالإسلام والقرآن، فالإسلام ينطوي على كلّ المسائل المرتبطة بحياة البشر في الدنيا والآخرة، وفيه كلّ ما يرتبط بتكامل الإنسان وتربيته وقيمه ([9]).

  والأخطر من هذا أن يصير القرآن الكريم مستغلاً بشكل سيّئ من قبل أعداء الإسلام. وهذا أخطر ما يمكن أن يتعرّض له القرآن والمسلمون على حد سواء، وهذا ما حدا بإمام الأمة الراحل v  إلى أن يحذّر بشكل متكرر منه إذ يقول: وا أسفاه أنّ القرآن وهو كتاب الهداية لم يعد له من دور سوى في المقابر والمآتم، بسبب الأعداء المتآمرين والجهلة من الأصدقاء. كان الحال كذلك وما زال، فأصبح الكتاب الذي ينبغي أن يكون وسيلة لتوحيد المسلمين والعالمين، ودستوراً لحياتهم، أصبح وسيلة للتفرقة وإثارة الخلاف، أو عُطّل دوره كلياً..... نحن نفخر، ويفخر شعبنا المتمسِّك بالإسلام والقرآن، بأنّنا أتباع مذهب يهدف إلى إنقاذ حقائق القرآن الممتلئة دعوة إلى الوحدة بين المسلمين، بل البشرية من المقابر، باعتبارها أنجع علاج منقذ للإنسان من القيود المكبلة لرجليه ويديه وقلبه وعقله، والسائقة له إلى الفناء والعدم والرق والعبودية للطواغيت([10]).

الفرع الثالث: مقومات الوحدة في القرآن الكريم

للوحدة مقومات عديدة في القرآن الكريم، نذكر منها ما يلي:

1- وحدة الخلق من نفس واحدة :أعلن الإسلام أن الناس جميعا خلقوا من نفس واحده ،فقال تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً)([11])، وفي الحديث «ألا لا فَضْل لعربيّ على عجمي، ولا لعجمي على عربي، ولا لأحمر على أسود، ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى»([12])، وهذا الأصل البشري الواحد يعطي كل أفراد هذه الأسرة الإنسانية الواحدة حقوق الكرامة الإنسانية الواحدة دون استثناء أو تميز كما قال تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ )([13]).

2-وحدة الحوار والتعارف: قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا﴾ ([14])، والتعارف والتحاور وتبادل المعلومات والتجارب هذا مظهر من مظاهر الوحدة بين بني الانسان رغم اختلاف الوانهم واجناسهم ولغاتهم، فكيف بين بني الدين الواحد والمنهج والشرع الواحد.

 3- وحدة العقيدة والدين: قال الله تعالى: ﴿ آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ﴾([15])

  فعقيدة المسلمين في الله تعالى وفي جميع أركان الإيمان واحدة، لا اختلاف بينهم في أصول الدين ومبادئه الأساسية، فالمسلمون كلهم يؤمنون بوحدانية الله تعالى، ويؤمنون بالملائكة، وبالكتب، وبالرسل، وباليوم الآخر، وبالقضاء والقدر خيره وشره. وهذه العقيدة ثابتة في كل زمان ومكان ومن ينكرها فهو خارج من الدين الإسلامي.

4- وحدة الشعائر والممارسات العبادية.

 قال تعالى ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾([16])، فتفسير الوحدة هنا يعني ان لها رب واحد يعبد بطريقة واحدة والمسلمون متفقون على وحدة الاله وعلى طريقة العبادة وان اختلفوا في بعض التفصيلات الجزئية لكن صلاتهم واحدة، صيامهم واحد حجهم واحد كل هذه المظاهر العبادية التي يمارسها المسلمون يوميا ملمح ومظهر عظيم للوحدة التي طرحها القرآن الكريم.

فالعبادات واحدة ومفروضة على كل المسلمين كالصلاة والصوم والحج والزكاة وغيرها، على اختلاف الوانهم واجناسهم واعمارهم ومقاماتهم. ولقد حثت الشريعة على أدائها بشكل جماعي لما لها من تجسيد لمفهوم الوحدة والقوة، نذكر منها ما يلي:

أ‌.         صلاة الجماعة:

    فهي عبادةٌ يومية جعلت منها الشريعةُ المطهرة مظهراً من مظاهر الاتحاد والتآلف، فهم يجتمعون خمس مرات في اليوم الواحد في ظاهرة وحدوية تنظم صفوفهم خلف إمام واحد، في اتجاه واحد، وقلوبهم نحو هدف واحد، هو طاعة الله وامتثال أمره وأداء فرضه.

 قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): « إن صفوف أمتي كصفوف الملائكة في السماء ، والركعة في الجماعة أربع وعشرون ركعة ، كل ركعة أحب إلى الله عن عبادة أربعين سنة »([17]).

عن علي (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): (صفّوا صفوفكم وحادّوا بين صفحاتكم، ولا تخالفوا فتختلفوا ويتخلّلكم أولاد الحذف) ([18]).

ولذلك تجد كثيرا من فقهاء الإمامية كالإمام الخميني والسيد الخوئي «قدس سرهما» يفتون باستحباب الصلاة خلف ائمة الحرمين وان اختلفا في بعض التفاصيل مظهرا للوحدة بين المسلمين. فلقد روي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال : " من صلى معهم في الصف الأول كان كمن صلى مع رسول الله صلى الله عليه وآله في الصف الأول " ([19]).          وفي الصحيح عن حفص بن البختري ، عنه عليه السلام أنه قال : " يحسب لك إذا دخلت معهم وإن كنت لا تقتدي بهم مثل ما يحسب لك إذا كنت مع من تقتدي به "([20]).

ب‌.    الحج:

   ففريضة الحج تعد أبرز فريضة يتجلى فيها مفهوم الوحدة في جوانب متعددة كوحدة الزمان ، قال تعالى: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ﴾([21])، ووحدة المكان، قال تعالى جلّ شأنه: ﴿جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ﴾([22])، وقوله أيضاً: ﴿وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى﴾([23])، أضافة إلى وحدة في الشرائع والشعائر؛ لكونها تتضمن مناسك متعددة يقوم بها كل حاج كالطواف والسعي والرمي وغيرها، وأيضاً وحدة في الشكل والمظهر، وتتجلى في لباس الإحرام البيضاء، ووحدة في النداء والتلبية: [لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك].

