/ صفحه 316/
هام تلتقي عنده الجهود، وتتجاوب الأصوات، وتتركز الأعمال الصالحة التي ترمي إلى الأخذ بيد الأمة الإسلامية، وإنهاضها من كبوتها، والسير بها قَدُماً في سبيل العزة والرشاد التي رسمها الله لها.
ومضت الجماعة تؤدي واجبها في مثابرة وهدوء، لا تجنح إلى الإعلان عن نفسها، ولا تتعجل ثمرات الظفر فتقطفها قبل النضج، ولا تقحم نفسها في خلاف مع أحد، ولا تنحاز إلى جانب دون جانب، وإنما تدعو إلى مبدئها بالحكمة والموعظة الحسنة، وتجادل عنه بالتي هي أحسن، واثقة بأن كل لحظة تمر فهي كسب لها، ونصر لفكرتها، وأن وجودها نفسه هو تنبيه دائم، وقرع مستمر لأسماع المسلمين، يذكرهم بأنهم أمة واحدة فلا ينبغي أن يتفرقوا، وأن أهدافهم واحدة فلا ينبغي أن يختصموا، وأن اعداءهم متربصون بهم فلا ينبغي أن يغفلوا.
على ذلك مضت " جماعة التقريب " وفي هذا الجو من التأييد والترحيب والآمال الطيبة قامت وعملت واستقرت، ولكن هل كل ما لقيته " جماعة التقريب " هو التأييد والترحيب ؟ وهل استراح الناس جميعاً إلى صواب فكرتها وإمكان تحقيقها ؟
لقد تساءل بعض الناس: ما هي أغراض تلك الجماعة، وما هي وسائلها، وكيف يمكنها التوفيق بين المختلفين، والتقريب بين المتباعدين، وهل لديها من القوة ما يمكنها من حمل الناس على ما ترى، وإذا عرضت بالبحث لبعض المسائل فهل من أسلوبها أن تطلب إلى المختلفين أن يتنازل كل منهم عن بعض رأيه فيتلاقى مع مخالفه في منتصف الطريق، أو هي ستقف من المختلفين موقفاً وسطاً وتدعو إليها كل طرف، ثم ماذا هي فاعلة مع الطوائف التي تزعم أنها على الإسلام وهي تعتقد ما ينافي الإسلام ؟ وماذا هي فاعلة في الفقه والفروع ؟ أتريد أن تحمل الناس على رأي واحد فتلغي المذاهب الإسلامية ؟ وإن كان كذلك فما هو هذا الرأي ؟ أهو رأي مذهب بعينه من المذاهب الفقهية المعروفة، فيرجع الجميع إلى مذهب