/ صفحه 427/
العلماء المحدثين للمادة والطاقة والحيز والزمان، وكيف تطورت بهذا أسس الفلسفة المادية.
لعل السيد عبد الحليم كاشف الغطاء هو الذي عرفته في دار المعلمين العالية ببغداد طالباً للآداب من طلبة الليسانس عندما كنت أستاذا للفيزياء في قسم العلوم بهذه الدار في سني 1941 إلى 1943، وهو ابن العالم الكبير فضيلة الأستاذ الشيخ حسين محمد كاشف الغطاء، الذي تشرفت بمقابلته في النجف، ولا شك أن كاتب المقال قد ترك في نفسي لا من اليوم بل من سنين خلت أحسن الأثر، فهو من الباحثين المجدين.
ولعله وأمثاله يوالون قراء العربية بمثل هذه البحوث القيمة.
لقد أرجعني مقالك إلى نحو من الشعور الذي يبلغه الإنسان في الليل عن النظر إلى النجوم المنتشرة في الفراغ، وأرجعني إلى شئ من التأمل في هذا الكون وأنت تتحدث عن النظرية القديمة للمادة أن لها وجوداً مستمراً في الزمان والمكان، وعما تسميه النظرية الحديثة بتمثيل هذا الوجود المستمر بخط مستمر في الزمان والمكان، خط ينحرف بحالة مستمرة مكوناً انحناء تمثل كل نقطة منه حادثة وجود المادة في لحظة معينة.
لقد رجعت وأنا أطالع سطورك إلى الكون العظيم الذي نعيش فيه، هذا الكون الذي تزداد معارفنا عنه من أيام كوبرنيك ونيوتن وجاليليه إلى أيامنا هذه التي يصح أن نسميها أيام بلانك وأينشتاين ودي بروي، وهم من العلماء النظريين المحدثين بل نسميها أيام مدام كوري وبكارل.
وأتوهان من العلماء المحدثين المشتغلين بالعلم التجربي، وجلست في ليلة مظلمة لا قمر فيها، أتأمل أن هذا النجم الذي أراه من مجموعة الدب الأكبر، ماثلاً أمام عيني، كما يمثل أمام أعين جميع الناس، قد خرجت فوتوناته هذه التي تقع على رتينة العين، وتحدث هذا الاثر، الذي نسميه الإبصار قبل وجود الجنس البشرى، ترى هل هو موجود الآن ؟ أم أننا نرى أحداثه السابقة ؟ ومع ذلك فأننا نعده