يقول الإمام الخميني v: ومن جملة الوظائف في هذا الاجتماع العظيم دعوة الناس والشعوب الإسلامية إلى وحدة الكلمة وإزالة الاختلافات بين طبقات المسلمين. ويجب على الخطباء والكتّاب المساهمة في هذا الأمر المهمّ وبذل الجهد من أجل إيجاد جبهة المستضعفين، فيمكن من خلال وحدة الجبهة، واتحاد الكلمة، وشعار لا إله إلا الله التخلّص من أسر القوى الشيطانية للأجانب والمستعمرين والمستغلين، والتغلّب على المشاكل من خلال الأخوّة الإسلامية([24]).

كما أنّ الأبعاد السياسية لمناسك الحج لا تكاد تخفى كيف لا وقد سُمّي الحج بالحج السياسي العبادي، وقد كُتب العديد من المؤلّفات التي تعالج الأبعاد السياسية لهذا المؤتمر الإلهي الكبير. يقول الإمام v : وثمّة أبعاد سياسية عديدة في الاجتماعات، والجماعات والجمعة وخاصّة اجتماع الحجّ الثمين، منها الاطلاع على مشاكل الإسلام والمسلمين الأساسية والسياسية، فيمكن من خلال اجتماع العلماء والمثقفين والمتدينين الزائرين لبيت الله الحرام، طرحها ودراستها وإيجاد الحلول لها، وتقديم تلك الحلول لدى العودة إلى البلدان الإسلامية، في الاجتماعات العامّة، وبذل الجهد لرفعها([25]).

 

 

ج. الدعاء:

 تدعو الشريعة المسلم ان يشمل في دعائه الآخرين، وتحثه ان يكون بصيغة الجمع، كالدعاء المروي عن الإمام الحجة عج (اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا تَوْفِيقَ الطَّاعَةِ وَ بُعْدَ الْمَعْصِيَةِ ، وَ صِدْقَ النِّيَّةِ وَ عِرْفَانَ الْحُرْمَةِ ، وَ أَكْرِمْنَا بِاْلهُدَى وَ الاِسْتِقَامَةِ ، وَ سَدِّدْ أَلْسِنَتَنَا بِالصَّوَابِ وَ الْحِكْمَةِ ، وَ امْلَأْ قُلُوبَنَا بِالْعِلْمِ وَ الْمَعْرِفَةِ ، وَ طَهِّرْ بُطُونَنَا مِنَ الْحَرَامِ وَ الشُّبْهَةِ ، وَ اكْفُفْ أَيْدِيَنَا عَنِ الظُّلْمِ وَ السِّرْقَةِ.... )([26])، بل ان هذا الأسلوب دعانا إليه القرآن الكريم كقوله تعالى في سورة الفاتحة (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ .. )([27])، فالله تعالى لم يقل (إياك أعبد وإياك أستعين، أهدني ...) ؛ لأن الله يحثنا على حب الآخرين وان نكون يداً واحدة لأنها مصدر قوتنا ونصرنا، ويحتمل ان يكون ذلك أحد الأسباب التي لأجلها فرض الله علينا ان نتلو هذه السورة في اليوم والليلة عشر مرات على أقل تقدير في صلاتنا المفروضة.

5-وحدة المصادر والمراجع.

  للدين الإسلامي مصادر ومراجع محددة يتلقى منها المسلمون جميعا العقائد والعبادات والأخلاق والشرائع، قال تعالى: {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً}([28])، قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى: (أمر الله في هذه الآية الكريمة، بأن كل شيء تنازع فيه الناس من أصول الدين وفروعه أن يرد التنازع في ذلك إلى كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم)([29]).

فالحكم في جميع أمور الدين إلى الله ورسوله، ولا يكون الرد عند الاختلاف إلا إليهما، أو إلى ما دلا عليه من مناهج الاستدلال وطرق الاستنباط.

 

5- وحدة المكان، فرغم ان تعالى قال في محكم كتابة الكريم(أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً )([30])، إلا اننا مهما شرقنا أو غربنا فالنتيجة أننا نعيش على أرض واحدة ، وجعلها لنا مستقر ومتاع، قال تعالى﴿ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ﴾([31])، وهذا فيه اشارة إلى الوحدة لتحقيق الاستقرار.

6-وحدة الأخوة، قال تبارك وتعالى ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ﴾([32])، ان القرآن الكريم لا يرى الوحدة مبدأ اضطرارياً، كثير من السياسيين يطرح مبدأ الوحدة كمبدأ اضطراري من اجل التعايش السلمي فيقول بأن كل مجتمع يضم فئتين من المسلمين عليهم ان يتوحدوا من اجل التعايش السلمي بينهم ومن اجل كبح روح الاعتداء والظلم من بينهم، القرآن يرى الوحدة اعمق من ذلك ليس مبدأ الوحدة مبدأ اضطراريا لأجل التعايش السلمي بل مبدأ الوحدة نابع من الاخوة، مبدأ الوحدة يعني الاخوة الانسانية والاسلامية لا من باب ان المسلمين مضطرون الى ذلك، لا، بل على المسلمين طواعية ومن خلال رغبة نفسية مطواعة ان يتجهوا لمبدأ الوحدة لأنه مظهر للأخوة لا من أجل الاضطرار سواء كان هناك اضطرار او لم يكن، لابد من ترسيخ مبدأ الوحدة لأنه مظهر للأخوة ولذلك ركز القرآن الكريم على آثار الاخوة بين المسلمين في قوله تبارك وتعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ﴾([33]).

7-  وحدة مواجهة العدوّ ، حينما نستقرأ النصوص القرآنية نجدها تؤكد على معلم من معالم الوحدة وهو معلم اعداد القوة، فتارة يعبر عنه تعالى بقوله جل جلاله﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ﴾([34])، وأيضا في قوله تعالى {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ}([35]).

   فالمجتمع الاسلامي يحتاج في هذه الظروف العصيبة التي يعيش فيها مواجهة عدو شرس يحتاج الى اعداد قوة، قوة مادية، قوة اقتصادية، قوة اعلامية، قوة فكرية، توحيد جهود علماء المسلمين سنّة وشيعة لإعداد قوة للكيان الاسلامي امام هذا العدو الشرس هذا الذي هو يركز عليه القرآن الكريم كمبدأ وكمعلم عظيم من معالم الوحدة بين المسلمين.

