بل أبدي لم يزل وسرمدى لا يزال وهو مع ذلك لا تحله الحادثات ولا تقوم به الكائنات وللمتكلم في ذلك مسالك .
المسلك الاول .
هو انهم قالوا لو حجز قيام الحوادث بذات البارى تعالى لاستحال خلوه عنها وما استحال خلوه عن الحوادث فهو حادث والبارى مستحيل أن يكون حادثا .
واعلم أن هذا المسلك ضعيف جدا وذلك أنه وان تسومح بتسليم أن مالا يخلو عن الحوادث حادث لكن لا يلزم من كون البارى تعالى قابلا للحوادث أن لا يخلو عنها .
فإن قيل إن ما قبل شيئا من الحوادث فهو قابل لضده وضد الحادث حادث ومهما كان قابلا لضده فهو لا يخلو عن أحدهما فلو كان البارى قابلا للارادة الحادثة لم يخل عنها أو عن ضدها ومهما لم يخل عن احدهما وهما حادثان لم يخل من الحوادث وكذا الكلام في القول الحادث أيضا .
قلنا الغلط إنما نشأ من الجهل بمدلول لفظ الضد وعند الشكف عنه يتبين الحق من الباطل فنقول الضدان في اصطلاح المتكلم عبارة عما لا يجتمعان في شئ واحد من جهة واحدة وقد يكونان وجوديين كما في السواد والبياض وقد يكون أحدهما سلبا وعدما كما في الوجود والعدم فعلى هذا إن قيل للإرادة ضد فليس ضدها إلا عدمها وسلبها وكذا في القول أيضا والعدم المحض لا يوصف بكونه قديما ولا حادثا