معطوفا على الرأس فيراد بها المسح وإن كانت منصوبة فيكون معطوفا على المعنى لا على اللفظ لأن الممسوح به مفعول به كقول الشاعر ... معاوية إننا بشر فاسجح ... فلسنا بالجبال ولا الحديدا ... .
فنصب الحديد وهو معطوف على الجبال بالمعنى ويحتمل قراءة الخفض أن تكون معطوفة على الرأس فيراد به المسح ويحتمل عطفه على الغسل ويكون مخفوضا بالمجاورة كقوله تعالى يطوف عليهم ولدان مخلدون ثم قال وحور عين فخفضهن بالمجاورة وهن معطوفات في المعنى على الولدان لأنهن يطفن ولا يطاف بهن وكما قال الشاعر ... فهل أنت إن ماتت أتانك راكب ... إلى آل بسطام بن قيس فخاطب ... .
فخفض خاطبا بالمجاورة وهو معطوف على المرفوع من قوله راكب والقوافي مجرورة ألا ترى إلى قوله ... فنل مثلها في مثلهم أو فلمهم ... على دارمى بين ليلى وغالب ... .
فثبت بما وصفنا احتمال كل واحد من القراءتين للمسح والغسل فلا يخلو حينئذ القول من أحد معان ثلاثه إما أن يقال إن المراد هما جميعا مجموعان فيكون عليه أن يمسح ويغسل فيجمعهما أو أن يكون أحدهما على وجه التخيير يفعل المتوضئ أيهما شاء ويكون ما يفعله هو المفروض أو يكون المراد أحدهما بعينه لا على وجه التخيير وغير جائز أن يكونا هما جميعا على وجه الجمع لاتفاق الجميع على خلافه ولا جائز أيضا أن يكون المراد أحدهما على وجه التخيير إذ ليس في الآية ذكر التخيير ولا دلالة عليه ولو جاز إثبات التخيير مع عدم لفظ التخيير في الآية لجاز إثبات الجمع مع عدم لفظ الجمع فيظل التخيير بما وصفنا وإذا انتفى التخيير والجمع لم يبق إلا أن يكون المراد أحدهما لا على وجه التخيير فاحتجنا إلى طلب الدليل على المراد منهما فالدليل على أن المراد الغسل دون المسح اتفاق الجميع على أنه إذا غسل فقد أدى فرضه وأتى بالمراد وأنه غير ملوم على ترك المسح .
فثبت أن المراد الغسل وأيضا فإن اللفظ لما وقف الموقف الذي ذكرنا من احتماله لكل واحد من المعنيين مع اتفاق الجميع على أن المراد أحدهما صار في حكم المجمل المفتقر إلى البيان فمهما ورد فيه من البيان عن الرسول ص - من فعل أو قول علمنا أنه مراد الله تعالى وقد ورد البيان عن الرسول ص - بالغسل قولا وفعلا فأما وروده من جهة