   وقد أكد الإمام الخميني v على هذه المسألة في الكثير من الخطابات التي توجّه بها للعالم الإسلامي، يقول v: في مرحلة هجوم القوى الكبرى على البلدان الإسلامية مثل (هجوم السوفيت) على أفغانستان وقتل المسلمين الأفغانيين دون رحمة وبوحشية لمعارضتهم تدخل الأجنبي في مقدراتهم، أو أمريكا الضالعة في كلّ فساد، ومع الهجوم الشامل (الذي تشنّه) إسرائيل المجرمة على المسلمين في فلسطين ولبنان العزيز، ومع (تنفيذ) المشروع الإسرائيلي الإجرامي الرامي إلى نقل عاصمتها إلى بيت المقدس وتوسيع جرائمها ومذابحها الوحشية بين المسلمين المشردين من أوطانهم، وفي هذا الوقت الذي يحتاج فيه المسلمون أكثر من أي وقت آخر إلى وحدة الكلمة، عملاء قوى الاستكبار في مركز القوّة في بلاد المسلمين، إلى التفرقة بين المسلمين، ولا يألون جهداً في ارتكاب كلّ جريمة على هذا الطريق، يأمر بها سيّدهم([36]).

8- الحث على التعاون، إنّ التعاون والتكاتف والتضامن لا بد منها للبناء السليم للمجتمع الإسلامي. وكلما كان التعاون قائما على أوسع صورة كلما كان هذا المجتمع مبنيا بناء قويا سليما، قال تعالى ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾([37]).

 إنّ الوحدة الحقيقية الثابتة ذات الدعائم الراسخة السليمة هي الوحدة القائمة على الحق ونصرة الحق وأهل الحق ومجابهة الباطل وأهله، وهي الوحدة القائمة على التمسك بشرع الله والالتزام بالأوامر الإلهية وعدم السكوت عن الباطل وكل ما هو مخالف للشريعة المطهرة.

المبحث الثالث: مقومات الوحدة في السنة النبوية

الفرع الأول: الوحدة في السنة النبوية

   إنّ رسول الإسلام وخاتم النبيين صلى الله عليه وآله وسلم شخصيّة تجمع المسلمين بكافة مللهم وأعراقهم، فهو رسولهم جميعاً، وكلّهم متّفقون على أنّه القائد الأوّل والملهم، والقدوة والرجل الإلهيّ الأكمل، وأنّه دعا إلى أن يكون المسلمون يداً واحدة في مواجهة أعدائهم وقوى الشرّ الطامعة. وهذا ما بيّنه الإمام الخمينيّ v في الكثير من الخطابات: (أراد رسول الإسلام أن يحقّق وحدة الكلمة في كلّ العالم. أراد إخضاع جميع بلدان العالم لكلمة التوحيد. أراد أن يخضع الربع المسكون بكامله لكلمة التوحيد. بيد أن أغراض سلاطين تلك الفترة من جهة، وأغراض علماء النصارى واليهود وأمثالهم من جهة أخرى، منعته من تحقيق ذلك، والآن فإنّهم يمنعون ذلك أيضاً

إنّ تكليف رؤساء الإسلام الآن وسلاطين الإسلام ورؤساء الجمهوريات الإسلامية أن يضعوا هذه الاختلافات البسيطة الموسمية جانباً، فلا يوجد عرب وعجم، ولا ترك وفرس، بل هناك الإسلام، كلمة الإسلام. يجب عليهم أن يتبعوا رسول الإسلام في طريقته في المواجهة والصراع، ويكونوا تبعاً للإسلام. إنّهم إذا حافظوا على وحدة كلمتهم، إذا وضعوا هذه الاختلافات الموسمية البسيطة جانباً، إذا كانوا جميعاً يداً واحدة. ويقال إنّ عدد المسلمين 700 مليون نسمة (في تلك الفترة)، لكنّ هذا العدد المتفرّق لا يعادل مليوناً، فلا فائدة في 700 مليون إنسان متفرّق، وغير محافظين على ثغورهم، وبحماية حدودهم، بل لا فائدة في آلاف الملايين المتفرّقة لا تنفع أيضاً، أمّا لو كان 200 مليون من هذا العدد أو 400 مليون متّحدين، ويداً واحدة أخوية المصالح الإسلامية المشتركة بين الجميع، ووحّدوا كلمتهم، فإذا وحّد هؤلاء كلمتهم، فإنّ اليهود لن يعودوا ليطمعوا في فلسطين، فسبب هذه الأمور أنّهم لا يسمحون لكم بالاتحاد) ([38]).

فدعوة الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم هي دعوة لنا جميعاً لنبذ خلافاتنا. وهل هناك أفضل من كلمة التوحيد التي زرعها في نفوسنا كلمة باقية خالدة لتوحدنا؟

 

مقومات الوحدة في السنة النبوية

للوحدة مقومات عديدة في السنة النبوية، نذكر منها ما يلي:

1.      الايمان بالله تعالى، إنّ الإيمان بشيء يتبلور في القلب عندما نقرّر ونتعهّد بالالتزام والعمل بلوازمه، بعد إدراكنا لحقيقته. أمّا إذا علمنا بشيء ولكن لم نعزم على الالتزام بلوازمه، فهنا يكون لدينا علم فقط، ولا يتحقّق الإيمان. ويكفي لبيان حقيقة الإيمان ما ذكره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في قوله: "الإيمان معرفة بالقلب، وقول باللسان، وعمل بالأركان"([39]).

ومظاهر الإيمان متعددة نذكر منها الأحاديث التالية:

1.روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم انه قال: (الأعمال بالنية، ولكل أمريء ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته الى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها، فهجرته إلى ما هاجر إليه) ([40]).

فما من عمل يصلح ويقبل عند الله تعالى بعد موافقته للشرع إلا بنية خالصة لله عز وجل، فلو أخلص المسلمون لله في وحدتهم وولائهم وبرائهم لاتحدوا على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله، فالإخلاص والصدق يقيمان الألفة والمحبة بين المسلمين، ومن صدق النية أن يحب المسلم إخوانه المسلمين وأن يصدقهم ويمد يد العون لهم.

