/ صفحه 40 /
فريضة الحج
فيما علمته وفيما شهدته
لحضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الكبير
الشيخ عبد الوهاب خلاف بك
بنى الإسلام على خمس قواعد، كل قاعدة منها أساس ثابت لتحقيق مصلحة الفرد ومصلحة المجتمع، ولو أقام المسلمون هذه القواعد على وجهها، وقصدوا إلى تحقيق ما أراده الشارع بتشريعها، لصلحت حالهم أفراداً وجماعات، واستحقوا معونة الله وتأييده في الدنيا ورضاه وحسن ثوابه في الآخرة، وأنا أبين في هذه الكلمة بعض ما قصده الشارع من مصالح للفرد، ومصالح للمجتمع في فريضة الحج، ثم أبين بعض ما شاهدته في موسم الحج مما جعل هذه الفريضة شكلية لا روحية، وبعد بها عن تحقيق المصالح التي شرعت لأجلها.
وأولى الأقوال بالصواب أن الحج فُرض على المسلمين في السنة التاسعة للهجرة بعد أن فتح الله عليهم مكة في السنة الثامنة للهجرة، وقد حج المسلمون في تلك السنة التاسعة بإمرة ابي بكر، وحجوا في السنة العاشرة بإمرة رسول الله، وهي حجة الوداع، وفيها في يوم الجمعة يوم الوقوف بعرفة أوحى الله إلى رسوله قوله سبحانه (اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشون اليوم أكملت لكم دينكم وأتمت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً) وقد بكى بعض الصحابة لما تلا عليهم رسول الله هذه الآية، لأنه فهم أن هذا نذير الختام لحياة الرسول (صلى الله عليه وسلم).
قصد الشارع بفرض الحج على المسلمين تحقيق مصالح للحاج نفسه، وتحقيق مصالح الجماعات المسلمين، فأما مصلحة الحاج نفسه فقد أرشد اليها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بقوله فيما رواه عنه البخاري ومسلم: (من حج فلم يرفث ولم