عرف توحيد الله وعدله بدلائله أوصله ذلك إلى خشية الله وتقواه إذ كان من لا يعرف الله ولا يعرف عدله وما قصد له بخلقه لا يخشى عقابه ولا يتقيه وقوله في آية أخرى يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات وقال تعالى إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية إلى قوله ذلك لمن خشي ربه خبر إن خير البرية من خشي ربه وأخبر في الآية أن العلماء بالله هم الذين يخشونه فحصل بمجموع الآيتين أن أهل العلم بالله هم خير البرية وإن كانوا على طبقات في ذلك ثم وصف أهل العلم بالله الموصوفين بالخشية منه فقال إن الذين يتلون كتاب الله واقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور فكان ذلك في صفة الخاشعين لله العاملين بعلمهم وقد ذكر في آية أخرى المعرض عن موجب علمه فقال واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه إلى آخر القصة فهذه صفة العالم غير العامل والأول صفة العالم المتقي لله وأخبر عن الأولين بأنهم واثقون بوعد الله وثوابه على أعمالهم بقوله تعالى يرجون تجارة لن تبور قوله تعالى الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن روى بعض السلف قال من شأن المؤمن الحزن في الدنيا ألا تراهم حين يدخلون الجنة يقولون الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن وروي عن النبي ص - أنه قال الدنيا سجن المؤمن قيل لبعض النساك ما بال أكثر النساك محتاجين إلى ما في يد غيرهم قال لأن الدنيا سجن المؤمن وهل يأكل المسجون إلا من يد المطلق قوله تعالى وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب روي عن الحسن والضحاك قالا ما يعمر من معمر ولا ينقص من عمر معمر آخر وقال الشعبي لا ينقص من عمره لا ينقضي ما ينقص منه وقتا بعد وقت وساعة بعد ساعة والعمر هو مدة الأجل التي كتبها الله لخلقه فهو عالم بما ينقص منها بمضي الأوقات والأزمان قوله تعالى أو لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير روي عن ابن عباس ومسروق أن العمر الذي ذكر الله به أربعون سنة وعن ابن عباس رواية وعن علي ستون سنة وحدثنا عبدالله بن محمد قال حدثنا الحسن بن أبي الربيع قال أخبرنا عبدالرزاق عن معمر قال أخبرني رجل من غفار عن سعيد المقبري عن أبي هريرة عن النبي ص - أنه قال لقد أعذر الله عبدا أحياه حتى بلغ ستين أو سبعين سنة لقد أعذر