2.روي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما في حجة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وخطبته فكان مما قال صلى الله عليه وآله وسلم: ( قد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصتم به، كتاب الله وأنتم تسألون عني فما أنتم قائلون، قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت، فقال: بإصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس، اللهم اشهد اللهم اشهد ثلاث مرات) ([41]).

فالقرآن والسنة هما الأصلان اللذان لا عدول عنهما ولا هدى إلا منهما، والعصمة والنجاة لمن تمسك بهما واعتصم بحبلهما، وهما الفرقان الواضح والبرهان اللائح بين المحق إذا اقتفاهما والمبطل إذا خلاهما، فوجوب الرجوع الى الكتاب والسنة متعين معلوم من الدين بالضرورة.

2. تبعية الثقلين، وذلك من خلال طرح مبدأين وهما:

* مبدأ حب اهل البيت عليهم السلام الذي طرحه القرآن الكريم في قوله تبارك وتعالى ﴿ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾([42]).

*مبدأ موقعية أهل البيت عليهم السلام في الامة التي بينها النبي صلى الله عليه وآله وسلم من خلال حديث الثقلين الذي رواه مسلم في صحيحه وغيره من ائمة الحديث.

 فلقد روي عن النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم انه قال: (إنّي أُوشكُ أن أُدعى فأُجيب، وإني تاركٌ فيكم الثَّقَلَين، كتابَ اللهِ عَزَّ وجَلَّ، وعِتْرَتي، كتاب الله حَبلٌ ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أَهْلُ بيتي، وإن اللطيف الخبير أَخبرني أَنهما لَن يفترقا حتى يَرِدا عليّ الحوض، فَانْظُرُوني بِمَ تَخلُفُونِي فيهما)([43]).

 

3. المؤاخاة، فهي تعتبر من أهم وأبرز الإنجازات التي قام بها الرسول الأعظم عليه السلام في سبيل تركيز دعائم المجتمع الإسلامية المبني على أسس الصلاح عملية المؤاخاة بين المسلمين ([44])، وذلك كعملية تمهيد للهجرة حيث يفترض أن يواجه المسلمون الكثير من المصاعب التي تحتاج إلى التعاون والتعاضد بأعلى مراتبه. فكانت عملية المؤاخاة تهدف إلى السموّ بالعلاقات الاجتماعية بين الناس عن المستوى المصلحي وجعلها علاقة إلهية تصل إلى درجة الأخوة.

 وكذلك من إنجازاته صلوات الله وسلامه عليه عملية إلغاء الفوارق الاجتماعية والطبقية، حيث قام بإلغاء بعض الامتيازات القائمة بين الناس وأوجد مكانها مفاهيم العدالة والأخوة والمحبة والتواضع بين أفراد البشر.

  ولقد وردت نصوص روائية عديدة تحث على التأخي ما بين المسلمين وان تتوفر فيهم صفات الأخوة، نذكر منها ما يلي:

·          قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (ترى المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر جسده بالسهر والحمى) ([45]). فتشبيه المؤمنين بالجسد الواحد تمثيل صحيح وفيه تقريب الفهم، وإظهار للمعاني في الصور المرئية، وفيه تعظيم حقوق المسلمين، والحث على تعاونهم وملاطفة بعضهم بعضا.

·          قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (المؤمن للمؤمن كالبنيان، يشد بعضه بعضا وشبّك بين أصابعه)([46]).

·          وقال صلى الله عليه وآله وسلم: (لا يؤمنُ أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)([47]).

·          عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:     (يد الله مع الجماعة)([48]).

هذه النصوص تبين المراد بالوحدة، وانها تقوم على أساس الإسلام الذي يتأخى فيه أصحابه كأنهم الجسد الواحد، وتنفي هذه الوحدة أي وحدة أخرى تقوم على غير هدى الإسلام، كالوطنية والقبلية وغيرها.

 4. المساواة، قال رسول الله صلى الله عليه وآله :((يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَلَا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ أَلَا لَا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ وَلَا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ وَلَا لِأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ وَلَا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلَّا بِالتَّقْوَى ..))([49]).

   والرسول صلى الله عليه وآله طبق ذلك فقدم الأتقياء من الفقراء وان كانوا عبيداً كما قدّم بلال الحبشي وجعله مؤذناً وغيرهم، وما كان فعله إلا تدريباً عملياً للامة على ممارسة مبدأ الوحدة من أجل تحويله وترسيخه الى خلق تربوي يعيشه كل مسلم من دون كلفة ومن دون مؤونة.

5. عقد الأحلاف والمواثيق، حيث كان للأحلاف شأن خطير في حياة الجاهليين، وتتلخص في أن يحلف كل طرف للآخر على التعاضد والاتفاق، وكانوا ينظرون إليها على أن لها قداسة خاصة وحرمة، ويعاملون الحانث بيمينه بأشد أنواع التحقير والازدراء، وتكون بين المتحالفين مواثيق على الوفاء بالالتزامات التي نُصَّ عليها، ويتم إعلان الحلف ليكون معلومًا بين الناس، وقد تُعْقَد الأحلاف لأغراض معينة، فتكون لها آجال محددة ([50]).

 

المبحث الرابع: مخاطر الفرقة بين المسلمين وأسبابها

الفرع الأول: تعريف الفرقة.

المعنى اللغوي للفرقة يحمل معنى التجزؤ والانقسام.

وأما المعنى الاصطلاحي فهو أن يصبح الفرد أو الجماعة جزءاً خارجا عن الكل الذي يمثل جماعة المسلمين(الوحدة) ومنقسما عنها ([51]).

 

الفرع الثاني: مخاطر الفرقة.

للفرقة بين المسلمين مخاطر عديدة نذكر منها ما يلي:

الخطر الأول: لغة التكفير.

  لغة التكفير وإن لم يترتب عليها أثر، هي في حد ذاتها جريمة، لأن لغة التكفير تقسم المجتمع الإسلامي وتحدث شرخا نفسيا واجتماعيا في صفوفه، وهذا يتنافى مع ما ورد

في الصحيحين عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ويؤمنوا بي وبما جئت به، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله ([52]).

وروي عن سماعة قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): أخبرني عن الاسلام والايمان أهما مختلفان؟ فقال: إن الايمان يشارك الاسلام والاسلام لا يشارك الايمان، فقلت: فصفهما لي، فقال: الاسلام شهادة أن لا إله إلا الله والتصديق برسول الله (صلى الله عليه وآله)، به حقنت الدماء وعليه جرت المناكح والمواريث..) ([53]).

