ـ(218)ـ
ما يخالفها، والانشغال بكل ذلك عن كتاب الله وسنة رسوله (صلى الله عليه وآله)، ذلك كله من أبرز دواعي الاختلاف السيء الذي لم يهدف إليه الأئمة أنفسهم رحمهم الله، وقد أبعد هذا المتأخرين من المسلمين عن معالي الأمور، وشغلهم بسفاسفها حتّى تدنت الأمة إلى ذلك الدرك الهابط الذي تتمرغ فيه اليوم".
فالمشلكة في رأي الكاتب ليست في اختلاف مناهج أئمة الفقه، بل في الاتباع المتأخرين الذين حملوا أئمة الفقه مالا يحتملوه وعمقوا الفجوة بين مذاهبهم.
وفي الفصل الرابع يتحدث عن أسباب الاختلاف وتطوره من عهد النبوة حتّى عهد الفقهاء، وينتقل في الفصل الخامس إلى الحديث عن معالم الاختلاف بين الأئمة وآدابه وفي الفصل السادس يتحدث عن الانحدار الذي هبط فيه العالم الإسلامي بعد أن انتهى الاجتهاد في القرن الرابع الهجري وغربت شمسه ـ كما يقول ـ "واستمر الانحدار، واشتد الخلاف وتعمّق، ونشأت بعد ذلك قرون على التقليد المحض، فركدت حركة الفكر، وذوت شجرة الاجتهاد، وانتشرت الفتن، وعم الجهل، وأصبح الفقيه العالم ـ في نظر الناس ـ هو ذلك الذي حفظ جملة من أقوال الفقهاء وتزود بعض الآراء، دون تمييز بين قويها وضعيفها، وصار المحدث من حفظ جملة من الأحاديث صحيحها وسقيمها..".
ويتحدث الكاتب عما تعانيه الصحوة الإسلاميّة اليوم من مخلفات الماضي ويقول: "ولكن ما يحز في النفس أن يعمل بعض أبناء المسلمين على تحطيم أجنحة الصحوة وتكبيلها بقيود الخلاف غير المنضبط حول ما يستحق من الأمور ومالا يستحق".
ويقول: "إن إثارة الخلاف بين المسلمين، أو تنمية أسبابه خيانة عظمى لأهداف الإسلام، وتدمير لهذه الصحوة المعاصرة التي أحيت الأمل في النفوس، وتعويق لمسيرة الإسلام، وتشتيت لجهود العاملين المخلصين لا يرضي الله جل شأنه".
ونحن مع الأستاذ العلواني في هذا التوجه غير أننا نلفت نظره إلى موضوع قد يستفيد منه إذا أراد أن يكمل بحثه وهو استعراض موقف أئمة اله البيت تجاه الخلاف والاختلاف، فهو يمثل مدرسة أخلاقية عظيمة في هذا المجال، أشار إليها العلامة السيد الحكيم في مقابلته المنشورة على صفحات هذا العدد.