/ صفحه 245/
مستَحِلّ " أي أنه لا يكفر مسلم بارتكابه ذنبا ما دام غير مستحل له، وأولى من ذلك أ نه مهما أختلف المسلمون في المذاهب والآراء والاقوال فيما هو محل للإجتهاد والنظر، فلا يصح ان يكفر احد منهم.
أما نظر الإسلام إلى الأديان الأخرى فهو نظر سَمِح، فقد سمي اليهود والنصارى أهل كتاب، وسمّاهم أهل الذمة، وهما تسميتان في منتهى اللطف والآيات التي وردت في القرآن في اهل الكتاب تدل على قدر كبير من التسامح خصوصاً في العهد المكي فيظهر أن اليهود والنصارى قابلوا الإسلام في العهد المكي بشئ من حسن الاستقبال فكان القرآن في ذلك العهد سمحاً كريماً وقد بُني في أساسه على أن القرآن يؤيد الكتب السماوية الأخرى ويتفق معها في أغراضها، وأن الشريعة الإسلامية وارثة لما قبلها ومكملة لتعاليمها (والذي أوحينا اليك من الكتاب هو الحق مصدقاً لما بين يديه أن الله بعباده لخبير بصير)، (ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شئ وهدى ورحمة لقوم يؤمنون). والاسلام يعترف بنبوة الانبياء السابقين كنوح وإبراهيم وإسحاق ويعقوب وداود وسليمان ويوسف وموسى وهارون وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس. ويقرر أن أساس تعاليمهم واحدة وكلها من عند الله فلا غرو بعد ذلك كله أن يكون الإسلام سمحاً مسالماً حتى لقد نصح أتباعه بأنهم إذا دخلوا في جدال مع اليهود والنصارى بشأن الدين. جادلوهم بالحسنى (ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي أنزل الينا وأنزل اليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون). بل نرى في العهد المدني، في أول الأمر مثل قوله تعالى: (فإن حاجوك فقل أسلمت وجهي لله ومن اتبعن وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين أأسلمتم فإن أسلموا فقد أهتدوا وإن تولوا فإنما عليك البلاغ والله بصير بالعباد). وقوله: (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون). ولكن يظهر أن اليهود والنصارى في العهد المدني، بعد ذلك وقفوا أمام الدعوة الإسلامية يهاجمونها