بكتابه وشهادته والكاتب والشهيد كل واحد منهما منهي عن مضارة الطالب بأن يكتب الكتاب مالم يمل ويشهد الشهيد بما لم يستشهد ومن مضارة الشهيد للطالب القعود عن الشهادة وليس فيها إلا شاهدان فعليهما فرض أدائها وترك مضارة الطالب بالامتناع من إقامتها وكذلك على الكاتب أن يكتب إذا لم يجدا غيره فإن قيل قوله تعالى في التجارة فليس عليكم جناح ألا تكتبوها فرق بينها وبين الدين المؤجل دلالة على أن عليهم كتب الدين المؤجل والإشهاد فيه قيل له ليس كذلك لأن الأمر بالإشهاد على عقود المداينات المؤجلة لما كان مندوبا إليه وكان تاركه تاركا لما ندب إليه من الإحتياط لماله جاز أن يعطف عليه قوله إلا أن تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم فليس عليكم جناح ألا تكتبوها بأن لا تكونوا تاركين لما ندبتم إليه بترك الكتابة كما تكونوا تاركين الندب والاحتياط إذا لم تكتبوا الديون المؤجلة ولم تشهدوا عليها ويحتمل قوله فليس عليكم جناح أنه لا ضرر عليكم في باب حياطة الأموال لأن كل واحد منهما يسلم ما استحق عليه بإزاء تسليم الآخر وقوله وإن تفعلوا فإنه فسوق بكم عطفا على ذكر المضارة تدل على أن مضارة الطالب للكاتب والشهيد ومضارتهما له فسق لقصد كل واحد منهم إلى مضارة صاحبه بعد نهي الله تعالى عنها والله أعلم .
باب الرهن .
قال الله تعالى وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة يعني والله أعلم إذا عدمتم التوثق بالكتاب والإشهاد فالوثيقة برهان مقبوضة وقام الرهن في باب التوثق في الحال التي لا يصل فيها إلى التوثق بالكتاب والإشهاد مقامها وإنما ذكر حال السفر لأن الأغلب فيها عدم ا لكتاب والشهود وقد روي عن مجاهد أنه كان يكره الرهن إلا في السفر وكان عطاء لا يرى به بأسا في الحضر فذهب مجاهد إلى أن حكم الرهن لما كان مأخوذا من الآية وإنما أباحته الآية في السفر لم يثبت في غيره وليس هذا عند سائر أهل العلم كذلك ولا خلاف بين فقهاء الأمصار وعامة السلف في جوازه في الحضر وقد روى إبراهيم عن الأسود عن عائشة أن النبي ص - اشترى من يهودي طعاما إلى أجل ورهنه درعه وروى قتادة عن أنس قال رهن ا لنبي ص - درعا عند يهودي بالمدينة وأخذ منه شعيرا لأهله فثبت جواز الرهن في الحضر بفعله ص - وقال تعالى فاتبعوه وقال لقد كان