ظهر من نظرائهم عليهم فثبت حجته والثاني أن هذا الضرب من المقادير التي هي حقوق الله تعالى وعبادات محضة طريق إثباتها التوقيف أو الاتفاق مثل إعداد ركعات الصلوات المفروضات وصيام رمضان ومقادير الحدود وفرائض الإبل في الصدقات ومثله مقدار مدة الحيض والطهر ومنه مقدار المهر الذي هو مشروط في عقد النكاح والقعود قدر التشهد في آخر الصلاة فمتى روي عن صحابي فيما كان هذا وصفه قول في تحديد شيء من ذلك وإثبات مقدراه فهو عندنا توقيف إذ لا سبيل إلى إثباته من طريق المقاييس فإن قيل ليس يمتنع أن يكون مقدار الحيض معتبرا بعادات النساء فيجب الرجوع إليها فيه ويدل عليه قوله ص - لحمنة بنت جحش تحيضي في علم الله ستا أو سبعا كما تحيض النساء في كل شهر فردها إلى العادة وأثبتها ستا أو سبعا فجائز على هذا أن يكون قول من قال بالعشرة في أكثره وبالثلاث في أقله إنما صدر عن العادة عنده قيل له إنما الكلام بيننا وبين مخالفينا في الأقل الذي لا نقص عنه وفي الأكثر الذي لا يزاد عليه وقد اتفق الجميع على المذكور من العدد وفي قصة حمنة وهو ست أو سبع ليس بحد في ذلك وأنه لا اعتبار به في إثبات التحديد فسقط الاحتجاج به في موضع الخلاف وقوله لحمنة تحيضي في علم الله ستا أو سبعا كما تحيض النساء في كل شهر يصلح أن يكون دليلا مبتدأ لصحة قولنا من قبل أن قوله كما تحيض النساء في كل شهر لما كان مستوعبا لجنس النساء اقتضى أن يكون ذلك حكم جميع النساء وذلك ينفي أن يكون حيض امرأة أقل من ذلك فلو لا قيام دلالة الإجماع على أن الحيض قد يكون ثلاثا لما جاز لأحد أن يجعل الحيض أقل من ست أو سبع فلما حصل الاتفاق على كون الثلاث حيضا خصصناه من عموم الخبر وبقي حكم ما دون الثلاث منفيا بمقتضى الخبر ويحتج بمثله في أكثر الحيض ويدل على ذلك أيضا ما روي عنه ص - أنه قال ما رأيت ناقصا عقل ودين أغلب لعقول ذوي الألباب منهن فقيل ما نقصان دينهن فقال تمكث إحداهن الأيام والليالي لا تصلي فدل على أن مدة الحيض ما يقع عليه اسم الأيام والليالي وأقلها ثلاثة أيام وأكثرها عشرة أيام ويدل عليه حديث الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن عروة عن عائشة أنه ص - قال لفاطمة بنت أبي حبيش اجتنبي الصلاة أيام محيضك ثم اغتسلي وتوضأي لكل صلاة وروى الحكم عن أبي جعفر أن سودة قالت للنبي ص - إني أستحاض فأمرها أن تقعد أيام حيضها فإذا مضت توضأت