/ صفحه 368/
الشخصْيّة المحدّية
تحت ضوء المقررات النفسية الحديثة
بناء المجتمع الإسلامي
لحضرة صاحب العزة الكاتب الكبير
الأستاذ محمد فريد وجدى بك
مدير مجلة الأزهر
الذي تقرر في علم الاجتماع الإنسانى أن أول مايولد الاجتماع يظهر على حالة أسَر تعتزى لجد بعيد العهد أو قريبه، فيعيش الشعب الكبير على هذه الشاكلة مئات من السنين في حالة تناحر بين هذه الأسر، فاذا بلغت بعض هذه الأسر درجة أرقى مما كانت عليه في الحياة، واضطرتها الحالة المعاشية إلى التعاون، نشاً فيها ميل للتضام والتساند؛ ميل طبيعى لا أثر للاختيار فيه؛ فتصبح هذه الأسر الكثيرة أمة تجاورها أمم، فتعيش جميعها تحت سلطان النواميس الاجتماعية العامة على النحو الذي رأينا عليه الأمم التاريخية، وكما نرى عليه الأمم اليوم من العلاقات المتبادلة، التي تقتضيها الحياة الانسانية العامة.
ومما يجب ذكره أن الأمم التي تتألف حديثا، لا تولد حاصلة على جميع مميزات الاجتماع طفرة، بل تحدث فيها قلاقل واضطرابات لامناص منها، وقد تطول مدة هذه الاضطرابات، وتمنى الجماعة منها بعنت شديد، ثم تنتهى هذه الاضطرابات بعد أن تزول جميع أسبابها، ويعيش الآحاد في ظلال الاجتماع آمنين مطمئنين حتى تعصف بأمتهم عوامل الانحلال، فتفنى في مجتمعات أخرى، وفى التاريخ العام عبرة للمتأملين.