/ صفحه 270/
عهده، وكانت فاصلة في توجيه حياته، وما من أديب أو عالم أو مفكر أو مخترع أو مصلح إلا كان لشئ ما قد اعترض سبيله، تاثير في نفسه، وتوجيه لقلبه، علم أو لم يعلم، وقد كان لهذا الكتاب في حياتي الأدبية ـ إن صح أنني من عشاق الأدب ـ هذا التأثير، وكان لمؤلفه العظيم الفضل الأول في ذلك التوجيه.
أما الكتاب فهو " أمالي السيد المرتضى " وأما صاحبه فهو الأديب العالم ذو المجدين أبو القاسم علي بن الطاهر أبي احمد الحسين بن موسى بن محمد بن إبراهيم بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن أمير المؤمنين زوج فاطمة البتول علي بن أبي طالب، رضي الله عنهم أجمعين.
وإنما ذكرت نسبه ليعلم الناس أي عرق من البيان والعلم دس إليه، وأي دم طاهر نقي جرى في أعراقه، فيحبوه كما أحببته، ويدرسوه كما درسته.
وللكتاب طريقته الفريدة الفذة في الجمع بين العلم والأدب فهو مجالس املى فيها السيد مسائل متفرقة في تأويل بعض الآيات أو الأخبار النبوية، أو أحاديث الأدب أو طرف الشعر، فتراه يبدأ بأحد هذه فيصور لك معناها في عبارة واضحة جلية، أو يوقفك على عقدة فيها تستحق السؤال والنظر، ثم يمضي بك بعد ذلك في رحلة فكرية شائقة كل خطوة من خطواتها متاع لنفسك وروحك، وغذاء لعقلك وقلبك، فلا تنتهي رحلة منها إلا وقد تزودت زادا قيما صافيا متنوعاً، تشعر معه بالغبطة والسعادة والرضى.
وهذه الرحلات الممتعة التي سماها المؤلف " مجالس " لأنه أملاها على تلاميذه في بعض مجالسه، تصل عدتها إلى الثمانين، وتقع في أجزاء أربعة متوسطة هي ما يعرفه الناس باسم " أمالي المرتضى ".
وبين يدي الآن الجزء الأول من هذا الكتاب، وهذا هو المجلس التاسع من مجالسه الممتعة:
بدأه المؤلف بقوله:
" إن سأل سائل: ما وجه التكرار في سورة " الكافرين " وما الذي حسّن