ومع شديد الأسف هناك طوائف عندما تفتح قاموسها لا تجد غير كلمة مشرك وكافر، لا توجد كلمة أخرى في القاموس، ولقد ترتب على ذلك الاتهام آثار وخيمة منها انشقاق الأمة وتفرقها وضعفها.

 

الخطر الثاني: إهدار الحياة.

هو يعتبرك كافر إذا لا حق لك في الحياة، المال، الكرامة، إهدار الآخر في دمه وماله وعرضه وكرامته، إهدار الآخر بتمام شئونه، هذا الإهدار الذي نراه يتجسد في بعض المجتمعات هو من الأخطار الناجمة عن احتكار الحقيقة وهذا الإهدار يتنافى مع ما ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده)([54]).

 

الخطر الثالث: فرض الدين بالقوة.

  لابد أن يستجيب المجتمع لهذا الفكر، ولهذا النمط من التفكير وإلا، فالمصير هو قتل الحياة، إبادة الحضارة، الأضرحة والمساجد والآثار والفنون، إبادة الحضارة بكل أشكالها لأن الحضارة والحياة لا تجتمع عند هذا الفكر أبدا، لذلك هذا الإعصار الطائفي الخطير هو مضمون الآيات المباركات ﴿وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ﴾([55]).

ويقول تعالى في آية أخرى ﴿ و َمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ * يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ * فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ﴾([56]).

إذاً بالنتيجة هذا الفساد في الأرض الذي هو من أشد الأمور مبغوضية في نظر القرآن الكريم هو من أخطار هذا الفكر الداعشي ومن يتبناه.

في المقابل انظر إلى أدب أئمتنا وإلى أدب الآخرين، كيف يفكر أئمتنا وكيف يفكر هؤلاء، لاحظ ما ورد عن الامام الصادق  عن أبي أسامة زيد الشحام قال: قال لي أبو عبدالله: اقرأ على من ترى أنه يطيعني منهم ويأخذ بقولي السلام أوصيكم بتقوى الله عز وجل والورع في دينكم والاجتهاد لله وصدق الحديث وأداء الأمانة وطول السجود وحسن الجوار فبهذا جاء محمد  أدوا الأمانة إلى من ائتمنكم عليها برا أو فاجرا فإن الرسول  كان يأمر بأداء الخيط والمخيط صلوا عشائركم واشهدوا جنائزهم وعودوا مرضاهم وأدوا حقوقهم فإن الرجل منكم إذا ورع في دينه وصدق الحديث وأدى الأمانة وحسن خلقه مع الناس قيل هذا جعفري فيسرني ذلك ويدخل علي منه السرور وقيل هذا أدب جعفر وإذا كان على غير ذلك دخل علي بلاؤه وعاره وقيل هذا أدب جعفر والله لحدثني أبي - الإمام الباقر  - إن الرجل يكون في القبيلة من شيعة علي  فيكون زينها أداهم للأمانة أقضاهم للحقوق أصدقهم للحديث إليه وصاياهم وودائعهم تسأل العشيرة عنه فتقول من مثل فلان إنه أدانا للأمانة وأصدقنا للحديث ([57]).

 

الخطر الرابع: مواجهة التحديات

تواجه الأمة الإسلامية تحديات مشتركة منها:

أ- التحدي الصهيوني: يعمل الصهاينة على تثبيت مشروع التطبيع مع أجزاء من الأمة المسلمة تمهيدا لتركيعها وجعل العلاقات مع الكيان الإسرائيلي طبيعية على كل المستويات:

- السياسي والإعلامي: وذلك بالاعتراف بدولة إسرائيل وبناء علاقات سياسية وإعلامية معها، وإزالة أوصافها الحقيقية عنها مثل: المحتل، المغتصب، العدو.

- الاقتصادي: فتح الأسواق العربية والإسلامية لمنتوجات الكيان الصهيوني.

- التربوي: تغيير برامج الأمة التعليمية وفق ما يرسخ أفكار الصهيونية ويتلاءم مع سياسة السلام والتعايش معها.

- الأخلاقي: إشاعة أخلاق اليهود الفاسدة.

- الثقافي: ضرب هوية الأمة وكيانها الثقافي واتهام الإسلام بأنه دين الإرهاب.

- النفسي: قتل روح الجهاد في نفوس المسلمين لضمان أمن إسرائيل.

ب- تحدي التخلف: تعيش الأمة في مجموعها التخلف عن ركب الثورات: البيولوجية، الإلكترونية، المعلوماتية، الفضائية والتكنولوجية، ومما يكرس هذا التحدي وجود عوامل الطرد والتهجير لأدمغة المسلمين، ويقابلها عوامل الجذب في البلاد الأجنبية.

ج- تحدي العولمة: تعمل العولمة على فرض نظم معينة على الأمة في جميع المستويات: السياسية، الثقافية، الاقتصادية والاجتماعية لإحكام القبضة على مقدرات الأمة ومواردها([58]).

 

 

 

الفرع الثالث: أسباب الفرقة بين المسلمين وعلاجها

1.لغة التكفير.

ذكرنا ان هناك فئات لغتها لغة التكفير كما يعتقد ذلك فئات من الوهابية او من غيرهم. فلغة التكفير هي عامل هادم لمبدأ الوحدة، وهي عامل يثير الغبار أمام تحوّل مبدأ الوحدة من مبدأ قرآني الى خلق تربوي يمارسه كل مسلم، لغة التكفير التي حاربها النبي المصطفى  صلى الله عليه وآله حينما حرم على من تلفظ الشهادتين ماله ودمه وعرضه و جرت المناكح والمواريث.

  اذن عندما نستخدم لغة التكفير ونصطدم ونواجه هذه اللغة لغة الرحمة لغة الحنان التي بثها النبي المصطفى (صلى الله عليه وآله) بثها في اصحابه المقربين لديه، لاحظوا القرآن كيف يتحدث عن صحابة النبي المنتجبين عندما يقول ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ﴾([59])، وعندما يقول ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ﴾([60])، اذلة على المؤمنين يعني كانوا يتمثلون مبدأ الرحمة وخلق الرحمة الذي مثله النبي المصطفى  ولم يكونوا يتعاملون بلغة التكفير فالعامل الاول لغة التكفير

 

2. مجاراة سياسة السلطان.

