/ صفحه 309 /
لقد وضع العلماء لأول مرة، وبصورة جلية أيديهم على الطاقة النووية، وعرفوا إحدى الطرق الفعالة لفك عقالها، وعاش " أينشتاين " ليشهد بنفسه نتيجة نظريته الخطيرة، وليشهد بنفسه كيف تمكن الإنسان أن يعيد المادة سيرتها الأولى ـ طاقة خطيرة في هذا الكون الفسيح.
لقد شرحت النواة وما حدث في دنيا النواة، ولعلنا قد أدركنا أن المادة قوة عظيمة مدخرة من الأزل، لا نعرف لها بداية، ولا ندرك لها نهاية، هي طاقة متبلورة من العصور الغابرة، وكنز خطير لا يفنى على الزمن، هذه المادة بدأنا نلهو بها، وبدأنا نتعلم كيف نعيدها سيرتها الأولى.
وها نحن أولاء لا ندري ماذا تخبئه نواة الذرة للإنسان في المستقبل القريب أو البعيد، أمدنية نووية ؟ أمعارف جديدة فوق تصورنا الحالي ؟ أدنيا غير التي عهدناها ؟ أم نهاية لحياة الجنس البشري على هذا الكوكب مع بقائه دون أي نوع من الحياة عليه ؟ أم فناء لنا ولهذا السيار الوديع ؟ وكل ما ابتغيه من محاضراتي العديدة وكتاباتي المستمرة، أن يؤمن القارئ معي أن ثمة احتمالات للإنقسام في نواة الذرة أو للإنفلاق في هذه الشمس داخل الذرة كثيرة، والواقع أن الرواية لم تتم فصولاً، وإذا استبعدنا حدوث سلسلة من نوع خطير في الاكسجين أو الماء وكلاهما لازم لاستمرار الحياة، كما يستبعد ذلك غالبية العلماء المعاصرين فإننا نؤمن في الوقت ذاته أن هذه العلوم ما زالت في بدايتها، وأن أحداً لا يجزم بما يخبئه القدر للعلماء، وللناس عامة من مفاجآت.
وعلى آية حال فالعناصر الثقيلة الأخرى ومما كنانها قد تكون قابلة للإنفلاق بوسائل لا نعرفها اليوم، وقد نصادف انقساماً ثلاثياً أو رباعياً أو كثير الحدود.
ومع ذلك فإنه يجب أن لا نعتقد خطأ، بأن حياتنا كجنس محتوم لها الدوام