/ صفحه 431/
والاخر والظاهر والباطن وهو بكل شئ عليم، هو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم أينما كنتم والله بما تعملون بصير " " رضي الله عنهم ورضوا عنه " " وكلم الله موسى تكليما " " وناديناه من جانب الطور الأيمن وقربناه نجيا " " إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون "، " ورحمتي وسعت كل شئ " " ليس كمثله شئ وهو السميع البصير " " لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير " إلى غير ذلك من الآيات التي جاءت بإثبات صفات لله تعالى، وإسناد أفعال إليه، وآمن بها السلف الصالح كما جاءت دون إلحاد في أسمائه وصفاته، أو تلاعب وعبث بالخوض في كيفية ثبوتها، أو محاولة إدراك كنهها، وهل هي زائدة على ذاته تعالى، أو هي عين ذاته، لأن صفات الله كذاته، مما لا سبيل إلى معرفته معرفة كنه وحقيقة من طريق الفكر والعقل، فقد خلق الله العقول وأعطاها قوة، وجعل لها حدا تقف عنده، فإذا سلطت على ما هو خارج عن طورها، اضطربت وركبت متن عمياء، وخبطت خبط عشواء.
هذا الأصل كان يائدا في المؤمنين على عهد سلفنا الصالح، فكانوا عليه متوافقين، وعنده واقفين، فلما عقدت مناظرات الكلام، ومجادلات أهل التفلسف، نبتت مباحث الذات والصفات، من أن الأخيرة عين الأولى أو غيرها، وأن الاسم عين المسمى أو غيره، وأن صفات الله قديمة كقدمه أو بقدمه، وأنه عليم بعلم، وقدير بقدرة، أوعليم بلا علم وقدير بلا قدرة، وأن من لوازم هذا أو ذاك تعدد القدماء أو التعدد غير لازم، وظاهرٌ ان هذاكله خوض فيما لاطائل تحته، ولم يكلفنا الله به، وأن المختلفين فيه لو حرروا محل النزاع لوجدوا أنهم متفقون وأن الأمر أيسر وأقرب من أن يتنازعوا فيه هذا التنازع، ويضطربوا في بيدائه هذا الاضطراب، واليكم أيها القراء نسوق تحقيقا لابن القيم يوضح به منشأ هذا الاختلاف، فقد ذكر في كتابه " بدائع الفوائد " بعد أن أوضح الفرق بين الاسم والمسمى ما نصه: " وإذا ظهر الفرق بين الاسم والمسمى فبقي هنا