   بعض علماء المذاهب الاسلامية مع الاسف لأنه موظف في دولة معينة موظف في حكومة معينة مجاراة لسياسة السلطة التي هو موظف فيها مجاراة لذلك يحاول ان يظهر الفرقة يحاول ان يقسم المسلمين يحاول ان يحتكر الحقيقة لبعض المذاهب دون بعض المذاهب الاخرى ولو تجرد من مجاراة سياسة السلطان وعاش الخُلق النبوي وعاش المبادئ النبوية على صفائها ونقائها لكان مطبقاً لمبدأ الوحدة عملياً اذن عندما نتماشى مع الاجواء السياسية التي تقتضي احيانا التصالح بين الدول وتقتضي احيانا التفارق والنزاع بين الدول عندما نجري على طبق الاهواء والمصالح السياسية سوف يكون مبدأ الوحدة معرضا بالزوال والضياع في كل وقت ولكن عندما نلتزم الروح النبوية روح الرحمة وروح الحنان فحينئذ سوف نكون عمليين يعني وحدويين عملياً ونظرياً.

 

3- الاختلاف الفقهي.

 رغم ان المسائل الفقهية من فروع الدين وليس من أصولها إلا اننا نجد بعض المسلمين صدورهم لا تسع هذا الاختلاف الفقهي، فيحمل حقدا على كل من يخالفه الرأي في مسألة فقهية، وهذا الأمر مع شديد الأسف متجسد في واقعنا الخارجي سواء أكان على مستوى مذاهب أو على مستوى مقلدين لمراجع مختلفين، مثال ذلك الخلافات لأجل اختلاف الفقهاء في فتوى التطبير.

في حين ان هذا الاختلاف الفقهي في الحقيقة من دلالات وعلامات يسر الإسلام وسماحته، من خلال التوسيع على أبناء المسلمين وعدم التضييق عليهم، فلا ينبغي أن نجعل من هذه الميزة عاملا في تجزئة الدين، أو التفريق بين المسلمين.

   ان الاختلاف والاجتهاد لا يلغي الوحدة، فلقد شهد تاريخ الإسلام اختلاف الرأي والعقيدة في كثير من القضايا النظرية، وقد شاع هذا الاختلاف، وكان موضع قبولٍ وتقدير ما لم يخل بالأصول الكلية المشتركة، بل اعتبر أمراً ضرورياً، حتى أن بحوثاً نظريةً كثيرةً في الأصول المشتركة مثل التوحيد والنبوة والقيادة بعد النبي والمعاد والصفات الإلهية والقرآن قد جرت، وهي فضلاً عن كونها لم تؤدِ إلى أن يعمد المفكرون الإسلاميون إلى تكفير بعضهم بعضاً، فإن ساعدت كثيراً على توسيع المعارف الحكمية والكلامية وتعميقها.

 أما اختلاف النظر في الفروع المتفق عليها مثل الصلاة والحج والجهاد ومختلف أبواب الاقتصاد والعقوبات وغيرها فكثيرةٌ وشائعة، فهي لا تؤدي إلى المسّ بالمبادئ والأصول والمشتركات، ولا إلى التكفير بين المسلمين "وهو المبدأ الأساسي لحفظ وصون الوحدة الإسلامية" التي تقوم على جعل المتن الكلي للدين الإسلامي محل توافق اعتقاد جميع المجتمعات الإسلامية، وليس هناك أي مانع عقلي أو شرعي لتحقيق هذه الوحدة المطلوبة ([61]).

4- الخلافات العقدية.

    فعلى الرغم من كون العقيدة الإسلامية واحدة لا تتبدل بتبدل الزمان أو المكان، إلا أن السياسة والاتصال بالمذاهب الفكرية والدينية للأمم الأخرى، كانت سببا في عدول البعض عن المنهج العقدي المحمدي السليم، وتحولها إلى أقيسة منطقية ومناقشات كلامية فلسفية، تمخضت عن مدارس فكرية عقدية، كالمعتزلة والأشاعرة والماتريدية .....الخ، والتي كانت عاملا لتفريق المسلمين، ولزم تثقيف الأمة بالتركيز على القواسم المشتركة في العقيدة كالتوحيد والنبوة والمعاد وغيرها واحترام عقائد واراء الآخرين وعدم النيل من رموزهم، قال تعالى (وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ)([62]).

5- الغرور بالنفس والتعصب للرأي.

  والذي كان وما يزال سببا في نشوء الفرقة بين المسلمين، وعلاجه بالعودة للتربية القرآنية: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}([63]).

6- الجهل وقلة العلم.

  يعتبر الجهل من أخطر موانع الوحدة، روي عن أمير المؤمنين عليه السلام انه قال : الجَهلُ فَسادُ كُلِّ أمرٍ([64]) .

وعنه عليه السّلام أيضاً: النّاسُ أعداءُ ما جَهِلوا ([65]).

قال الإمام الصادق عليه السّلام : مِن أخلاقِ الجاهِلِ الإِجابَةُ قَبلَ أن يَسمَعَ ، وَالمُعارَضَةُ قَبلَ أن يَفهَمَ ، وَالحُكمُ بِما لا يَعلَمُ([66]) . وعلاجه بالعلم والعودة لأهل الذكر فيما نجهل ولا نعلم.

7- مؤامرات أعداء الإسلام.

   مؤامرات الأعداء لا تنتهي لتفريق صفوف المسلمين وتشتيت وحدتهم، ومحاولة زرع بذور الفرقة والخلاف بين أبنائه ومثاله احتلال الصهاينة لفلسطين، والاعتداء على العراق واليمن وسوريا وغيرها من البلاد، وعلاجه بالتوعية والمواجهة.

8.حب الدنيا.

   حب الدنيا بتعبير رسول الله صلى الله عليه وآله رأس كل خطيئة([67])، لأنها تجعل الفرد متمسكاً بمصالحه الشخصية وحب الأنا، فهو لا ينظر للمصلحة العامة وبالتالي سوف تصطدم المصالح وتولد الأحقاد والبغضاء والشحناء والفرقة والاختلاف.

روي عن الإمام الصادق عليه السلام: "من أصبح وأمسى والدنيا أكبر همه، جعل الله الفقر بين عينيه وشتت أمره ولم ينل من الدنيا إلا ما قسم له، ومن أصبح وأمسى والآخرة أكبر همه، جعل الله الغنى في قلبه وجمع له أمره"([68]).

