/ صفحه 314/
لدينا هو أن تزول هذه الخلافات من بيننا، وإن اتفاقنا على الجوهر كفيل بأن يذهب بالخلاف في الفروع.
قال الباكستاني: إن الخلاف في الفروع لا يعتد به، وإن الهدف الذي نتوجه إليه هو اتحاد هذه الأمة حول الأركان، ولقد كنا أعز أمة في الأرض يوم كنا نتبع قواعد الدين ونعمل بهديه. وإن الأصالة التي في الشرق، والقوى الروحية الكامنة فيه، وما لقيناه من الزيف في المدنية الغربيّة، كل هذا يؤدي إلى رفعة الأمة المسلمة، إذا استغل استغلالا حسنا.
قلت هذا صحيح. وإن مصدر الألم واحد عندنا جميعاً. وأملنا واحد أيضا. والطريق إلى بلوغ ما نصبو إليه جد يسير. ولقد كنا، في الهند وفي إيران وفي تركيا، وفي مصر، رسل الحضارات القديمة قبل الإسلام، فلما انتشرت رسالة النبي عليه الصلاة والسلام، كانت أممنا حفظة لحضارة الإسلام، وبلغاتها دونت المدنية الإسلامية. ولا أشك في أن إذكاء الروح الديني في نفوس المتعلمين، سيوجد جيلا من المسلمين يعمل على أن تتحد الأمة، وتكون للإسلام الكلمة العليا، على الأقل بين اهله، وإذا كان الخلفاء في الحرب الأخيرة قد أعلنوا أن حربهم إنما هي حرب المسيحية ضد النازية، فلتكن وحدتنا الإسلامية ايضاً قوة ضد من يعتدي علينا، ولتؤازرنا في النهوض بشعوبنا، والدفاع عن مصالحها، وإن أمة تمتد من المحيط الأطلسي حتى الصين، كفيلة لو اتحدت كلمتها، أن ترفع صوتها في عالم يسعى اليوم إلى التكتل سعياً، وليس لتكتله من أساس كالدين الذي ندين به جميعاً.
وخرجنا من " هذا المسجد " ونحن نتفرس فيه، ونجيل النظر في بهائه، ونرفعه إلى قبابه ومآذنه. وما خرجت منه مرة إلا وأنا أنظر إليه ثم أنظر كأنما هي المرة الأولى التي آراه فيها. في مثل هذا المكان تكمن قوى الروح، لا تنظر إلى ما فيه من فن رائع، ولكن انظر إليهم كيف يفدون إليه للصلاة، وكيف يتركونه متآخين، وفكر لو وجهتهم إلى الخير وهم أصفياء.