/ صفحه 32 /
عصر النهضة في القرن الثاني عشر، أما القانون الروماني القديم فيرجع إلى الأصول الأولى التي صيغت في الألواح الاثني عشر التي ترجع بدورها إلى أصول متفرقة من الأنظمة والتقاليد السابقة عليه كالأنظمة اليونانية، وعلى الخصوص قانون: (صولون) الإغريقي. ومعلوم أن أحكام هذا القانون الروماني تميزت بالقسوة والإفراط في الشكلية فجاء التشريع فطريا في مبادئه يسقط الحق لهفوة شكلية ويقتل المدين إذا لم يف بدينه، ويعطى الأب حق قتل ابنه أو بيعه، لذلك كان طبيعيا أن يتطور هذا القانون القديم تطوراً في عهود متلاحقة من عهد الجمهورية إلى عهد الامبراطورية، حتى إذا قامت الديانة المسيحية التي لا تتفق تعاليمها مع شكلية ذلك القانون، ظهر في القارة الاوربية إلى جوار القانون الروماني قانون ديني مسيحي هو: (القانون الكنسي) يقضي بأصول تختلف عن الأصول المقررة في القانون الروماني.
أما الشريعة الإسلامية فقد نبتت من أولها متصلة بأحكام الدين التي تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتسعى إلى النية، وتبعد عن الشكلية، وهكذا نجد الأحكام الشرعية منقطعة الصلة بأحكام القانون الروماني القديم، وخاصة من حيث أساليبها الفنية، وأوضح ما يساق على ذلك من دليل المقابلة بين النظم الرومانية التي تميزت أساساً وتفصيلاً بالشكلية المحاطة بالطقوس الرمزية، وبين أحكام الشريعة الغراء التي قامت بصفة أصلية على الرضائية والتجرد من الشكلية والتي تبحث عن النية الحقيقية لتصل إلى الجوهر دون الشكل والمظهر. خذ عقد البيع مثلاً، فهل يكفي أن عرفه العرب، ووضعوا أحكامه ليقال أنهم نقلوه عن بيع الرومان، أين عقد البيع المعروف في الشريعة الإسلامية من عقد البيع الروماني الذي ما كان يتم إلا بطريقة الإشهاد، أو ما قام مقامها، وإلا باستعمال ألفاظ وصيغ معينة موضوعة ؟ وشتان بين هذا البيع الناقص الذي ما كان لينقل إلى المشتري غير (الحيازة الهادئة) وبين عقد البيع شرعاً الذي ينقل الملك العام.
أما أن يتحد موضوع البحث أحياناً وتلتقي الحلول صدفة فذلك أمر طبيعي