وعلاجه :أن يعرف أن الدنيا ليست هي الهدف ولا الغاية، وأن السعادة فيها وضيعة وزائلة وغير باقية أصلاً ﴿وَما أُوتيتُمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَزينَتُها وَما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقى‏ أَفَلا تَعْقِلُونَ﴾([69]). وان يتذكر الموت، ويزهد في الدنيا، قال علي عليه السلام: ليس الزهد أن لا تملك شيئا، بل الزهد ألا يملكك شيء([70]).

 

 

 

المبحث الخامس: تحقيق الوحدة بنشر تعليمات القرآن والسنة النبوية

الفرع الأول: أنواع وسائل النشر

يُمكن تصنيف وسائل النشر ضمن ثلاثة أنواعٍ رئيسيّة، هي:

وسائل النشر المطبوعة

يُستخدَم الورق والحبر والطابعة لعرضها، ومن أهمّ هذه الوسائل:

1.الصحف والجرائد

2.المجلات

وسائل النشر غير المطبوعة

تصنّف إلى وسائل مسموعة ومرئيّة وإلكترونية، حسب الأداة الإعلاميّة التي تعرضها، ومنها:

1.التلفاز

2.المذياع أو الراديو

3.الإنترنت

 تُعدّ شبكة الإنترنت من أحدث وسائل الإعلام في العالم، وتجمعُ بين الصّفات المكتوبة والمسموعة والمرئيّة والإلكترونيّة، وممّا يُميّز الإنترنت أنّه مُستقلٌ تماماً عن الدول وسياساتها، ممّا لا يُتيح لأحدٍ أنْ يتحكّم به وبمُحتوياته وما يُعرَض عليه من آراء وأفكار، كما يُقّدم كثيراً من الخدمات، ويحتوي على كمٍّ هائل من المعلومات ([71]).

الفرع الثاني: الدعوة إلى الوحدة في المنظور الإسلامي.

لزم الانتباه بان وسائل الإعلام التي تديرها أيادي خفية تروّج للمسائل الخلافية بين المذاهب الإسلامية، إنهم يحاولون عبثاً زرع الفرقة. إنّ المسلمين إخوة فيما بينهم ولا يتفرّقون من خلال الأعلام السيّئ لبعض العناصر الفاسدة. أصل هذه المسألة وهي الشيعة والسنّة، أنّ السنّة في طرف والشيعة في طرف آخر، قد وقعت بسبب الجهل والإعلام الذي يمارسه الأجانب، مثلما نلاحظ بين الشيعة أنفسهم وجود أشخاص مختلفين فيما بينهم، يحارب أحدهم الآخر، ووقوف طائفة ضد أخرى بين نفس الإخوة أهل السنة. فجميع طوائف المسلمين تواجه اليوم قوى شيطانية تريد اقتلاع جذور الإسلام.

هذه القوى التي أدركت أن الشيء الذي يهددها هو الإسلام، وأن الشيء الذي يهددها هو وحدة الشعوب الإسلامية.

على جميع المسلمين في كل بلدان العالم أن يتحدوا اليوم فيما بينهم، لا أن تقف طائفة هنا وتطرح نفسها، وتقف طائفة أخرى في مكان آخر وتطرح نفسها أيضا([72]).

فلتحقيق الوحدة الإسلامية لزم استخدام كل وسائل الإعلام المتنوعة المذكورة أعلاه؛ لأجل التأكيد على أهمية الوحدة الإسلامية في القرآن والسنة النبوية، وبيان مقوماتها، وحكمها وأدلتها الشرعية، والآثار الإيجابية المترتبة على تحقيق الوحدة، والآثار السلبية المترتبة على الفرقة، وبيان مخاطرها، ولزم ان تعقد الندوات والمؤتمرات والبرامج ودورات تدريبية متنوعة لترسيخ قيمة الوحدة في أذهان المسلمين والسعي لأجل تطبيقها.

ولزم تذليل كل الصعوبات والعقبات التي تقف دون تحقيق الوحدة ومنها الوقوف على كل أسباب الفرقة ومحاولة إيجاد الحلول المناسبة لها وعلاجها.

·           الخاتمة.

أن الوحدة بين أبناء البشرية إنما يمكن أن تتحقق فيما إذا كان هناك قاسم مشترك ورئيسي يكون منطلقاً لهذه الوحدة، ومقبولاً في العمل من أجل الوحدة. ومن وجهة نظر القرآن الكريم يمكن تحديد هذا القاسم المشترك على مستوى البشرية على أساس الأمرين التاليين:

الأول: الإيمان بالله تعالى والوحي والرسالات واليوم الآخر.

الثاني: القول بالعزة والكرامة الإنسانية، واحترام الإنسان وحريته في العقيدة والفكر والعمل.

فرغم كثرة التحديات وخطورتها إلا أن الأمة قادرة على مواجهتها والصمود أمامها، ولكن لن يتحقق ذلك إلا بما يلي:

1. فهم الإسلام والارتقاء إلى مستوى أحكامه: دراية وتطبيقا.

2. معرفة خطورة هذه التحديات والعمل على تجاوزها.

3. تجميع جهود أبناء الأمة المسلمة وترشيدها.

4. استثمار موارد الأمة وطاقاتها.

5. معرفة مواطن الخلل في الأمة، وعقد العزيمة على معالجتها.

نسأله تعالى ان يوحد قلوب المسلمين وان يقوي شوكتهم وان يجعلهم من المعتصمين بحبله والسائرين على نهج القرآن والسنة

 

 

الفهرست

المقدمة

المبحث الأول: مقومات الوحدة في القرآن الكريم

الفرع الأول: تعريف الوحدة.

 الفرع الثاني: القرآن الكريم مصدر الوحدة الإسلامية

الفرع الثالث: مقومات الوحدة في القرآن الكريم

المبحث الثاني: مقومات الوحدة في السنة النبوية

الفرع الأول: السنة النبوية مصدر الوحدة الإسلامية

الفرع الثاني: مقومات الوحدة في السنة النبوية

المبحث الثالث: مخاطر الفرقة بين المسلمين وأسبابها

الفرع الأول: تعريف الفرقة.

الفرع الثاني: مخاطر الفرقة.

