ذكر صاحب التجريد فيما حكاه عن أبي إسحاق إبراهيم بن وثيق أن المشددات على ثلاث مراتب : الأولى : ما يشدد بخطرفة وهو ما لاغنة فيه .
الثانية : ما يشدد بتراخ قال : وهو ما يشدد فيه غنة مع الإدغام وهو إدغام الحرف الأول بكمالهن وذلك لأجل الغنة .
الثالثة : ما يشدد بتراخي التراخي وهو إدغام النون الساكنة والتنوين في الواو والياء انتهى .
قلت : وهذا قول حسن وتظهر فائدته في نحو قوله : { إن ربي على صراط مستقيم * فإن تولوا } فأبلغ التشديد على الباء ثم الميم ثم الفاء وقال مكي في الرعاية : الحروف المدغمات على ثلاثة أضرب : مدغم فيه زيادة مع الإدغام وذلك ننحو الراء المشددة فيها إخفاء تكريرها مع الإدغام الذي فيها قال : فهو زيادة من الإدغام وزيادة من التشديد .
قال : والثاني إدغام لا زيادة فيه فهو كل ما أدغم لا إخفاء معه ولا إظهار غنة ولا إطباق ولا استعلاء معه نحو الياء من { ذرية } والياء والجيم من { لجي } قال : فهذا تشديد دون الراء المشددة لأجل زيادة الإخفاء للتكرير في الراء .
قال : والثالث مدغم فيه نقص من الإدغام وذلك نحو ما ظهرت معه الغنة والإطباق والاستعلاء نحو { من يؤمن } و { أحطت } و { ألم نخلقكم } قال : فهذا التشديد دون تشديد الثاني الذي لا نقص معه في إدغامه ولا زيادة انتهى .
قلت : وما قاله مكي ظاهر قوي وتظهر في نحو قوله : { إن الله غفور رحيم } فالتشديد على الراء أبلغ من اللام وعلى اللام أبلغ من النون ولكن لا بأس في الجمع بين القولين وتظهر فائدة ذلك في نحو قوله : { سرا إلا أن تقولوا قولا معروفا ولا تعزموا } فأقوى التشديد على الراء ثم اللام ثم على الميم ثم على الواو غير أن اختياري في هذه القاعدة مطلقا التشديد على كل حرف مشدد بحسب ما فيه من الصفات القوية والضعيفة