/ صفحه 337/
واللباب الخالص في شأن العقيدة، وما ينبغي أن يكون عليه الإنسان من الأخلاق الفاضلة والاعمال الصالحة، وكان سياق الاية الاخيرة بيان أن هذه العقيدة التي دعا إليها الاسلام هي عقيدة المصطفين الاخيار من عباد الله الذين صفت نفوسهم، واستضاءت بنور المعرفة قلوبهم، وأدركوا أن دعوة الله في كل جيل وأمة هي دعوة الله، لا تعدد فيها، ولا اختلاف: " ان الدين عند الله الإسلام " " ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الاخرة من الخاسرين ".
بدأت " سورة البقرة " بحروف ثلاثة تقرأ مقطعة هكذا: ألف. لام. ميم، وشاركها في البدء بالحروف على هذا النحو كثير من سور القرآن، ليس فيها من المدني سوى السورة التي تليها، وهي سورة " آل عمران " " الم. الله لا اله الا هو الحي القيوم نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه، وأنزل التوراة والانجيل من قبل هدى للناس وأنزل الفرقان " أما باقي السور فمكي.
وقد جاءت الحروف المقطعة التي بدئت بها هذه السور كلها، على أنواع: منها ما هو ذو حرف واحد، مثل " ص والقرآن ذي الذكر " " ق والقرآن المجيد " " ن والقلم وما يسطرون " ومنها ما هو ذو حرفين، مثل " طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى " " يس والقرآن الحكيم " " حم تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم " ومنها ما هو ذو ثلاثة أو أكثر، مثل " الم " و " المص " و " المر " و " كهيعص " و " حم عسق " … الخ.
افتتحت هذه السور بالحروف على هذا النحو، ولم يكن هذا الاسلوب معروفا عند العرب من قبل، ولم يكن لهذه الحروف معان في اللغة العربية تدل عليها سوى مسمياتها كحروف هجائية يلتئم منها الكلام، ولم يصح عن الرسول (صلى الله عليه وسلم) بيان للمراد منها، وقد كان الناس ـ لذلك ـ أمامها فريقين: فريق يرى أنها مما استأثر الله بعلمه، فلا يصل أحد إلى معرفة المراد منها، ويروى في ذلك عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه " في كل كتاب سر، وسره في القرآن