والأول عذاب الاستيصال في الدنيا وقوله تعالى وما كانوا أولياءه قيل فيه وجهان أحدهما ما قال الحسن إنهم قالوا نحن أولياء المسجد الحرام فرد الله ذلك عليهم والوجه الآخر ما كانوا أولياء الله إن أولياء الله إلا المتقون فإذا أريد به أولياء المسجد ففيه دلالة على أنهم ممنوعون من دخول المسجد الحرام والقيام بعمادته وهو مثل قوله تعالى ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله وقوله D وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية قيل المكاء الصفير والتصدية التصفيق روي ذلك عن ابن عباس وابن عمر والحسن ومجاهد وعطية وقتادة والسدي ووري عن سعيد بن جبير أن التصدية صدهم عن البيت الحرام وسمى المكاء والتصدية صلاة لأنهم كانوا يقيمون الصفير والتصفيق مقام الدعاء والتسبيح وقيل إنهم كانوا يفعلون ذلك في صلاتهم قوله تعالى وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله قال ابن عباس والحسن حتى لا يكون شرك وقال محمد بن إسحاق حتى لا يفتتن مؤمن عن دينه والفتنة ههنا جائز أن يريد به الكفر وجائز أن يريد بها البغي والفساد لأن الكفر إنما سمي فتنة لما فيه من الفساد فتنتظم الآية قتال الكفار وأهل البغي وأهل العيث والفساد وهي تدل على وجوب قتال الفئة الباغية وقوله تعالى ويكون الدين كله لله يدل على وجوب قتال سائر أصناف أهل الكفر إلا ما خصه الدليل من الكتاب والسنة وهم أهل الكتاب والمجوس فإنهم يقرون بالجزية ويحتج به من يقول لا يقر سائر الكفار دينهم بالذمة إلا هؤلاء الأصناف الثلاثة لقيام الدلالة على جواز إقرارها بالجزية .
االكلام في قسمة الغنائم .
قال الله تعالى واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وقال في آية أخرى فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا فروي عن ابن عباس ومجاهد أن هذه الآية ناسخة لقوله تعالى قل الأنفال لله والرسول وذلك لأنه قد كان جعل النبي ص - ينفل ما أحرزه بالقتال لمن شاء من الناس لا حق لأحد فيه إلا من جعله النبي ص - له وإن ذلك كان يوم بدر وقد ذكرنا حديث سعد في قصة السيف الذي استوهبه من النبي ص - يوم بدر فقال النبي ص - هذا السيف ليس لي ولا لك ثم لما نزل قل الأنفال لله والرسول دعاه وقال إنك سألتني هذا السيف وليس هو لي ولا لك وقد جعله الله لي وجعلته لك وحديث أبي