والجواب على التحقيق عن هذه المؤاخذة إنما يتهيأ مع من يعترف بالالزام ويقول بالكسب ويعتقد صحته كما هو المنقول عن أهل الحق فإنه مهما اعترف صاحب الدليل بمخالفته ووقوع مناقضته وكان مع ذلك جازما بالمخالفة معتقدا لها فقد اعترف بأن ما ذكره لا يوجب الانقياد ولا يصلح للإرشاد وكفى مئونة الجواب وأما من لا يعترف بذلك فلا .
هذا كله إن قلنا إن الوجود زائد على ذات الموجود وإلا فإن كان هو نفس الموجود فقد بطل القول بالاشتراك والاتحاد في قضية الوجود وامتنع الإلزام .
المسلك الثالث .
قالوا البارى تعالى قادر على مثل جميع الأجناس التى هى مقدورة للعبد وإذ ذاك فيجب أن يكون قادرا عليها فإنه لو لم يكن يقدر عليها لم يكن قادرا على مثلها وهو خلف وإذا ثبت أنه قادر على أفعال العباد فإذا حدثت وجب أن تكون مخلوقة له .
وهو قريب من المسلك الأول إذ الخصم قد يمنع كون الرب قادرا على مثل فعل العبد وإن سلم فأما أن يكون في محل قدرة العبد أو خارجا عن محل قدرته فإن كان في محل قدرة العبد فهو محل النزاع وموضع المنع وإن كان خارجا عن محل قدرة العبد فهو غير مقدور للعبد فإذا قيل بكون الرب قادرا على فعل العبد لكونه قادرا على مثله فيلزم أن يكون العبد قادرا على فعل الرب لكونه قادرا على مثله وهو محال ثم ولو سلم أنه قادر على فعل العبد فلا يلزم أن يكون خالقا له لم أسلفناه