الفرع الثالث: أسباب الفرقة بين المسلمين

المبحث الرابع: تحقيق الوحدة بنشر تعليمات القرآن والسنة النبوية

الفرع الأول: وسائل النشر.

الفرع الثاني: الدعوة إلى الوحدة في المنظور الإسلامي.

الهوامش:

 

[1] الحجرات/10.

[2] منهجية الثورة الإسلامية، مقتطفات من أفكار وأراء الإمام الخميني v ، ص 435.

[3] كتيب الوحدة الإسلامية، محمد أحمد مصطفى (أبو زهرة)، إصدار سلسة الثقافة الإسلامية، المكتب الفني للنشر، سبتمبر1958م،ص29.

[4] وحدة الأمة الإسلامية في السنة النبوية للدكتور أحمد عمر هاشم، ص 7.

[5] كتاب العين، أبي عبد الرحمن الخليل بن أحمد الفراهيدي، 3/281، دار ومكتبة الهلال، تحقيق: د. مهدي المخزومي ود. إبراهيم السامرائي.

[6] فيض القدير شرح الجامع الصغير، عبد الرؤوف المناوي، 2/483، المكتبة التجارية الكبرى، مصر، الطبعة الأولى، 1356هـ.

[7] لسان العرب، محمد بن مكرم بن منظور الأفريقي المصري، 3/446، دار صادر، بيروت،  الطبعة الأولى، وانظر تاج العروس، للزبيدي، 1/2326.

[8] الأنبياء، /92.

[9] الكلمات القصار، مواعظ وحكم من كلام الإمام الخمينيّ v، ص 50.

[10] صحيفة الإمام (ترجمة عربية)، ج‏21، ص 357-358.

[11] النساء /1.

[12] مسند أحمد بن حنبل، 5 / 416.

[13] الإسراء /70.

[14] الحجرات/13.

[15] البقرة/285.

[16] الأنبياء/92.

[17] بحار الأنوار، العلامة المجلسي ،ج ٩ ،ص301.

[18] مستدرك الوسائل 6: 503 ح7368.

[19] مدارك الأحكام - السيد محمد العاملي - عليه الرحمة - ج 4 ص 312.

[20] نفس المصدر السابق.

[21] البقرة/ 197.

[22] المائدة: 97.

[23] البقرة/125.

[24] منهجية الثورة الإسلامية، مقتطفات من أفكار وأراء الإمام الخميني v، ص 142.

[25] كلمة للإمام الخميني v بعنوان: الحج وأبعاده.

[26] المصباح للشيخ تقي الدين إبراهيم بن علي العاملي الكفعمي،281 .

[27] الفاتحة/5-6.

[28] النساء/ 59.

[29] أضواء البيان: 1 / 244.

[30] النساء/97.

[31] البقرة/36.

[32] الحجرات/10.

[33] الحجرات/12.

[34] الأنفال/60.

[35] الصف/4.

[36] نداء الإمام الخميني إلى حجاج بيت الله الحرام 2 ذي الحجة 1400هـ. ق.

[37] المائدة/2.

[38] منهجية الثورة الإسلامية، مقتطفات من أفكار وأراء الإمام الخميني v ، ص 427-428.

[39] نهج البلاغة، ص508.

[40] صحيح البخاري، كتاب الإيمان، باب ما جاء ان الأعمال بالنية الحسنة، ج1/30.

[41] صحيح مسلم، كتاب الحج، باب حجة النبي ص،ج2/886.

[42] الشورى/23.

[43] مسند أحمد بن حنبل - مسند أبي سعيد الخدري رضي الله عنه .

[44] جاء في سيرة ابن إسحاق ، وسيرة ابن هشام : آخىٰ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بين المهاجرين والأنصار فقال : « تآخوا في الله أخوين أخوين » ثُمَّ أخذ بيد عليِّ بن أبي طالب فقال : « هذا أخي » فكان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم سيِّد المرسلين وإمام المتَّقين ورسول ربِّ العالمين الذي ليس له خطير ولا نظير من العباد ، وعليُّ ابن أبي طالب رضي الله عنه أخوين (سيرة ابن هشام ٢ : ١٠٩).

[45] صحيح مسلم بشرح النووي ج16 ص140.

[46] صحيح البخاري، كتاب المظالم، باب نصرة المظلومج2،863.

[47] صحيح مسلم بشرح النووي ج16 ص140.

[48] سنن الترمذي،ج4،ص466.

[49] مسند أحمد بن حنبل، باقي مسند الأنصار، حديث رقم22978.

[50] مقال لدكتور إبراهيم عوض بعنوان (الأحلاف في الجاهلية)، في شبكة الألوكة.

[51] وحدة الأمة الإسلامية في السنة النبوية، أحمد منصور أبو عوده، ص180.

[52] صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب الأمر بقتال الناس حتى يقولوا لا اله الا الله..، حديث رقم 34.

[53] الكافي، الكليني، ج2،ص25.

[54] فتح الباري في شرح صحيح البخاري، بَاب الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ.

[55] البقرة/204-205.

[56] البقرة/8-12.

[57] شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١١ - الصفحة ٩١.

[58] مقال: مقومات وحدة الأمة الإسلامية، الدكتور سعيد بويزري، من موقعه الشخصي.

[59] الفتح/29.

[60] المائدة/54.

[61] سلسة المؤتمرات والندوات الفكرية، مكتبة المعارف الإسلامية، ص20. ندوة بعنوان(الوحدة الإسلامية المرتكزات والنتائج ) منظم الندوة: مركز الإمام الخميني الثقافي بيروت.

[62] الأنعام/108.

[63] آل عمران/159.

[64] غرر الحكم : 930.

[65] نهج البلاغة : الحكمة 172 و 438.

[66] أعلام الدين : 303 .

[67] اخرجه احمد في الزهد ص( 117 ).

[68] الكافي، الشيخ الكليني، ج 2، ص 359.

[69] القصص/60.

[70] ميزان الحكمة - محمد الريشهري - ج ٤ - الصفحة ٢٩٩٠.

[71] د. فهمي قطب الدين النجار (6-7-2014)، "من وسائل الإعلام ( الإنترنت )"، شبكة الألوكة الثقافية الالكترونية.

[72] منهجية الثورة الإسلامية، مقتطفات من أفكار وأراء الإمام الخميني v، ص 434 435.