/ صفحة 141 /
بين الإسلام والنصرانية:
الحروب الصليبية
لحضرة صاحب الفضيلة
الأستاذ الكبير الشيخ محمد عبد اللطيف دراز
مدير الجامع الأزهر والمعاهد الدينية
ترادفت الحروب الصليبية على الإسلام والمسلمين من أهل أوربا منذ سنة 1095 إلى سنة 1270 ميلادية، وكان باعثها الأول هو ما أحسه كبار القساوسة ورجال الكهنوت، وفي مقدمتهم البابا أوربان الثاني من قوة الإسلام ومتانة مبادئه، وسرعة انتشاره، مع ضآلة الجهود التي تبذل في الدعوة له، وقوة الجهود التي تبذل في التبشير بالمسيحية.
وقد عقد هذا البابا مجمعين عظيمين، حضر هما سفراء الملوك المسيحيين، وازدحما بالوافدين إليهما من كل صوب، وبذل في كل منهما جهداً عظيما في إقناع الحاضرين بخطر الإسلام على المسيحية، وأفتنَّ في إثاره حماستهم الدينية، وكان داهية من دواهي السياسة فضلا عن مركزه الكهنوتي الكبير، فأثروا به تأثيراً شديداً، وخرجوا من لدنه هائجين، تغلى دماؤهم، وتصطك من الغيظ أسنانهم، وتكاد عيونهم ترمي بالشرر، وزاد حماستهم وغيظهم ما قصه عليهم الراهب بطرس الذي كان قد عاد ذلك العام من حجه إلى بيت المقدس، إذ وصف لهم في صورة مثيرة للعواطف ما يلاقيه المسيحيين من الكروب والأهوال والإهانات