/ صفحه 34 /
هذا القانون قد تأثر في بعض أحكام بفقه الشريعة التي سادت حينا طويلاً في بلاد الأندلس.
لا محل إذن للتحدث عن اقتباس على النحو المزعوم في الأحكام بين الشريعة والقانون الروماني. هذا إلى أن أئمة الشريعة فيما جاءوا به قد التزموا الأصول الشرعية ولم يخرجوا عليها وفرضوا على أنفسهم أن ردوا الفروع إلى أصولها من الكتاب أو السنة، وهي أصول معروفة ثابته.
ومع ذلك فمن الممكن أن نتلمس في الحلول الفرعية التي جاء بها بعض أئمة الشريعة، والتي لا تستند إلى مصدر خاص من الكتاب أو السنة، أو الإجماع أو القياس، وإنما تقوم على الاجتهاد البحت أو الاستحسان أو على إقرار مصلحة مرسلة ما يقرب بينها وبين ما قرره القانون الروماني. وليس في هذا من حرج ما دام ليس ثمة حواجز حصينة بين الأمم والشرائع تمنع من تسرب الأفكار من هذه إلى تلك فتتبادل الشرائع الاقتباس، ويجري بينها التبادل والائتناس. فكما صح لنا القول بأن القوانين الأوروبية ربما تأثرت في تفصيلاتها بأحكام ترتد أصلاً إلى الشريعة الإسلامية في فروعهم التي يأخذونها من الكتاب أو السنة أو الإجماع أو الحمل على واحد منها، قد سرت اليهم آراء من غيرهم نقحوها وصقلوها بصقل الإسلام. وقد نسوق مثلاً لذلك نظام (الحكر) في الاراضي الموقوفة الذي لم ينص عليه في الكتاب، ولم تأت به السنة ولم يتصد لبيانه الأئمة الأعلام، وإنما ورد في فروع بعض المذاهب والمقرر أن العرف السائد إذ ذاك في البلاد المصرية والشامية وغيرهما، كان له أثر في إقرار بعض أحكامه، فليس من العسير أن نقرب بينه وبين (عقد الأمفتيوز) المعروف في القانون الروماني، وقد رده البعض إليه فعلا.
لقد تأثرت العوائد والتقاليد في بعض البلاد العربية ـ كمصر والشام ـ بأحكام القانون الروماني، الذي نقل اليها حيناً، وما كان على المجتهد من حرج