/ صفحه 343/
تَفْسيْرُ القُرآنِ الْكريمْ
لحضرة صَاحِب الفضيلة الأستاذ الجَليل الشيخ محمود شَلتُوت
سُورَة آل عِمْران
أجملنا في العدد السابق مقاصد سورة (آل عمران)، وبينا وجه تسميتها بهذا الاسم، وقنا: إن السورة برزت فيها العناية بأمرين عظيمين، لمراعاتهما في حياة الأمم والأفراد أثر عظيم في السعادة الدنيوية والأخروية، وللإعراض عنهما ـ على العكس من ذلك ـ عواقب وخيمة، تودى بالأمم، وتوقعها في الفساد والاضمحلال والدمار، هذان الأمران هما: تقرير الحق في مسألة الألوهية، وإنزال الكتب وما يتعلق بهما من أمر الدين والوحى والرسالة، وتقرير العلة التي من شأنها ـ إذا انحرفت إليها النفوس، وتعلقت بها القلوب، وصارت الهدف الذي لا يعرف غيره في الحياة ـ أنْ تصْرف الناس عن معرفة الحق، والخضوع لسلطانه، والعمل بمقتضاه، وأن تملك عليهم حواسهم ومشاعرهم، وتصرف قلوبهم عن التدبر والتفكر في كنه هذا العالم وما يقوم عليه من أعمال وصلات، وما يصير إليه من حساب وجزاء، هذه العلة هى الحرص على زخارف هذه الحياة، والوقوف عند ظاهرها الذي لا يمتُّ إلى فضيلة، ولا يوحى بخير أو صلاح: