/ صفحه 261/
التعصب للغات ايضا، أو يريد ان يستعمر الاخرين، ولكن المهم هنا ان يفهم بعضنا بعضاً، وهذا ممكن جداً إذا وجد في البلاد العربية مثلا رجال يعرفون لغات الاخرين وعند الاخرين من يعرف العربية ويتحدث بها، وهذا ما كان في العصر الذهبي للإسلام: شعوب لم يصطبغوا بالصبغة العربية، واحتفظوا بلغتهم القومية الا ان رجالا منهم ـ وهم علماؤهم عامة ـ كتبوا ودونوا العلوم بالعربية، وخدموا اللغة العربية نفسها اية خدمة، من دون أي تعصب، أو أقل تحيز، الا وان الترجمة مما لا بد أن يهتم به، وكثيرا ما نترجم آثارا من الغربيين بأنواعها، فنجد فيها، ما يفيد ولا ننكره ونجد فيها ما يفسد الأخلاق وينشر الخلاعة حيناً، والالحاد والمادية حيناً آخر، ولا يشك مسلم في خطر هذا النوع على الدين والاداب الإسلامية.
وما دام عندنا هذا الاستعداد للترجمة، وليس لدينا مانع من أن نعطي لفكرة نشأت في بيئة مغايرة لبيئتنا وصيغت في جو تقاليد غير تقاليدنا الدينية والقومية، صورة مناسبة أو أقل بعدا ـ نقول ـ ما دام عندنا هذا الاستعداد أليس من الخير ان نوجهه إلى الصحيح من الأدب الغربي، وأفكار أهله، والى الاثار الإسلامية بما في ذلك ترجمة الكتب والدواوين والحكم والقصص واخبار التاريخ السائرة بين الشعوب الإسلامية، وان منها لكتبا لو كان أحدها هو الكتاب الوحيد في لغته، ولم يكن سبيل لترجمته، الا بتعلم اللغة، لكان على الإنسان ان يتعلم تلك اللغة ليعرف ذاك الكتاب ويلتذ بما فيه !.
ان في البلاد الإسلامية معادن وكنوزاً، وأن للمسلمين رجالا نابغين، وعلماء أكفاء عاملين، وأدباء قديرين، فهل يعرفهم العالم الاسلامي، وهل يعرف عنهم عشر ما يعرف عن بعض علماء المادة وكتاب السوء ؟ وهل سمع عن آثارهم ؟ وهل عرف أن منهم مؤلفين خلفوا مجلدات من الكتب، يعد كل واحد منها، مرجعاً من المراجع ودليلاً قائما بذاته، لفكرة ناضجة عند المسلمين.
إن للمسلمين جامعات علمية كبرى في مختلف البلدان، وإن فيها لما يجتمع