له لما ذكر الله الموصي أفاد بفحوى الخطاب أن هناك موصى له ووارثا تنازعوا فعاد الضمير إليهم بفحوى الخطاب في الإصلاح بينهم وأنشد الفراء ... وما أدري إذا يممت أرضا ... أريد الخير أيهما يليني ... أألخير الذي أنا أبتغيه ... أم الشر الذي هو يبتغيني ... .
فكنى في البيت الأول عن الشر بعد ذكر الخير وحده لما في فحوى اللفظ من الدلالة عليه عند ذكر الخير وغيره وقد قيل إن الضمير عائدا على المذكورين في ابتداء الخطاب وهم الوالدان والأقربون وقد أفادت هذه الآية على أن على الوصي والحاكم والوارث وكل من وقف على جور في الوصية من جهة الخطأ او العمد ردها إلى العدل ودل على أن قوله تعالى فمن بدله بعد ما سمعه خاص في الوصية العادلة دون الجائرة وفيها الدلالة على جواز اجتهاد الرأي والعمل على غالب الظن لأن الخوف من الميل يكون في غالب ظن الخائف وفيها رخصة في الدخول بينهم على وجه الإصلاح مع ما فيه من زيادة أو نقصان عن الحق بعد أن يكون ذلك بتراضيهم والله الموفق .
باب فرض الصيام .
قال الله تعالى يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون فالله تعالى أوجب علينا فرض الصيام بهذه الآية لأن قوله كتب عليكم معناه فرض عليكم كقوله كتب عليكم القتال وهو كره لكم وقوله إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا يعني فرضا موقتا والصيام في اللغة هوالإمساك قال الله تعالى إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا يعني صمتا فسمى الإمساك عن الكلام صوما ويقال خيل صيام إذا كانت ممسكة عن العلف وصامت الشمس نصف النهار لأنها ممسكة عن السير والحركة فهذا حكم هذا اللفظ في اللغة وهو في الشرع اسم للكف عن الأكل والشرب وما في معناه وعن الجماع في نهار الصوم مع نية القرابة أو الفرض وهو لفظ مجمل مفتقر إلى البيان عند وروده لأنه اسم شرعي موضوع لمعان لم تكن معقولة في اللغة إلا أنه بعد ثبوت الفرض واستقرار أمر الشريعة قد عقل معناه الموضوع له فيها بتوقيف النبي ص - الأمة عليها وقوله تعالى كما كتب على الذين من قبلكم يعتوره معان ثلاثة كل واحد منها مروي عن السلف قال الحسن والشعبي وقتادة أنه كتب على