القبول لا يطلق إلا فيما بذله غيره لو لم يكن أراد ذلك لقال إذا اختار الولي فثبت بذلك أن المعنى كان عند جواز تراضيهما على أخذ الدية وقد روي عن قتادة ما يدل على أن الحكم الذي كان في بني إسرائيل من امتناع قبول الدية ثابت على من قتل بعد أخذ الدية وهو ما حدثنا عبدالله بن محمد بن إسحاق المروزي قال حدثنا الحسين بن أبي الربيع الجرجاني قال حدثنا عبدالرزاق قال أخبرنا معمر عن قتادة في قوله تعالى فمن اعتدى بعد ذلك قال يقول من قتل بعد أخذ الدية فعليه القتل لا يقبل منه الدية وقد روي فيه معنى آخر وهو ما روى سفيان بن حسين عن ابن أشوع عن الشعبي قال كان بين حيين من العرب قتال فقتل من هؤلاء ومن هؤلاء فقال أحد الحيين لا نرضى حتى نقتل الرجل بالمرأة وبالرجل الرجلين وارتفعوا إلى النبي ص - فقال رسول الله ص - القتل بواء أي سواء فاصطلحوا على الديات ففضل لأحد الحيين على الآخر فهو قوله تعالى كتب عليكم القصاص إلى قوله فمن عفي له من أخيه شيء قال سفيان فمن عفي له من أخيه شيء يعني فمن فضل له على أخيه شيء فليؤده بالمعروف فأخبر الشعبي عن السبب في نزول الآية وذكر سفيان أن معنى العفو ههنا الفضل وهو معنى يحتمله اللفظ قال الله تعالى حتى عفوا يعني كثروا وقال ص - أعفوا اللحى فتقدير الآية على ذلك فمن فضل له على أخيه شيء من الديات التي وقع الاصطلاح عليها فليتبعه مستحقه بالمعروف وليؤد إليه بإحسان وقد ذكر فيه معنى آخر وهو أنهم قالوا هو في الدم بين جماعة إذا عفا بعضهم تحول نصيب الآخرين مالا وقد روي عن عمر وعلي وعبدالله ذلك ولم يذكروا أنه تأويل الآية وهذا تأويل لفظ الآية يوافقه لأنه قال فمن عفي له من أخيه شيء وهذا يقتضي وقوع العفو عن شيء من الدم لا عن جميعه فيتحول نصيب الشركاء مالا وعليهم اتباع القتل بالمعروف عليه أداؤه إليهم بإحسان وتأوله بعضهم على أن لولي الدم أخذ المال بغير رضى القاتل وهذا تأويل يدفعه ظاهر الآية لأن العفو لا يكون مع أخذ الدية ألا ترى أن النبي ص - قال العمد قود إلا أن يعفو الأولياء فأثبت له أحد الشيئين قتل أو عفو ولم يثبت له مالا بحال فإن قال قائل إذا عفا عن الدم ليأخذ المال كان عافيا ويتناوله لفظ الآية قيل له إن كان الواجب أحد الشيئين فجائز أيضا أن يكون عافيا بترك المال وأخذ القود فعلى هذا لا يخلو الولي من عفو قتل أو أخذ مال وهذا فاسد