/ صفحه 82/
المغرب الإسلامي
للأستاذ المجاهد السيد محي الدين القليبي
يبتدئ تاريخ المغرب الإسلامي بصفته بلداً " إسلامياً " له آثاره في مختلف نواحي الاوطان الإسلامية، ومختلف خطواته أثناء تطوره وانتشاره في أواخر القرن الأول للهجرة، أو بالأحرى في أيام عبد الملك بن مروان عند ما ولى عليه حسان بن النعمان الغساني للمرة الثانية، فأنشأ منه هذا الوالي بحصافته ولاية إسلامية تتمتع بكامل استقلالها الاداري، وتعود أمورها السياسية العامة مباشرة إلى مقر الخلافة الاموية دون أن يكون لعمال مصر أي سلطان عليها كما كانوا يحاولون، وعلى الرغم من أن ظهور النزعات المناوئة لحم الامويين من شيعة وخوارج لم يكن بصفة فعالة إلا بعد ربع قرن من هذا التأسيس، فإنه مما لا شك فيه أن العناصر الأولى التي استطاعت أن تثير على الخلافة الأموية ما أثارت من زوابع في المغرب وانتهت بفصله نهائياً عن الخلافة في أوائل الدولة العباسية كانت موجودة من قبل ذلك فيمن نزح إلى المغرب من جنود وأساتذة ومهاجرين.
على أن جميع الاطوار التي مرت بالمغرب الإسلامي من لدن استقراره كبلد اسلامي حتى الان، والتي اصطبغت بشتى النزعات والأهواء كانت تدل على شئ واحد في جوهرها، وهو وحدته كوطن واحد في جميع مقوماته من طبيعية وملية ولغوية، تلك الوحدة التي تجلت أحياناً في طابع سياسي عام، كما وقع في دولتي الفاطميين والموحدين، وفي مد وجزر إقليميين، كما وقع في مختلف الدول التي نشأت فيه خلال هذه المدة الطويلة، والتي لم يتفق أن استقرت على حدود معينة في فترة من فتراتها، وبهذا نستطيع أن نفهم العلة التي جعلت الاختلاف المذهبي الذي لعب في المغرب الإسلامي دوراً خطيراً لم يؤثر فيه كوطن واحد بكل معاني الوحدة على اتساع رقعته التي تمتد من حدود مصر الغربية إلى المحيط الاطلسي