/ صفحه 196/
من الفيزيائيين النظريين في كل جامعات الأرض محاولين تتبع أعمال بوهر وتطبيقها، ومحاولين الاضافة إلى معارفنا، وذلك بدارسة العناصر المختلفة ودراسة أطيافها، متنقلين من عنصر إلى عنصر، ومتغلبين في ذلك على صعوبة كبرى في الحساب، وتعددت الرسائل العلمية في هذا الباب لسنين طويلة بعد بحوث بوهر التي ظهرت في سنة 1913، حتى أننى صادفت في السوربون سنة 1925 والسنوات العشر التي تلتها، عشرات من طلاب البحث المشغولين بموضوع طيف العناصر والرجوع بخطوط الطيف إلى مواضع هذه السيارات الحائرة حول النواة، والى وثباتها العجيبة نحوها، وهؤلاء الطلاب تصادفهم في المكتبة، وتعرفهم في معامل البحث، فترى بعضهم يتابع النظر إلى طيف العناصر، وبعضهم يتابع الحساب ويقابل النتائج التي يصل إليها بالنتائج التي تفرضها التجارب، وما زال من بين هؤلاء اصدقاء لنا عكفوا على أعمالهم أعواماً ليجدوا حلا موفقاً بين ما يصلون إليه من طريق الرياضيات، وما يعثرون عليه أو يعثر عليه غيرهم عن طريق العلم التجريبي، وما له اليوم من قوة.
هذه هي الألكترونات الحائرة تدور حول النواة في الذرة كما تدور الأرض حول الشمس أو القمر حول الأرض، بل هي تدور حول محورها أيضا، هذه الالكترونات من الصغر بحيث ان النسبة بين كتلة احداها وكتلة حبة المسبحة كالنسبة بين هذه الحبة والكرة الارضية التي نعيش عليها، هذه الكواكب الصغيرة أصبحت معروفة في كتلتها، في مقدار ما تحمله من شحنة كهربائية في دورانها حول محورها ودورانها داخل الذرة، بل إنها باتت معروفة في وثابتها داخل هذا العالم الذري.
وبعد فأي تشابه عظيم بين ما في الكون في مجموعة ـ بين ما في العالم الشمسي مثلاً ـ وبين أصغر ما في هذا العالم وهو الذرة.
أي عظمة بلغت قوة العلوم النظرية والتجربيية في تتبع هذا النظام للعالم الكبير والعالم الصغير، ومعرفة هذا النظام معرفة بلغت حد اليقين.