/ صفحه 139 /
جعل أمر المسلمين شورى بينهم، فلم يقصر على حاكم معين، ولا سيد مطلق التصرف، فقد اختار المسلمون أو خليفة لهم بالبيعة، لا بالحسب ولا بالنسب، ولا بقوة السلاح.
والخلاصة أن تلك الحقوق التي أسموها بحقوق الإنسان وحرياته، والتي يسعون إليها هي حقوق قائمة معمول بها من وقت ظهور الإسلام، ولم تنشأ نتيجة لثورة أو حرب، وعلينا أن نذكر، فإن الذكرى تنفع المؤمنين، وأن ندعو إلى سلوك سبيلها ليتنبه الغافلون عن أمور دينهم الذين لم يتبينوا ما كفل الإسلام من نظام سديد حكيم في جميع المعاملات الدينية والمدنية، حتى لا يخدع أحد بما درس وما قرأ عن المدنية الأوربية في الديمقراطية، وهو لم يدر بخلده أن يدرس ويبحث ويفكر في أصول دينه وما قضى به من أحكام هي أقدم عهدا، وأثبت أصلا، وهي نور الله الذي يريدون أن يطفئوه، ويأبى الله إلا أن يتم نوره.
الوحدة سبيل العزة
ما استقامت أمة على سنن الرشاد، ولا تم لها نظام، ولا بلغت ما تريد من المجد والعز إلا بالوحدة. وما عزت أمة وهابها الأعداء ولا قام فيها عدل وجرت أمورها على الطريق السوي إلا بالوحدة، وأعظم الأمم قوة وأكثرها منعة هي الأمم التي نسيت الجنسيات التي تسللت منها، ونسيت العصبيات واستحالت كلها إلى أفراد متجانسة في اللغة والدين والعقيدة والغاية، والأمة التي تشعر الطوائف فيها بأصولها التي اشتقت منها، وتشعر بأن هناك فارقا بين طائفة وأخرى، لا تزال تعاني الشدائد.