ذلك في قوله تعالى ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلن تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين فهذا كان حكمهم إذا كانوا مع النبي ص - قل عدد العدو أو كثر إذا لم يجد الله فيه شيئا وقال الله تعالى في آية أخرى يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا هذا والله أعلم في الحال التي لم يكن النبي ص - حاضرا معهم فكان على العشرين أن يقاتلوا المائتين ولا يهربوا عنهم فإذا كان عدد العدو أكثر من ذلك أباح لهم التحيز إلى فئة من المسلمين فيهم نصرة لمعاودة القتال ثم نسخ ذلك بقوله تعالى الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله فروي عن ابن عباس أنه قال كتب عليكم أن لا يفر واحد من عشرة ثم قلت الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا الآية فكتب عليكم أن لا يفر مائة من مائتين وقال ابن عباس إن فر رجل من رجلين فقد فر وإن فر من ثلاثة فلم يفر قال الشيخ يعني بقوله فقد فر الفرار من الزحف المراد بالآية والذي في الاية إيجاب فرض القتال على الواحد لرجلين من الكفار فإن زاد عدد الكفار على اثنين فجائز حينئذ للواحد التحيز إلى فئة من المسلمين فيها نصرة فأما إن أراد الفرار ليلحق بقوم من المسلمين لا نصرة معهم فهو من أهل الوعيد المذكور في قوله تعلى ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ولذلك قال النبي ص - أنا فئة كل مسلم وقال عمر بن الخطاب لما بلغه أن أبا عبيد بن مسعود استقتل يوم الجيش حتى قتل ولم ينهزم رحم الله أبا عبيد لو انحاز إلي لكنت له فئة فلما رجع إليه أصحاب أبي عبيد قال أنا فئة لكم ولم يعنفهم وهذا الحكم عندنا ثابت مالم يبلغ عدد جيش المسلمين اثني عشر ألفا لا يجوز لهم أن ينهزموا عن مثليهم إلا متحرفين لقتال وهو أن يصيروا من موضع إلى غيره مكايدين لعدوهم من نحو خروج من مضيق إلى فسحة أو من سعة إلى مضيق أو يكمنوا لعدوهم ونحو ذلك مما لا يكون فيه انصراف عن الحرب أو متحيزين إلى فئة من المسلمين يقاتلونهم معهم فإذا بلغوا اثني عشر ألفا فإن محمد بن الحسن ذكر أن الجيش إذا بلغوا كذلك فليس لهم أن يفروا من عدوهم وإن كثر عددهم ولم يذكر خلافا بين أصحابنا فيه واحتج بحديث الزهري عن