/ صفحه 196/
عناصرُ وُجُود الأمة الإسلامية
لحضرة صاحب الفضيلة الأستاذ الدكتور محمود فياض
أستاذ التاريخ الاسلامى بكلية أصول الدين بالأزهر
ـ2ـ
تحدثنا إلى القاريء الكريم، عن التوحيد والوحدة في العدد السالف، وخلصنا من ذلك الحديث إلى أن القرآن الكريم بدعوته إلى توحيد الله وعبادته وحده وتقريره الوحدة بين الموحدين، أبرز إلى الوجود لأول مرة فكرة الأمة المكلفة والجماعة المسئولة، مسئولية حقيقية لا رمزية، تتناول الفرد بصفة فردا، ثم بصفته عضوا في الأمة المسئولة، وهذه فكرة جديده لم يعرفها العقل البشرى ـ بهذا الشكل الاسلامى ـ إلا من القرآن، ولذلك كان القرآن ثورة على فكرة "الذاتية" أو "الفردية" التي أخذت بزمام الانسانية عصورا طويلة قبل الإسلام، ولا تزال حتى الآن تجد أنصارها من "الفلاسفة النفعيين".
وعل أساس "التوحيد والوحدة" قام الاجتماع الإسلام، وتقررت الحقوق والواجبات للفرد والجماعة، ووضعت أسس الحكم، والضمانات الازمة لحفظ النظام والرخاء والسلام في المجتمع، ولقد تقرر ذلك كله على أنه دين لازم، لا على أنه كمال يبتغى كما تبتغى الكماليات، وإلى القاريء بعض البيان.
2ـ الحرية والأخوّة والمساواة:
إذا كان الخالق واحدا، ونسبة خلقه إليه واحدة، وهم عبيده لا سيادة لغير الله عليهم، فهم جميعا أحرار ودرجاتهم في الحرية واحدة، ليس إنسان عبدا لإنسان، ولا معبود لإنسان "و من يقل منهم إنى إله من دونه فذلك نجزيه جهنّم.