بإطلاق الدخول فصار المعتاد المعارف كالمنطوق به والدليل على أن معنى إطلاق ذلك لجريان العادة في الإذن أن أصحابها لو منعوا الناس من دخول هذه البيوت كان لهم ذلك ولم يكن لأحد أن يدخلها بغير إذن ونظير ذلك فيا جرت العادة بإباحته وقام ذلك مقام الإذن فيه ما يطرحه الناس من النوى وقمامات البيوت والخرق في الطرق أن لكل أحد أن يأخذ ذلك وينتفع به وهو أيضا يدل على صحة اعتبار أصحابنا هذا المعنى في سائر ما يكون في معناه مما قد جرت العادة به وتعارفوه أنه بمنزلة النطق كنحو قولهم فيما يلحقونه برأس المال من طعام الرقيق وكسوتهم وفي حمولة المتاع أنه يلحقه برأس المال ويبيعه مرابحة فيقول قام علي بكذا وما لم تجر العادة به لا يلحقه برأس المال فقامت العادة في ذلك مقام النطق وفي نحوه قول محمد فيمن أسلم إلى خياط أو قصار ثوبا ليخيطه ويقصره ولم يشرط له أجرا أن الأجر قد وجب له إذا كان قد نصب نفسه لذلك وقامت العادة في مثله مقام النطق في أنه فعله على وجه الإجارة وقد روى سفيان عن عبدالله بن دينار قال كان ابن عمر يستأذن في حوانيت السوق قذكر ذلك لعكرمة فقال ومن يطيق ما كان ابن عمر يطيق وليس في فعله ذلك دلالة على أنه رأى دخولها بغير إذن محظورا ولكنه احتاط لنفسه وذلك مباح لكل أحد .
باب ما يجب من غض البصر عن المحرمات .
قال الله تعالى قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم قال أبو بكر معقول من ظاهره أنه أمر بغض البصر عما حرم علينا النظر إليه فحذف ذكر ذلك اكتفاء بعلم المخاطبين بالمراد وقد روى محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم عن سلمة بن أبي الطفيل عن علي قال قال رسول الله ص - يا علي إن لك كنزا في الجنة وإنك ذو وفر منها فلا تتبع النظرة النظرة فإن لك الأولى وليست لك الثانية وروى الربيع بن صبيح عن الحسن عن أنس قال قال رسول الله ص - ابن آدم لك أول نظرة وإياك والثانية وروى أبو زرعة عن جرير أنه سأل رسول الله ص - عن نظرة الفجاءة فأمرني أن أصرف بصري قال أبو بكر إنما أراد ص - بقوله لك النظرة الأولى إذا لم تكن عن قصد فأما إذا كانت عن قصد فهي والثانية سواء وهو على ما سأل عنه جرير من نظرة الفجاءة وهو مثل قوله إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا وقوله وقل للمؤمنات