/ صفحه 47 /
في دياجير التقليد، ولا عجب إذا أنكر من أنكر منهم، انحلال العقائد والإلحاد ولو بعد حين.
إن سلطان الدين على ضمائر الناس لا يقاوم، وأن الوازع الروحي لا يقوم مقامه وازع آخر في إصلاح النفوس وردعها عن الشر وتربيتها تربية قيمة.
لقد وضعت نظم اقتصادية واجتماعية واشتراكية، قالوا: إنها تسعد البشر، وتنقذ الإنسانية، ثم اتضح أنها لم تهذب إلا مظاهر الإنسان ولم تنفذ إلى ما وراء ذلك، أما باطن الإنسان، فقد بقي فارغاً، لا يملؤه إلا وازع الدين، ولا يسيطر عليه إلا العقيدة بوجود خالق حكيم، ومن ذلك اتضح أن الوازع الظاهري أو المادي الذي يتمثل في سلطان الدولة من تشريعية وإجرائية وقضائية لا يتعدى تأثيره ظواهر البشر، ولا يتصل بالبواطن والسرائر، وهيهات أن يسد مسد الوازع الديني في الإنسان.
وثبت البشرية وثبتها المعروفة، وتقدمت إلى الإمام في العصور التي سارت فيها على هدى الشريعة الإسلامية، سياسياً واجتماعياً واقتصادياً، وتمتعت في العصور المذكورة بقسط لا يستهان به من السعادة والطمأنينة، لم يحلم به في عصورنا الحديثة عصور النظم والديمقراطية والاشتراكية، ومن ذلك يتضح أن الإسلام شريعة خالدة، غير قابلة للنسخ كما قال مشرعها عليه أفضل الصلاة والسلام. وأن الباطل لا يأتيها من بين يديها ولا من خلفها قط.
لا شك أن العقيدة الإسلامية منيت بالمروق والعقوق من قبل كثير من أبنائها، وقد كثر سواد المفتونين والمقلدين من أبنائنا، وزاغوا عن الإسلام، بيد أن هؤلاء المقلدين والمفتونين لا يلبثون بعد ما مر بنا من العبر في الزمن الاخير أن يرجعوا إلى حظيرة الدين نادمين منيبين إلى الله. والخلاصة: أنه سيبقى الإسلام عاملاً فعالاً في حياة البشر يعمل على جعلها مثلاً أعلى في السمو والشرف والكمال.
وصلى الله على سيدنا محمد المرسل بهذه الشريعة الغراء صلاة نامية في شهر مولده وفي كل شهر وعام.