/ صفحه 402/
للإعتصام بحبل الله، واطراح التفرق وعوامل الضعف في أية صورة، لأن أعداءهم اليوم أكثر وأقدر وأصبر من أعداء آبائهم الأولين، ولأن العالم اليوم يمضي قدما، فلا يعذر المتخلفين، ولا يستمع إلى خلاف المختلفين، وجدال المتجادلين.
فهل يصيخ المسلمون إلى هذا النداء ينبعث من قلب يؤمن بالله وكلماته، وينطوي على أعظم الحب لدينه وأمته ؟ هل يتوسعون في تآلفهم وتقاربهم وتعاونهم بإيجاد " جامعة إسلامية " تلم الشعث، وتحيي الأمل، وتخيف العدو، وتسر الصديق ؟ هل يقيمون أمة إسلامية عاملة ناصبة كما أرادها الرسول (صلى الله عليه وسلم)، وكما كانت في أيام سلفنا الصالح ؟ لعمري إن في تحقيق هذا الأمر العظيم، لخدمة كبرى للأمة الإسلامية ومن يعيش بين شعوبها وفي ذمة أهلها من غير المسلمين، إذ هو خير تقوية لها، وزيادة في هيبتها، ورفع لمكانتها بين الأمم، وهو بعد ذلك أمر ضروري لابد منه في زمن أصبح فيه التكتل والتعاون بين الأمم التي تربطها وحدة المصلحة من ألزم الأمور، على أن الوسائل لتحقيق هذا يجب أن تكون متوافرة والموانع يجب أن تكون مستبعدة ومن أهم ذلك أن ينبذ الجميع أسباب الخلاف الطائفي، والنزاع المذهبي، وتلك العصبيات التي كانت من أهم العوامل في إنهاك قوة المسلمين.
وإني أهيب بجماعة التقريب ومجلتها الغراء (رسالة الإسلام) ومؤازريهم في سائر البقاع والأصقاع، أن يثبتوا في هذا الميدان المقدس الذي وضعهم الله فيه، وأن يجاهدوا في الله حق جهاده، لتكون الأمة واحدة، ذات هدف واحد كما خلقها الله ربها الواحد، وكما أرادها رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، والله لا يضيع أجر المحسنين.