/ صفحه 83/
ومن شواطئ البحر الأبيض المتوسط إلى الصحراء الكبرى، وبهذا أيضاً نستطيع ان نفهم العلة في أن الحدود التي أقيمت منذ السيطرة العثمانية عليه بين أجزائه وقسمته إلى أربع مقاطعات ـ ليبيا وتونس والجزائر ومراكش ـ لم تحل دون تاثر كل قطر من هذه الاقطار بما يحدث في القطر الاخر من أحداث، فعلى الرغم من أن السياسة الايطالية كانت تحاول تبديل الجنس العربي بالجنس الإيطالي في طرابلس، كما حاولت ذلك من قبل فرنسا في الجزائر، إن هاتين المحاولتين يرجع الكثير من إخفاقهما إلى وجود دولتين محميتين، إحداهما تونس الواقعة بين طرابلس والجزائر، والأخرى المغرب أو مراكش الواقعة في الطرف الأقصى من المغرب الإسلامي، فالصورة الدولية الشكلية التي بقيت لهاتين الدولتين كانت عاملاً فعالاً في إحباط محاولات الإبادة والإدماج في كل من الجزائر وليبيا المستعمرتين استعماراً مباشراً، وبهذا كله يتضح السبب الرئيسي في فناء معظم النزعات والمذاهب التي كان لها دعاة وأنصار في المغرب الإسلامي، والتي لم يبق منها الا المذهبان الحنفي والمالكي اللذان يسودان الأغلبية الساحقة من سكانه، ثم المذهب الاباضي من مذاهب المُحكَّمة الذي لا تزال من أنصاره بقايا تذكر بدولة بني رستم الاباضية المذهب والتي قامت في الجزائر الغربية قبيل منتصف القرن الثاني على أن هذه المذاهب على اختلافها استطاعت أن تحيا بعضها مع بعض في وئام، كما سنبينه في الفصل الآتي ان شاء الله.