/ صفحه 325/
عليه وسلّم أنها قالت في قوله تعالى: (الرحمن على العرش استوى) قالت (الاستواء مجهول، والكيف غير معقول، والاقرار به ايمان، والجحود به كفر"، رواه ابن المنذر واللالكائي وغيرهما بأسانيد صحاح. قال: وثبت عن سفيان بن عيينة رحمه الله تعالى أنه قال: لما سئل ربيعة بن أبي عبد الرحمن: كيف الاستواء ؟ قال: الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، ومن الله الرسالة، وعلى الرسول البلاغ، وعلينا التصديق. وقال ابن وهب: كنا عند مالك فدخل رجل فقال: يا أبا عبد الله " الرحمن على العرش استوى " كيف استوى ؟ فأطرق مالك رحمه الله وأخذته الرحضاء وقال: الرحمن على العرش استوى، كما وصف نفسه ولا يقال كيف و " كيف " عنه مرفوع، وأنت صاحب بدعة، أخرجوه. رواه البيهقي باسناد صحيح عن ابن وهب، ورواه عن يحيى بن يحيى أيضاً، ولفظه قال الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والايمان به واجب، والسؤال عنه بدعة. قال الذهبي: فانظر إليهم كيف اثبتوا الاستواء لله، وأخبروا أنه معلوم لا يحتاج لفظه إلى تفسير، ونفوا عنه الكيفية ".
ومن هذا كله يتبين ان لا خلاف على الحقيقة، لأن الجميع متوافقون على نفي الجسمية عنه تعالى وتنزيهه عن مشابهة الحوادث، كما أنهم متوافقون على الإيمان بما جاء في كتابه الكريم من مثل قوله تعالى " الرحمن على العرش استوى " " إليه يصعد الكلم الطيب " " تعرج الملائكة والروح إليه " " يدبر الامر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه " " يخافون ربهم من فوقهم " وعلى الإيمان أيضا بما جاء من قوله " ليس كمثله شئ "، وكل ما في الامر: أنهم اختلفوا في الفهم والوسيلة إلى التنزيه، وإذن فالقول بأن هذا خلاف في الاصل يترتب عليه بذاته إيمان أو كفر ليس صحيحاً، والله المستعان.
ونكتفي الان بهذا القدر من البحث على أن نرجع إليه في العدد المقبل ان شاء الله تعالى.