/ صفحه 190 /
إني أذكر مع الإعجاب معارف المصريين عن هذا الكوكب الذي لم يره في القرون الوسطى "إلاّ سكوت أوريجين " في القرن التاسع الميلادي، و "براهية" في القرن السادس عشر. هذا الكوكب الذي كان لرؤية " كاسندي " له عند مروره أمام قرص الشمس في 7 نوفمبر سنة 1631 قصة رائعة، رآه المصريون وعرفوا دورته حولها قبل ذلك بما يقرب من ألفي عام.
مضطجعين حول أغنامهم في الليل الساكن على ضفاف الفرات، يرقبون السماء بعيونهم، ويتأملون الكون على حد عقولهم، أدرك رعاة الغنم من الكلدانيين هذه الحركة للنجوم، ولا ندري، أأدركوا أيضاً هذه الحركة للكواكب؟
وفي الساعة الزمنية التي يُخيَّل إلى أنها لا تنتهي، أدرك المصريون والكلدانيون وغيرهم أن هذه الحركة للنجوم وللكواكب لا تتبع في سيرها الصدفة العمياء، وإنما تسير وفق قوانين ثاتبة لا تتغير ولا تتبدل، هذه القوانين لم تتضح بطريق لا يقبل الجدل إلا بعد الأعمال الخالدة التي خطها " كوبرنيك " البولندي منذ خمسة قرون، وهو الذي لم ير عطارد طول حياته، تلك الأعمال التي أثبت فيها أن أرضنا التي نعيش عليها ليست مركزاً للكون، إنما هي تابع لإحدى نجومه: الشمس، وأن هذه الحركة للنجوم التي نراها ليلا من الشرق إلى الغرب ما هي الا دورة للأرض حول محورها من الغرب إلى الشرق.
ومر الزمن وكر، وتوالت القرون، وتتابعت الأحقاب، وجاء الفِرِنجة ورثة الاغريق، فأدركوا أمراً آخر له خطره، وفطنوا إلى تشابه عجيب بين الكواكب السيارة في دورانها حول النجوم وبين المادة التي يتكون منها كل شئ في الكون، ذلك أن المادة صلبة كانت أم سائلة أم غازية تتركب مما نسميه ذرات " جمع ذرة " وهذه الذرة التي كانت في نظر العلماء إلى عهد قريب جزءا لا يتجزأ، باتت في نظر العلماء المحدثين عالماً شمسياً كاملاً، فكل ذرة لأي عنصر