/ صفحه 18/
شعب من الشرق
يضرب مثلا
لحضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الكبير
الشيخ محمد عبد اللطيف دراز
مدير الأزهر والمعاهد الدينية
إن للشعوب الإسلامية لعبرة عظمي من هذا المثل الذي ضربه شعب شقيق مسلم، هو شعب "إندونيسيا" المجاهد، فقد أصر هذا الشعب على نيل حقوقه كاملة غير منقوصة، وعلى أن يتمتع بمركز يليق به في هذا العالم الذي لا يعرف المتخلفين، ولا يرحم المستضعفين، ولا يستمع إلى شكاوي العاجزين.
ولكنه لم يجعل هذا الغرض أملا يداعب رءوس أبنائه، أو دعاء يتوجه به إلى الله في علاه، راغبا إليه أن يغير سنته فينصره وهم لم يغير ما بقلبه، وإنما أخذ لهذا الغرض أهبته، وأعدله عدته، وكان أهم شيء في ذلك أمران: التضحية‌ وإنكار الذات.
فأما التضحية‌ فقد جعلتهم أمة جعلتهم أمة مجاهدة باسلة تخيف أعداءها، وترهب المغتصبين لحقوقها، وقد سرت حمياها في جميع أفراد الشعب، من أكبر رجل فيه، إلى أصغر طفل، فكان يبلغنا أن كبار الأغنياء يخرجون أموالهم وأملاكهم، ويتركون متاجرهم ومزارعهم، ليعطوا المجاهدين أموالا وأنفسا وسواعد قوية، وأن النساء كن يتبارين في رفض الزينة والتحلي ليوفرن أثمان البنادق والقنابل اليدوية الصغيرة لفتيان أحيائهن، وليلقين عليهم دروسا في البسالة، ويبعثن في قلوبهم الإقدام والشجاعة، وأن الأطفال كانوا يتسللون إلى معسكرات الأعداء في الظلام حيث الجنود الحاشدة، والمنايا الراصدة، فيلقون عليها لفافات "الغاز والبنزين"