المسلك الرابع .
قالوا لو جاز قيام الحوادث بذات الرب فلا بد أن يكون قاصدا لمحل حدوثها ومحل حدوثها ليس إلا ذاته فيجب أن يكون قاصدا لذاته والقصد إلى الشئ يستدعى كونه في الجهة وهو محال ثم ولجاز قيام كل حادث به وهو متعذر .
وهذا المسلك أيضا مما يلتحق بما مضى في الفساد وذلك أنه إن أريد بالقصد العلم فذلك مما لا يوجب كون المقصود في الجهة وإن أريد به غير هذا فهو مما لا يسلمه الخصم ثم انه ان افتقر القصد عند إيجاد الحوادث إلى كونها في جهة فيلزم أن يكون القاصد أيضا في جهة لضرورة ان القصد إلى الجهة ممن ليس في جهة أيضا محال وذلك يفضى إلى كون البارى تعالى في جهة عند خلق الأعراض الخارجة عن ذاته ولا محيص عنه فما به الاعتذار ههنا يكون به الاعتذار للخصم ثم والقول بأنه إذا قيل حادثا لزم قبوله لكل حادث لا يخفى ما فيه من التحكم ومجرد الاسترسال مما ليس بمقبول ولا معقول .
وقد ذكر في هذا الباب مسالك أخر فسادها أظهر من أن يخفى فلذا آثرنا الاعراض عن ذكرها .
فالرأى الحق والسبيل الصدق والأقرب إلى التحقيق أن يقال لو جاز قيام الحوادث به لم يخل عند اتصافه بها اما أن توجب له نقصا أو كمالا أو لا نقص ولا كمال لا جائز أن يقال بكونها غير موجبة للكمال ولا النقصان فإن وجود الشئ بالنسبة إلى نفسه أشرف له من عدمه فما اتصف بوجود الشئ له وهو مما لا يوجب فوات