/ صفحه 391 /
قلوب كثير من نقادة الرأي والفكر فيهم ـ أن ندعو المسلمين إلى العودة مرة أخرى إلى القومية الإسلامية، وهي كفيلة بتحقيق المساواة والعدل بين الجميع، ووقايتهم من الفلسفات الحديثة التي لا تصلح لهم ولا يصلحون لها ؟
إني أعتقد أننا نستطيع العودة إلى رحاب القومية الإسلامية، عن طريق: وحدة الثقافية، والتقريب بين المذاهب الفقهية، والقضاء على الخلافات الطائفية، وحسن التوجيه السياسي، وعلى (رسالة الإسلام) أن تفهم المسلمين ان مذاهبهم الفقهية، تشبه تماما المذاهب الفلسفية في الدول الأخرى التي لا تلتقي عند هدف، ولا يجمع بينها إلا الشيطان، ومع ذلك لم تفرق جمعاً، ولم تقض على قومية، بينما تلتقي المذاهب الإسلامية كلها تحت راية القرآن، عليها أن تفهمهم ذلك في شأن الفقه، وأن تفهمهم في شأن العقائد ان الله كلفهم الإيمان بأصول بينها لهم بيانا شافياً قاطعاً، ولم يدعها لاختلافاتهم واجتهاداتهم، ثم أطلق لهم عنان البحث والنظر فيما وراء ذلك على أن لا ينكروا نصا، ولا يخرجوا عن أصل قاطع، ولا يعارضوا حكماً علم من الدين بالضرورة، فإذا كان هذا شأنهم، وكان الأمر فيه متفقاً عليه بين ذوي العلم والبصيرة فيهم، فإن أمر الخلاف لا يضر، وإن اعتناق كل طائفة ما تعتنق من رأي، لا ينبغي أن يحول بينهم وبين التعارف والتآلف والتعاون على البر والتقوى، واتخاذ " القومية الإسلامية " شعارهم الأول، وغرضهم الأسمى، فإن الزمان لا ينظرهم، والأعداء لا يحكمون في خلافاتهم ليصلوا إلى حق ينصرونه أو باطل يقمعونه، ولكنهم يحكمون عليهم جميعاً بعدم الصلاحية للتقدم، وتسنم منازل الشرف، فيضربونهم جميعاً، ويهلكونهم جميعاً.
ثم هل لنا أن ندعو قادة العالم إلى الإسلام ليصحح لهم أوضاعهم الخاطئة، ويقيم لهم السلام على دعائهم الأخوة الإنسانية والعدل والرحمة، ويحقق لهم ما يريدونه من تعاون عالمي، وزمالة لخدمة البشرية كلها؟
" سنريهم آياتنا في الآفاق، وفي أنفسهم، حتى يتبين لهم أنه الحق " " والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ".