للوالدين والأقربين لفظها لفظ المعرفة فغير جائز صرفها إليها إذ لو أرادها لقال من بعد الوصية حتى يرجع الكلام إلى المعرف المعهود من الوصية التي قد علمت كما قال تعالى والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم وقال في آية أخرى لما أراد الشهداء المذكورين فإذ لم يأتوا بالشهداء فعرفهم بالألف واللام إذ كان المراد أولئك الشهداء فلما أطلق الوصية في آية المواريث بلفظ منكور ثبت أنه لم يرد بها الوصية المذكورة للوالدين والأقربين وأنها مطلقة جائزة لسائر الناس إلا ما خصته السنة أو الإجماع من الوصية للوارث أو للقاتل ونحوهما وفي ثبوت ذلك نسخ الوصية للوالدين والأقربين قال أبو بكر استدل محمد بن الحسن C على أن الوالدين ليسوا من الأقرباء بقوله تعالى الوصية للوالدين والأقربين ولأنهم لا يدلون بغيرهم ورحمه بأنفسهم وسائر الأرحام سواهما إنما يدلون بغيرهم فالأقربون من يقرب إليه بغيره وقال إن ولد الصلب ليسوا من الأقربين أيضا لأنه بنفسه يدلي برحمه لا بواسطة بينه وبين والده ولأنه إذا لم يكن الوالدان من الأقربين والولد أقرب إلى والده من الوالد إلى ولده فهو أحرى أن لا يكون من الأقربين ولذلك قال فيمن أوصى لأقرباء بني فلان أنه لا يدخل فيها ولده ولا والده ويدخل فيها ولد الولد والجد والأخوة ومن جرى مجراهم لأن كلا منهم يدلي إليه بواسطة غير مدل بنفسه وفي معنى الأقرباء خلاف والله أعلم .
باب الوصية للوارث إذا أجازتها الورثة .
قال أبو بكر قد بينا نسخ الوصية للورثة بما قدنا وقد روي عن النبي ص - أنه قال لا وصية لوارث إلا أن يجيزها الورثة وفيه بيان أن الأخبار الواردة بأن لا وصية لوارث من غير ذكر إجازة الورثة هي محمولة على أن الورثة لم يجيزوها ويدل أيضا على أن إجازة الورثة هي محمولة على أن إجازتهم معتبرة بعد الموت لأنهم في حال حياته ليسوا بورثة وإنما تحصل لهم هذه السمة بعد موت المورث فمتى أجاز وليس بوارث فإجازته باطلة لعموم قوله لا وصية لوارث ودل على أن الورثة متى أجازت الوصية لم يكن ذلك هبة مستأنفة من جهتهم فتحمل على أحكام الهبات في شرط القبض والتسليم ونفي الشيوع فيما يقسم والرجوع فيها بل تكون محمولة على أحكام الوصايا الجائزة دون الهبات من قبل مجيزيها من الورثة ودل أيضا على جواز العقود الموقوفة التي لها مجيز لأن الميت عقد