/ صفحه 149/
وسوء الظن بأنفسهم، ولن يصلح الفقه الإسلامي لمسايرة تطور المسلمين الا بالرجوع به إلى حالته الاولى، ولا يتم ذلك إلا بأمرين:
أولهما خدمة التراث الفقهي القديم واظهار موسوعاته للمسلمين إظهاراً يمكنهم من الموقوف على كنوزه واستثمار جهوده بحيث يتسنى لرجل الفقه والقانون أن يرجع إلى المبسوط والمدونة والام كما يرجع إلى كتاب قانوني مرتب مفهرس مبوب.
وثانيهما: تكوين جماعة من رجال الفقه والقانون للعمل بأنواع الاجتهاد المقيد فيجتهدون في الوقائع التي لم يجتهد فيها المجتهدون المطلقون، ويخرجون اجتهادات المجتهدين، ويوازنون بين أقوالهم ويرجحون أنسبها بحال الأمة ومصالحها.
فأما إذا ظللنا على هذه الحال: تراثنا القديم مغبر معقد لا سبيل إلى فهمه الا لأفراد قلائل. والجديد من الوقائع ليس فينا من ينظر فيه نظرة اجتهادية مصلحية، فسيذهب هباء كل نداء بأن يكون الفقه الإسلامي مصدر التقنين.
ثقة
وما دام القرآن يتلى بين المسلمين وهو كتابهم المنزل وإمامهم الحق، وهو القائم عليهم يأمرهم بحماية حوزتهم والدفاع عن ولايتهم ومغالبة المعتدين وطلب المنعة من كل سبيل لا يعين لها وجها ولا يخصص لها طريقا، فإننا لا نرتاب في عودتهم إلى مثل نشأتهم، ونهوضهم إلى مقاضاة الزمان ما سلب منهم، فيتقدمون على سواهم في فنون الملاحمة والمنازلة والمصاولة، حفظاً لحقوقهم، وضنا بأنفسهم عن الذل، وملتهم عن الضياع.