/ صفحه 312/
وانتهت زيارتي " لمكتبة الحاج الحسين " وخرجت مسرعاً إلى المسجد، فلم أكد أبلغ ساحته حتى كان المؤذن (اردبيلي) يؤذن لصلاة الظهر في صوته العذب الرخيم.
الله أكبر الله أكبر. وتطلعت إلى مصدر الصوت، فإذا هو ينبعث من مئذنة طويلة غطتها النقوش الجميلة من القيشاني، وقد علتها قمة من ذهب، انعكست عليه أشعة الشمس فتوهجت إشعاعاً.
إن هذه الساحة الحجرية العظيمة قد أكتظت بالناس. إنهم يَرِدون الفسقية الكبيرة التي تفيض بالماء حيث يتوضؤون، إن صوت الاردبيلي يجلجل في الآذان فيملأ النفوس خشوعاً ويملأ الجو جلالاً، إن المئذنتين والقباب قد انعكست صورها فوق صفحة الماء في وسط الفناء. وقد أخذت صورها تتأرجح من تموج الماء، كأنها تطرب لصوت الرجل يدعو إلى الصلاة، وإنها لتطرب في وقار وقنوت !
الله أكبر الله أكبر ! كثر الوافدون، وأحاط المتوضئون بالفسقية، ومن خلفهم جماعة ينتظرون، وهناك، خلف شبائك الحديد، في ردهات المسجد جماعة الركع السجود.
هنا الناس يجتمعون في أزياء متفاوتة، هنا أهل المدينة الجديدة بقبعاتهم وأزيائهم الحديثة، هنا أهل المدينة القديمة وقد علت رؤسهم العمائم واكتسوا بالعباءات الفاخرة من صوف نايين. هنا الناس في أحلى زينة، وعلى أنظف حال، إنهم أتوا إلى حضرة ربهم الأعلى فلا عجب أن تراهم وقد علت وجوههم نضرة النعيم.
إن الإسلام موزع بين أمم كثيرة تختلف في تقاليدها وأهدافها وسياستها، ولكنها تتفق في مثلها الأعلى المستمد من الدين، وكفى بالإسلام انه السلامة والسلام ! وقام الإمام بقامته الفارعة ومحياه الجميل، وعلى رأسه عمامته الكبيرة، وأخذ يعظ الناس في صوت جهوري، يعلو حينا ويخفت حيناً، والجميع من حوله في صمت الخاشعين. وأمنَّا وصلينا.
أتدري يا صاحبي من هو هذا السيد ؟ إنه " إمام الجمعة " (1) هو الرجل الذي
*(هوامش)*
(1) لجماعة التقريب صلة بفضيلة السيد حسن " إمام الجمعة " وهو أحد الأعضاء المراسلين للجماعة بطهران.