بسم الله الرحمن الرحيم .
باب تحريم الخمر .
قال الله تعالى يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما هذه الآية قد اقتضت تحريم الخمر لو لم يرد غيرها في تحريمها لكانت كافية مغنية وذلك لقوله قل فيهما إثم كبير والإثم كله محرم بقوله تعالى قال إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم فأخبر أن الإثم محرم ولم يقتصر على إخباره بأن فيها أثما حتى وصفه بأنه كبير تأكيدا لحظرها وقوله ومنافع للناس لا دلالة فيه على إباحتها لأن المراد منافع الدنيا وأن في سائر الحرمات منافع لمرتكبيها في دنياهم إلا أن تلك المنافع لا تفي بضررها من العقاب المستحق بارتكابها فذكره لمنافعها غير دال على إباحتها لا سيما وقد أكد حظرها مع ذكر منافعها بقوله في سياق الآية وإثمهما أكبر من نفعهما يعني أن ما يستحق بهما من العقاب أعظم من النفع العاجل الذي ينبغي منهما وبما نزل في شأن الخمر قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون وليس في هذه الآية دلالة على تحريم ما لم يسكر منها وفيها الدلالة على تحريم ما يسكر منها لأنه إذا كانت الصلاة فرضا نحن مأمورون بفعلها في أوقاتها فكل ما أدى إلى المنع منها فهو محظور فإذا كانت الصلاة ممنوعة في حال السكر وكان شربها مؤديا إلى ترك الصلاة كان محظورا لأن فعل ما يمنع من الفرض محظور ومما نزل في شأن الخمر مما لا مساغ للتأويل فيه قوله تعالى إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه إلى قوله فهل أنتم منتهون فتضمنت هذه الآيات ذكر تحريمها من وجوه أحدها قوله رجس من عمل الشيطان وذلك لا يصح إطلاقه إلا فيما كان محظورا محرما ثم أكده بقوله فاجتنبوه وذلك أمر يقتضي لزوم اجتنابه ثم قال تعالى فهل أنتم منتهون ومعناه فانتهوا فإن قيل ليس في قوله تعالى فيهما إثم كبير دلالة على تحريم القليل منها لأن مراد الآية ما يلحق من المأثم بالسكر وترك الصلاة والمواثبة